محمد بن علي بن ظعين البادي

منذ عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد طيّب الله ثراه وحتى العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم أبقاه الله حافظت سلطنة عُمان على نهجٍ راسخٍ من الحكمة والسلام، ما أكسبها احترام العالم وثقته.

وبفضل موقعها الجغرافي وحنكة قيادتها، لعبت السلطنة دورًا متوازنًا في السياسة الدولية، ووقفت دومًا مع الحق والعدل، مدفوعة بتاريخ أصيل وشعبٍ حكيم.

واليوم، وبعد موجة العدوان الإسرائيلي على إيران، تواصل عُمان القيام بدورٍ إنساني وأخلاقي نبيل، تسعى من خلاله لتهدئة الأوضاع، ومنع تجدُّد الفتن، وصون كرامة الإنسان، بما يليق بثوابتها وموقعها المسؤول في المنطقة.

ومع أن نيران المواجهة قد خمدت مؤقتًا، يبقى موقع سلطنة عُمان الجغرافي، المتصل مباشرة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، عاملًا يزيد من حساسية المشهد ويُضاعف من مسؤوليتها. فدورها اليوم ليس مجاملة سياسية، بل واجبٌ تمليه الجغرافيا والتاريخ، وتفرضه المبادئ الراسخة لعُمان في الوقوف إلى جانب الحق ونبذ الظلم.

ومع أن وقوف سلطنة عُمان إلى جانب الحق نابعٌ من ثوابت راسخة، فإن دول مجلس التعاون الخليجي تبقى في صدارة الأولويات، ومحورًا أساسيًا لهذا التوازن. وقد عبّرت السلطنة عن هذا المبدأ بوضوح عندما أُدين ضمنيًا استهداف قاعدة العديد بالصواريخ الإيرانية، معتبرةً ذلك عملًا مرفوضًا، وانتهاكًا للسيادة الخليجية، لا يمكن القبول به، خصوصًا تجاه دولة شقيقة في هذا الإقليم المترابط.

إنّ ما قامت به إسرائيل من اعتداءاتٍ صارخة على الأبرياء، لا يمكن تبريره أو السكوت عنه. وموقف عُمان في نصرة المظلوم ليس ترفًا سياسيًا، بل واجبٌ أصيل يليق بتاريخها ومبادئها.

وهكذا تمضي عُمان، على طريقها الأصيل، لا تنجرُّ خلف الانفعالات، ولا تساوم على مبادئها، ثابتة حين يتقلب الآخرون، وعادلة حين يسكت العالم. تحمل راية السلام بيد، ولا تتخلى عن نصرة الحق باليد الأخرى، لأن الإيمان بالحق لا يكتمل إلا بالوقوف الشجاع عند اشتداد الأزمات. وستبقى عُمان بإذن الله صوت الحكمة في زمن الضجيج، وضمير الأمة في زمن التخاذل.

شاركها.