اخبار عمان

عُمان والاقتصاد البنفسجي | جريدة الرؤية العمانية

 

 

خلفان الطوقي

 

 

قسَّم المتخصصون الاقتصاد إلى عدة ألوان، ومن هذه الألوان الاقتصاد البنفسجي والذي يُعتبر فيه العامل الإنساني عاملا وعنصرا جوهريا، والذي بدوره يكون قيمة مضافة للاقتصاد الوطني والناتج المحلي لأي دولة، ويتقاطع هذا النوع من الاقتصاد في كثير من الأحيان مع بقية أنواع الاقتصادات ومع بقية الألوان.

ولتسهيل فهم مصطلح الاقتصاد البنفسجي، يمكن عرض نماذج تدل على تدخل العامل الإنساني كالصناعات الحرفية واليدوية التقليدية، والألعاب الشعبية، والأكلات المحلية، والنزل التراثية، والأحياء التاريخية، والأزياء القديمة الزاهية، والمخطوطات النادرة، والقلاع والحصون والأبنية الهندسية التاريخية، وغيرها من مكنونات لعب الإنسان فيها دورًا جوهريًا.

وعند ذكر هذه الأمثلة أعلاه نجد دون أدنى محل للشك أن سلطنة عُمان متقدمة بمراحل عن غيرها من الدول، ليس تحيزًا وإنمّا واقعًا ملموسًا ومشهودًا له من الآخرين، وأفضل دليل على ذلك المواقع العُمانية المذكورة في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة مثل قلعة بهلا ومدينة قلهات التراثية ومقابر وآثار بات والخطم والعين وأرض اللبان، أنظمة الري عن طريق الأفلاج، اضف إلى ذلك إدراج الشخصيات العُمانية السبعة في برنامج اليونسكو كالفراهيدي وأحمد ابن ماجد ونور الدين السالمي وابن الذهبي والهاشمي وأبي مسلم البهلاني، كما تم توثيق رقصة البرعة، وتفاصيل الأعمال المرتبطة بالنخلة، ويمكن مضاعفة المواقع والشخصيات والفنون العُمانية بمضاعفة الجهد والتركيز.

واقعيا، فإنَّ السلطنة غنية بالعامل الإنساني والثقافي والتراثي والبيئي والتاريخي، ويتضح ذلك في صور وأشكال عديدة، وهذا هو العامل المميز لها، بمعنى أن قوتها تكمن فيما تملك، ويمكنها الاستفادة من ذلك إلى أقصى حد ممكن، وبذلك يمكن تفعيل الاقتصاد البنفسجي ليكون داعماً مؤثرًا للاقتصاد الوطني.

وعليه، لا يمكن أن نبدأ من الصفر من ناحية، ولا يمكن أن يضيع الزخم بين فترة وأخرى عن هذا الثراء الإنساني والحضاري، ولا يكون ذلك إلا بخلق سردية مستمرة لأهمية هذه العناصر المثرية، وذلك بتكامل الجهات المعنية وانصهارها مع بعضها البعض بين فترة وأخرى، خاصة وأن كل هذه العناصر متوفرة، والمسؤولية تكمن في تجميعها وإبرازها والترويج لها محليا وإقليميا وعالميا.

 لن يتأتى ذلك إلّا بوضع برنامج وطني تشارك فيه أكثر من جهة كوزارة المالية من خلال البرنامج الوطني “استدامة”، ووزارة الاقتصاد، ووزارة الثراث والسياحة وبعض الجهات الأخرى كحديقة النباتات العُمانية وشركة عمران ومركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، ووزارة الثقافة والرياضة والشباب وأذرعها الاستراتيجية كمركز الشباب ومجمع عُمان الثقافي، ومكاتب المحافظين والبلديات، وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وشرطة عُمان السلطانية من خلال الجمعية العُمانية للسيارات ونادي عُمان للرماية، ويمكن للأكاديمية السلطانية للإدارة وجامعة السلطان قابوس تقديم الدعم من خلال تصميم مبادرات وبرامج ممنهجة جاذبة وعصرية تستطيع من خلالها تحقيق المستهدف منها، والدعم الإعلامي من وزارة الإعلام من خلال مركز التواصل الحكومي، وغيرها من الجهات الداعمة من القطاع الخاص والمؤسسات المدنية بشكل مباشر وغير مباشر.

الخلاصة.. الاقتصاد البنفسجي لا يعمل منفردًا؛ بل يحتاج التعاون والتكامل والانسجام والوعي من المسؤولين وبقية الفرق التنفيذية بأهميته، والجهد الممنهج، إلى جانب تركيز يتسم بالاستمرارية لكل نهج وثقافة ثابتة، وجهد لا ينقطع، وزخم عالٍ. وإن اجتمعت هذه العناصر، سوف نرى اقتناص مزيدٍ من الفرص، ومبادرات ثقافية وترفيهية، وعوائد مضاعفة مالية وغير مالية تدعم الاقتصاد الوطني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *