اخبار عمان

فشل البروباجاندا الصهيونية | جريدة الرؤية العمانية

حمد الناصري

 

كما يعلم الجميع أنَّ اللبنة الأولى لتأسيس الحركة الصهيونية وضعت خلال مؤتمر الحركة الصهيونية لسنة 1897م في بازل بسويسرا، ذلك المؤتمر الذي أسست فيه الحركة الصهيونية كحركة علمانية بأهداف دينية بزعامة ثيودور هرتزل، ومنذ يومها الأول قامت الحركة الصهيونية على أسس كاذبة ووهمية في العمل على إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين وفق قاعدة شعب بلا وطن أي اليهود لأرض بلا شعب أي فلسطين وصدقت الشعوب الغربية تلك الكذبة لعقود وتعاطفوا مع القضية الصهيونية ودعموها ولم يكونوا يصدقون بوجود شعب اسمه الشعب الفلسطيني حتى بدايات الألفية الثانية.

ومما مهد الطريق لتحقيق كذبة دولة إسرائيل البروباجاندا الصهيونية والتي رافقت أحداث الحربين العالميتين ووثقت الكثير من تفاصيلها ومنها الهولوكوست بطريقة تساعد الصهاينة على تحقيق أهدافهم وأيضًا من العوامل المساعدة كان امتلاك الصهيونية الإمكانيات المادية والإعلامية المحركة لتلك الحملة، مما فتح الطريق للوصول إلى العقل الغربي المُتحيز أصلًا ضد العرب والمسلمين، وتمكنت الدعاية الصهيونية من إيصال رسالتها الكاذبة إلى المتلقي اليهودي الغربي أولًا ثم المتلقي الفلسطيني والعربي والمجتمع العالمي في أحقية اليهود “المساكين” بالعودة إلى “وطنهم فلسطين”! علمًا بأنَّ أغلبيتهم الساحقة ليست من فلسطين أصلًا؛ بل من يهود الأشكيناز الغربيين.

وكان الداعم الأول لتلك الحركة كما هو معروف بريطانيا، التي يحسبها العرب والمسلمون دولة صديقة بينما كان رئيس حكومتها ووزير خارجيتها هو أول من منح الصهاينة حقًا في أرض فلسطين من خلال وعد بلفور عام 1917.

ومن المواقف المعلنة نشير إلى موقف حزب العمال البريطاني بزعامة السير كير ستارمر، والسير كير ستارمر سياسي وأكاديمي بريطاني ولد 1964، وقاده فوزه التاريخي في انتخابات الحزب في يوليو من عام 2024 إلى تعهدات، كان قد وعد بتنفيذها، بما أسماه مكافحة “معاداة اليهود داخل الحزب” أي حزب العمال البريطاني. وقد انقلب ستارمر على سلفه جيرمي كوربن الزعيم اليساري وقد كان مناصرًا له، وطرده من الحزب وخلفه من بعده خلفًا أضاع فيها مواقف سلفه في مناصرته للقضية الفلسطينية، متخليًا عنها بعد أن واجه الحزب العمالي تهم مُعاداة السامية، ثم ما لبث كير ستارمز بعد فوزه برئاسة الحزب، بالتخلي عن عدد من تعهداته التي قطعها أثناء حملته الانتخابية، ومنها إلغاء الرسوم الدراسية الجامعية وتأميم شركات الطاقة والمياه.. وبذلك أطلق عليه خصومه تهمة “خيانة الوفاء بالوعود”.

ولو عدنا إلى تاريخ الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط لوجدنا أن أول من مارس الإرهاب في المنطقة هي العصابات الصهيونية مثل الشتيرن التي أسسها البولندي أبراهام شيترن وتعد من أكثر المليشيات الصهيونية شراسة.. والهاجاناه التي تأسست في القدس عام 1921م بهدف الدفاع عن حياة اليهود وممتلكاتهم، بعيدًا عن سلطة الانتداب البريطاني. والهاجاناه، قامت بتدريب الشابات والشباب على عمليات الحراسة والدفاع عن المستوطنات اليهودية في القدس. وأما الإرجون؛ فهي منظمة سرية صهيونية نشأت في القدس الأراضي الفلسطينية إبان الانتداب البريطاني واستمرت حتى نكبة 1948، وقيام ما أصبح يعرف بدولة إسرائيل. وكانت أول عملية ارهابية صهيونية نفذتها عصابة الإرجون في 22 يوليو 1946، في مدينة القدس؛ حيث قامت مجموعة من تلك العصابة بتفخيخ وتفجير فندق الملك داوود، الذي اتخذته حكومة الانتداب البريطانية في فلسطين مقرًا لها في ذلك الوقت؛ مما أدى إلى سقوط أكثر من 93 قتيلًا جلهم من البريطانيين، وكان مناحيم بيجن الذي أصبح لاحقًا رئيسًا لوزراء إسرائيل والذي نال جائزة السلام الدولية زعيمًا لتلك المجموعة وكان من ضمن المطلوبين بتهمة الارهاب للحكومة البريطانية. وهزت تلك العملية الارهابية أرجاء العالم وأدانته يومذاك أجهزة الإعلام البريطانية وثارت الحكومة ووصفته بالعمل الإرهابي، ورغم ذلك كله فقد تم في عام 1978 منح مناحيم بيجن جائزة نوبل للسلام وهي أعلى جائزة دولية! في مغالطة اخلاقية وتأريخية.

خلاصة القول.. إن الدعاية الإسرائيلية خدعت أغلب شعوب الأرض لعقود طويلة بررت بواسطتها العشرات من مجازرها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان والقانون الدولي التي ارتكبتها عصابات تلك الدولة اللقيطة وكان لمعركة طوفان الأقصى الدور الأعظم في فضح تلك الممارسات وتفنيد تلك الدعاية بالبراهين والأدلة والشهود مما أكسب القضية الفلسطينية تعاطفًا غير مسبوق عالميًا وأوربيًا.

إن دماء أطفال فلسطين قضت على خدعة “الهاسبارا” ودبلوماسية الشرح المُضلِّل الإسرائيلية وهسْبرة وصف مؤيديها وفضحت ما كانت تدعي أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وجعلت كل صراخ الصهاينة وجهودهم في ثمانية عقود تذهب أدراج الرياح.

ولا زلنا نأمل من المجتمع الدولي ومؤيدي العدالة وحقوق الإنسان، أن يقفوا وقفة حقيقية لإيقاف المجازر الجارية في غزة فورًا، وأنَّ الدعاية الإسرائيلية لم ولن تتمكن من طمس الحقائق بعد الآن وقد انكشفت اسرائيل أمام العالم كدولة إجرامية عدوانية وهي ترتكب أفظع المجازر أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي في أكبر عملية إبادة بشرية في التاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *