محمد بن رامس الرواس

 

يشهد المجتمع الدولي اليوم وتيرة متسارعة من المتغيرات التي تطال كافة جوانب الحياة وأولها زعزعة الثوابت الدينية والثوابت الوطنية، وثانيها زعزعة سلوكيات الفطرة السليمة وذلك من خلال استخدام التطور التكنولوجي الهائلة بكافة وسائله وتقنياته.

وفي خضم هذه المتغيرات، حَريٌّ بنا أن نقف بجانب سلطنتنا الحبيبة عُمان لتظل شامخة بثوابتها الراسخة ومبادئها الأصيلة التي تشكل الدرع الحصين في مواجهة التحديات المستجدة على الفطرة والقيم الإيمانية والسلوكية، لا سيما تلك المتعلقة بالانحرافات السلوكية والشبهات الفكرية.

إن المجتمع العُماني مجتمع متجذر في قّيمه الإسلامية والعربية الأصيلة لكن شأنه اليوم شأن بقية المجتمعات الأصيلة يواجه التحديات التي تفرضها العولمة والانفتاح على ثقافات العالم المتنوعة بخيرها وشرها، وهذه التحديات قد تتسلل وتتمثل أحيانًا في شكل انحرافات سلوكية لا تتوافق مع الأعراف وتقاليدنا المجتمعية أو قد تظهر في هيئة شبهات فكرية تحاول المساس بأسس عقيدتنا السمحة وفطرتنا السليمة.

ومن ذلك انتشار الأفكار الدخيلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية التي تتطلب يقظة وحصانة فكرية للحفاظ على هوية المجتمع وقّيمه النبيلة. وعلى سبيل المثال نشهد اليوم انتشارًا واسعًا للمعلومات المضللة والشائعات المغرضة عبر المنصات الرقمية التي تهدف أحيانًا إلى زعزعة الثقة أو نشر الارتباك بالمجتمع في لضرب جذوره الراسخة، لذلك أصبح التثبُّت من الأخبار عبر الرجوع إلى المؤسسات الدينية والرسمية والمعرفية والمجتمعية ضرورة لما تمثله هذه الجهات من مصادر موثوقة ضد هذه الشبهات.

كما إن تبني بعض الشباب أنماط حياة وعادات مستوردة لا تتوافق مع الهوية العُمانية الأصيلة يمثل تحديًا حقيقيًا لزعزعة الهوية الوطنية؛ إلا أن التمسك بالعادات الوطنية والاجتماعية التي تُبرز التراث العُماني وتُعزز الانتماء هي ركيزة أساسية للحفاظ على تميزنا الثقافي بالمجتمع الدولي.

تتمثل الثوابت العُمانية في قيم التسامح والاعتدال، واحترام الآخر والاعتزاز بالتاريخ والتراث العريق، وهذه الثوابت ليست مجرد شعارات؛ بل هي نتاج عقود قرون من التراكم المعرفي والتجربة الإنسانية صقلتها حكمة القيادات الرشيدة التي سعت دائمًا إلى تعزيز اللحمة الوطنية وصون النسيج الاجتماعي الواعي.

إنَّ الأسرة العُمانية سليمة الفطرة بهويتها الوطنية تُعد نواة راسخة تمارس دورًا حيويًا في غرس هذه القّيم والثوابت في نفوس الأجيال الشابة وتحصينهم ضد أي محاولات للتشويه أو التفكيك، كما إن التصدي للانحرافات السلوكية والشبهات الفكرية يتطلب منهجية شاملة تبدأ بتعزيز الوازع الديني والأخلاقي، وتفعيل دور المؤسسات التربوية والتعليمية في بناء الوعي الفكري، وتزويد الشباب بالأدوات اللازمة للتمييز بين الغث والسمين، كما يتوجب على المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة أن تلعب دورًا بنَّاءً في نشر المحتوى الهادف الذي يعزز القّيم الإيجابية بالمجتمع ومحارب الأفكار الهدامة الضالة.

وختامًا.. إنَّ كل فكر شاذ يُشوِّه الفطرة وكل شبهة ضالة تطعن في الإيمان وكل سلوك منحرف يفكك الأسرة ويفتت اللحمة المجتمعية، هو تهديد لوجودنا وهويتنا، لذلك تظل ثوابتنا العُمانية هي المنارة التي تهدينا في زمن المتغيرات، وهي الحصن المنيع الذي يحمينا من كل ما يمكن أن يمس أصالتنا ويشوه فطرتنا، والتمسك بهذه الثوابت ليس خيارًا؛ بل هو ضرورة حتمية لضمان مستقبل مزدهر لأجيال قادمة تتمسك بهويتها وتعتز بقيمها.

شاركها.