اخبار عمان سارة العبربة
شهد الاقتصاد العُماني خلال السنوات الأخيرة تحولات مهمة ساهم فيها جهاز الاستثمار العُماني بدور محوري في دعم التنمية المستدامة وتنويع مصادر الدخل الوطني؛ حيث تجاوزت قيمة أصول الجهاز 20 مليار ريال عُماني في عام 2024، وبلغت الأرباح المحققة نحو 1.585 مليار ريال، منها مساهمة مباشرة في الميزانية العامة للدولة بقيمة 800 مليون ريال تقريبًا.
وخفّض الجهاز مستوى الضمانات الحكومية من 3.4 مليار ريال في نهاية 2023 إلى 1.8 مليار ريال في نهاية 2024، وسدّد ديون الشركات التابعة له بما يزيد على 1.8 مليار ريال، مما يعكس استدامة مالية قوية وكفاءة في إدارة الموارد.
المشروعات الوطنية والتنمية المحلية
وتركز استثمارات الجهاز على قطاعات استراتيجية تشمل الطاقة المتجددة، البنية التحتية، السياحة، التعدين، والصناعات التحويلية، وقد نجح الجهاز في تنفيذ خمسة مشروعات وطنية بارزة خلال 2024 بتكلفة إجمالية بلغت نحو 322.7 مليون ريال عُماني، شملت محطات للطاقة الشمسية، مشاريع تحلية مياه، شبكة صرف صحي، ومجمعات صناعية لتصنيع وتعبئة المنتجات الغذائية. كما جذب الجهاز استثمارات أجنبية مباشرة بلغت 3.348 مليار ريال عُماني، موزعة على الطاقة بنسبة 68%، والسياحة والتعدين بنسبة 32%، ما يعكس قدرة الجهاز على تعزيز تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى الاقتصاد العماني.
دعم القطاع الخاص
لم يقتصر دور الجهاز على الاستثمارات الكبرى؛ بل شمل أيضًا دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتمكين رواد الأعمال؛ إذ خصص الجهاز نحو 265.5 مليون ريال لدعم هذه المؤسسات، منها 139 مليون ريال لحاملي بطاقة ريادة الأعمال. ونتيجة لهذه المبادرات، ارتفعت نسبة المؤسسات المحلية المشاركة في سلسلة التوريد إلى 19.7%. كما قام الجهاز بتوظيف 1393 مواطنًا عمانيًا في شركاته التابعة، وارتفعت نسبة التعمين إلى 77.7%، متجاوزًا المستهدفات الموضوعة البالغة 800 وظيفة، ما يعكس جهوده في دعم التنمية البشرية وتوفير فرص عمل مستدامة للمواطنين.
تنويع المحفظة
على الصعيد المحلي، استحوذت محفظة التنمية الوطنية وصندوق عُمان المستقبل، اللذان يختصان باستثمارات الجهاز داخل سلطنة عمان، على نسبة 63% من أصول الجهاز، بينما تتوزع نسبة الـ37% المتبقية على محفظة الأجيال التي تمتد استثماراتها في أكثر من 50 دولة حول العالم. وعلى الصعيد الدولي، استثمر الجهاز في شركات عالمية متخصصة في التكنولوجيا والطاقة والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى صناديق رأس المال المخاطر لدعم الشركات الناشئة، بهدف نقل الخبرات والتقنيات الحديثة إلى السوق المحلي وتعزيز الاقتصاد المعرفي.
وفي فبراير 2025، أعلن الجهاز استثماره في صندوق Golden Gate Ventures السنغافوري المعني بالشركات الناشئة، برأسمال 100 مليون دولار أمريكي، ويهدف الصندوق إلى استثمار في الشرق الأوسط، ودعم الشركات العُمانية الناشئة.
كما استثمر الجهاز في سبتمبر 2025 عبر محفظة الأجيال في شركة “سيلينس لابس”، ومقرها أوكسفورد في المملكة المتحدة، إلى جانب استثماره فيها عبر شركتي “أوكسفورد ساينس إنتربرايزز” و”كامبردج إنوفيشن كابيتال” اللتين تربطه بهما علاقات استثمارية قائمة؛ وذلك تعزيزًا لاستثماراته في تقنيات المستقبل والذكاء الاصطناعي.
وأوضح الجهاز أن استثماراته من خلال محفظة الأجيال شملت شركتي Rotary Engineering Pte Ltd السنغافورية التي ارتفعت إيراداتها بنسبة 19% في 2023 مقارنة 2022 وIntervias S.A. البرازيلية، ضمن جهوده لتوسيع حضوراته العالمية.
وفي أكتوبر 2025، وقع جهاز الاستثمار العُماني شراكة إستراتيجية جديدة مع شركة أذربيجان للاستثمار القابضة، لإنشاء صندوق استثماري مشترك بقيمة 77 مليون ريال عُماني مناصفةً بين البلدين؛ بما يعكس التزامًا متوازنًا لبناء شراكات طويلة الأمد بينهما، بما يشكّل فرصة مهمة لتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي بين البلدين الصديقين.
الحوكمة والشفافية
ويتميز الجهاز بمستوى عالٍ من الحوكمة والشفافية، حيث اعتمد مبادئ الإفصاح والحوكمة الحديثة وفق المعايير الدولية، وحصل على المرتبة الثانية عالميًا بين صناديق الثروة السيادية في مؤشر تطور أداء الحوكمة والاستدامة بين 200 صندوق عالمي، بنسبة نمو بلغت 28% بين عامي 2022 و2023.
وأثبت جهاز الاستثمار العُماني دوره في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق عوائد ملموسة على المدى القصير والطويل، ودعم التنمية المحلية من خلال مشروعات تنموية حقيقية، وتوظيف المواطنين، وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال. كما ساهم في إقامة شراكات استراتيجية إقليمية وعالمية، مما فتح أبوابًا للاستثمار في قطاعات واعدة وتوسيع دائرة التعاون الاقتصادي مع دول المنطقة والعالم. وفي الوقت ذاته، يواجه الجهاز تحديات تتعلق بالانتقال نحو اقتصاد معرفي مستدام، وإدارة المخاطر المرتبطة بالاستثمارات الدولية، وضمان استدامة العوائد المالية على المدى الطويل.
