اخبار عمان

قصة الوادي الصغير (16) | جريدة الرؤية العمانية

 حمد الناصري


ترأس” ثابت” قيادة التحالف الجديد “تحالف الوادي الصغير” وبحث معهم، رُؤية إنقاذ بحر الاعراب والبحر الكبير والمَمر الضيّق وكثبان الرمال وسيح المالح من الغُرباء ذو الوجوه الحُمر المُكتنزة، والقضاء على المُتعاونين معهم ومعرفة تفاصيل نواياهم، ووقف مُخاطبًا جمع كبير من الرجال:

ـ إنّ الأقدار التي حلّت برمالنا وبحرنا لن تكون النهاية ولن تكون أبدية، وطُموحنا إلى مُستقبل يُؤدي إلى إشراقة جديدة، وغاية مُتجددة وفق رُؤية مَددها عزم وإصْرار من لَدُنّا، ونحن على خطها سائرون وعازمون إلى الوصول إلى أهدافنا وفق زمنها وحريصين على بلوغ الاهداف وتحقيق رؤية شاملة، ومن خلالها نستطيع أنْ نتجاوز عقبات عليها جبال غليظة، تعترض طريقنا، ارتجّت منها رمال الوادي وسُوّيت مُددها كحال مُنتصف عُمر أحدكم، وأنّ رجال الوادي الصغير هُم المَعنيين بهذه الرُؤية.. وهي عبارة عن تصورات مُستقبلية لأهدافنا وتحديد غايات لأجيال قادمة وصُولاً إلى تحقيق الرؤى.؛

وقد أعددنا خطة دقيقة لِسَير عَمل مُنظّم وفقاً لظروف كل مرحلة، وحددنا فترة زمنية، إلى أجَلٍ مَعلوم، وقد وضعنا جميع الاستثناءات العاجلة والحالات الطارئة التي تحتاج إلى مُعالجة سريعة أو إلى تنفيذ عاجل وضُرورة مُلحة تُؤخذ بعين الاعتبار.

وخُطّتنا البعيدة المدى واضحة ومَسارها مُنظم، ونسير وِفْقَها بكفاءة عالية وبشكل مُتدرج وكأولويّة الهدف منها، امتداد إلى الجوار البحر أو العودة إلى الساحل الطويل أو الامتداد إلى أبعد من التحالف، وخِطة التسليح تتضمّن تكوين قوة دفاعية لمجتمع الوادي الصغير ورمال الاعراب، وليست بالضرورة امتداد وتوسّع.. طبعاً لا، لن يتوسّع سيح المالح على حساب جيراننا، ولن يتوسّع الوادي الصغير بحراً أو رمالاً ولكن الخِطة بأهدافها وأولويّاتها ومسارها وغاياتها، نُصوّبها إلى استقرار قرية البحر وقرية التراث وقرية الجبل الاعلى والقرية العتيقة، وتلك مُبررات سليمة في التحالف الجديد وأعطت دفعاً مَقبولاً للوصول للأهداف المرجوة فالخِطة التسليحية كمَسار قوة وكفاءة لا مسار امتداد وتوسّع، ولا هيَ مُبرر لأي طرف شرقي او غربي على حد سواء.. وهدفنا في التحالف الجديد، إبْقاء الارض والرمال والبحر والجبل في تحالف آمن وسليم بعيداً عن تحالفات شرقية وغربية.؛

صمت.. لوقت بدا طويلا. ثم هَمْهَم في نفسه وأردف:

ـ لكُلّ خِطة زمن ورجال، وغايتنا تصحيح الأمور كبداية ثمّ التحوّل إلى الطموح وتحقيق الوصول إلى الأفضل، ومن أهدافنا زيادة الدخل واستغلال ما في أرضنا من كنوز وخيرات، وليس الاكتفاء بما لدينا… أدار نظرهُ في الجمع المُتحلّق حوله، وواصل حديثه.. أيها الاخوة لم أهِب نفسي لأحد، فأكون زاهداً كما يُريدون ولا كسولاً فأكون بلا حياة ولا عجوزاً مُنشغل بالخيبات ولا مِثالياً دون مَطبّات.. أنا إنسان أتوق إلى العلياء بنجاح وأصنع لنفسي سعادة لتكون هدفاً ومسار حياة.؛ وغايتنا في رمال الوادي تحقيق أهداف وخِطة مُحدّدة، وبرُؤية تُمكّن من الانتقال إلى مرحلة هامّة، وفي كلّ مرحلة من مَسيرتنا.

ورجالنا عازمون على تحقيق تحوّلات جدّية في اخبار عمان المُستقبلية وقادرون إلى الوصول إليها بأمان وسلامة واطمئنان.

 

قال المستشار غلام الباشق مُداخلاً:

ـ دعوني أكمل ما بدأه ، السيّد ثابت ، فقد تعوّدت أنْ أحدثكم بصدق ، وأقول الحقيقة كما هيَ ، فليس من الحِكمة الآن أنْ نتوقف عن دعم خِطّتنا وتحقيق الأهداف ، فنحن نتوق إلى رُؤية مُستقبلية سليمة وكما رُسِمت ، ولا بُد من وضع إجراءات صارمة لتنفيذ الخِطة وتحقيق الأهداف وصُولا إلى الغاية المرجوة ، ولا غرو فقد لَمسنا في الجانب الشرقي ـ الغُرباء الشرقيين ـ ذوي العيون الزرقاء ، النيّة السليمة لتنفيذ رُؤيتنا المُتجددة وتحمّلهم بمسؤولية لمُستقبل تكوين المهارات ورفع كفاءة الجانب البشري وإنجاح مراحل التجديد وما يتناسب مع كل عُمر وكل فرد ، وقد بَيّنوا لنا هذه المسؤولية ، بأنها على وجهين ، أحدهما مُعلن ، مكشوف للناس والآخر مُبطّن لا يَعلمه إلاّ قليل ممَن عَهِدنا إليه أسرارنا مِن المُقربين والمُكلّفين بأمانة تسيير رُؤية المُستقبل.

    التفت السيّد ثابت إلى غلام الباشق، يُشير إليه بالتوقف بعينين صامتتين “حركة عُرف بها ثابت” ونظرة مليئة بمهابة تسكنها حمحمة خفيفة، وتهذيب لطيف، وصوت موزون بكلمات تصل إلى عُمق النفس وتنساب بأمل تحقيق الرّفاه على ارض الاعراب.؛

وبعد النظرة الصامتة توقّف “غلام الباشق” واستأنف السيّد ثابت حديثه للجمع المُتحلّق حوله، قائلاً بصوت هادي، متمكّن، مُؤثر وذكي:

ـ لا ريب، نحن مُتلهفون للوصول إلى غاية ننشدها، وإلى قوة تصون لنا كرامتنا وترفع من مقام عزتنا، وتدفعنا إلى شموخ الرجال وإلى العَهْد الذي عاهدنا عليه شُركائنا الشرقيين، ذوي العيون الزرقاء، ورغبة الوصول إلى رؤية المُستقبل لتحقيق الأهداف بالخِطّة التي اتخذناها وتوافقنا عليها.. ولا شكّ فقد مَنحناهم حظاً أوفر من حظّ الغربيين ذوي الوجوه الحُمر المُكتنزة بالتوغّل في الجبال والرمال واكتشاف الكنوز التي تُساعدنا في تنمية اقتصادنا المحلي، وتلك منافع لنا، وتأتي من ضِمْن الأهداف والغايات المُتّفق عليها.. والشرقيين يَدعمون موضوع تحديد امتداد المياه البحرية للبحر الكبير، وتأسيس نظام جديد مُستقل في الساحل الطويل، ونظام مُماثل لقرية البحر الضيّق، ونظام في الرمال ونظام لقريتا التراث والقرية العتيقة، على أن يكونا على نفس المُستوى الذي تتضمّنهُ أنظمة التحالف الجديد سالفة الذّكْر.

وتعزيزاً للشورى بيننا، نُخبركم بأنّ ذلك الاتفاق، حضره كلّ من غلام الباشق مُستشارنا الذي نثق به، والرجل الأمين يحيى الشرّاني الذي منحناهُ ثقتنا ليكون أمين للوثائق السرية في رؤية المُستقبل. وحمل الاتفاق اسم “رؤية المُستقبل”.

قال رجل من بين الحضور من الحارة الخامسة ويُكنى بـ أبو صالح:

ـ إني لأعجب من قولك، هل هذا درس جديد في التمسّك بالأرض والانتماء لها أم هو سَرد تأريخي عن قِيَم التعاون وتبادل المنافع.؟ بالله عليك، دعني أسألك، كيف يكون هناك توافق ووئام في مُتحد وتحالف وأنظمة مُتجاورة وساحل وبحر وامتداد وفْق نظرة الغرباء؟

 ألا تعي شيء من فهم وقليل من فكر مُستنير، أنّ رمال الاعراب للأعراب أنفسهم، لا جوار بحري من غير جوار رمالنا، ولا مُتحد شامل غير مُتحدنا ولا تحالف من غير تحالف أمّة الاعراب.؟ حتى وإنْ بدا تحالفنا مع الكُبار أو مع القوتين في البحر والرمال فالجوار البحري يبقى جوار بحري ولا يزيد قيد أُنملة، ولا ينبغي أن نعدّهم من أمة الاعراب، فعلاقة الجوار تُعَزّز بتكوين أواصر مُتقاربة، مُتعاونة لا اعتداء بينها.؛

فجأة نظر في الجمع، وأخذ يُحملق في الوجوه، فاستأنس لها، كأنها تدعمه، وأنكر على ثابت قوله واتفاقه مع الغربيين والشرقيين ودعاهُ أنْ يُقرّر مصلحة التحالف الجديد وتمتم، نصيحتي، ألا تتفرّد بقرار سيادي دون إجماع الناس.

وذهب في تفكير بعيد، يُحَدّث نفسه، ويتراءى له الحال الذي عليه الحارات وسيح المالح والرمال والقريتين والممر الضيّق، وينظُر إلى ثابت ويُؤكد في قرارة نفسه بأنه هو السبب.؟

بدتْ حركة مُناهضة غامضة يقودها الرجل ذي النظرة الحاقدة لقرار ثابت وما قدّمه للشرقيين من تنازل دون إجماع.؛ وقال للذين تهامس معهم.. اختلافنا مع ثابت هو بقدر تقريب الغُرباء وتمييزهم عن بعضهم، فكل الغُرباء لهم مآرب في الوادي الصغير وفي الرمال وفي البحر الكبير، ولن نُبقيهم على أرض الاعراب حتى يتحقق لنا إخراجهم ونُحقق غايتنا وأهدافنا على أرضنا ورمالنا وبحارنا.؛

الشمس والقمر دائبين في سَير مُستمر، نور مُتوهج وهدوء يتلازم ويأتلف وسماء مُهيبة ونجوم ترتع في عليائها، تتحالف مع بعضها وتتناغم، تمدّ الحياة بمسيرة لا تتوقف.؛

يتبع 17

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *