علي بن بدر البوسعيدي

 

قبل أسبوع توجهت إلى صلالة، للمشاركة في أعمال القمة العالمية للابتكار الصناعي، والتي نظمتها جريدة اخبار عمان، ورغم حرصي الدائم على الوصول إلى المطار قبل إقلاع الطائرة بوقت كافٍ من أجل إنهاء الإجراءات وأخذ قسط من الراحة قبل بدء الطيران، إلّا أنني فوجت بتأخر موعد إقلاع الرحلة من مسقط لمدة تزيد عن الساعتين، دون سابق إنذار، وحتى دون أي اعتذار من شركة الطيران.

تأخرت الطائرة لأكثر من ساعتين، ولم تفكر الشركة حتى في تقديم كوب ماء لن أقول عصيرًا لأي راكب، رغم أن من بيننا كبار سن وأطفال ونساء، ومع ذلك تجاوزنا الأمر وقلنا إن هذه أمور تحدث في كبرى مطارات العالم، لكن كانت الصدمة الكبرى عند عودتنا من صلالة إلى مسقط، حيث تأخرت رحلة الإقلاع من هناك أيضا، فيما بدا أنه سوء تنظيم في جدول الرحلات، وأداء ضعيف للغاية من شركات الطيران، ومن المؤسف أن نجد ذلك في ذروة موسم سياحي استثنائي وفريد من نوعه، في المنطقة بأكملها، فيما نأمل أن تتضاعف الأعداد كل سنة، ونجذب المزيد من السياح إلى ظفار في موسمها السنوي، الذي تهوي إليه أفئدة الباحثين عن الاسترخاء والسياحة في أجواء غائمة ومناظر طبيعية خلابة لا مثيل لها.

في الحقيقة، حزنتُ كثيرًا لتكرار تأخر الطائرة، وما زاد حُزني أنني عندما سعيت للشكوى قيل لي إن هذه المواقف تتكرر يوميًا في رحلات صلالة، الأمر الذي أصابني بالحيرة! وتساءلتُ كيف وصلنا بهذا الحال ونحن نملك أفضل المطارات وأفضل أنظمة الملاحة والمراقبة الجوية. ورغم أن البعض يرى أن مثل هذه التأخيرات تعد “استثناءً” لطبيعة الموسم السياحي والازدحام الكبير في أعداد الركاب، لكنني كمواطن غيور على بلدي، لا أريدُ للاستثناء أن يتحول إلى قاعدة عامة وسلوك متكرر، وهو أمر يجب الانتباه له بشدة وحرص.

وهذه المسألة تقودنا إلى مسائل أخرى وظواهر بتنا نراها تتكرر في المجتمع، فمثلًا تراجع الأداء في قطاعات مختلفة إن لم يكن جميع القطاعات، أمر لا يجب التهاون معه والسماح به، وأصبحت هناك حالة من الإحباط تنتشر بين الكثيرين، وهناك العديد من المواقف اليومية التي تنعكس بالسلب على سلوك الجميع، من مواطنين ومقيمين، منها السياقة المتهورة من البعض، وخاصة الشباب، وانتشار المخدرات والمؤثرات العقلية، وسهر الشباب في الشوارع والحارات وأسفل المنازل والبنايات حتى أوقات متأخرة من الليل، تتعالى صرخاتهم وضحكاتهم. أضف إلى ذلك تعرض البعض لحالات غش تجاري ونصب عبر شبكات تبيع الوهم وتسعى للربح السريع، ومن المؤسف أن نجد بعض من يُسمون بـ”المشاهير” يروجون لهذه العمليات الاحتيالية، دون رقيب أو حسيب.

إنَّنا تطورات الأوضاع من حولنا في المنطقة والتحديات التي نمر بها داخليًا في مجتمعنا، تفرض على الجميع، حكومة ومجتمعًا ومؤسسات، التحرك سريعًا من أجل احتواء الظواهر السلبية، ونشر الثقافة العُمانية الأصيلة، ذات الصفات الحميدة والطيبة المعروفة بين الجميع، فعُمان تستحق الأفضل دائمًا؛ فهي الوطن الغالي والحُضن الدافئ والملاذ الآمن، في عالم يموج بالصراعات والحروب والفِتن.

شاركها.