نبيل بن محمد الهادي
لقد جُبل الإنسان في طبيعته على أن يكون في سياقات مكتظة من حياته التي لا تخلو من التناقضات. وهذا أمر طبيعي ووارد جدا خاصة وأن تلك الحياة هي أيضا مركّبة وقد تكون على غير ما نود المضي فيه.
ومن هنا فإن الوقوع في دائرة الصراع أمر طبيعي جدا ومسلّم به، حيث إن المحاولة الحقيقية تتمثل في الخروج منه بأقل الخسائر حسب واقعنا المعيش..
وقد أفلح من تزكى!!!
لهذا فإن ما نشهده في دواخلنا من آراء وأفكار هو أقرب إلى كونه أدوات تفكيك لما يقع فيه البعض من اتخاذ قرارات فاشلة في حياتهم اليومية وخاصة العملية، وهذا أمر طبيعي جدا.
ونحن هنا لسنا بصدد التنقيب وتتبع العثرات بقدر ما يعد مرورًا على ما يمكن النظر فيه بعين المتبصر حالًّا ومن باب كلمة حقٍّ يجب أن تُقال.
فالرسالة الأسمى التي نود التركيز عليها في هذا المقام هي أن المنعطفات في اتخاذ القرارات سواء كانت إيجابية أو سلبية يحتاج فيها المرء إلى شجاعة حتى لا يجلد ذاته بسببها لاحقًا ويرى من الصعب الرجوع عنها أو إعادة النظر فيها وحتى لا تدخل في نفسه الوساوس بأن هذا الأمر الذي وقع كان نتيجة لتلك المنعطفات وأمرًا مدبرًا من أيادٍ خفية جعلته يقدم على هذا القرار الفاشل.
وبطبيعة الحال فإن النجاح في أغلب الأمور يتطلب بحثًا وتأنّيًا، وله حسابات خاصة تسهم في تحقيق الهدف وجني الثمار والتعايش بروح الاطمئنان، كما أن القرار الفاشل تتبعه محاولات إثبات على المستوى الشخصي ماديًّا ومعنويًّا، فعلى المستوى المادي صنع ذلك الوهم الواهي أن ما يقوم به هو الصواب وعين العقل، وعلى المستوى المعنوي شعوره بما يلحقه من حسرة وتأنيب الضمير..
لا شك أن ثمّة تجارب قاسية تعيشها بعض الفئات بكل أسف تتمثل في تتبع نتائج ما أقدمت عليه من قرارات ونتائج على أرض الواقع، ولأنها في حقيقة الأمر ذات طابع سلبي قاتم، فهي تفتح عليها أبواب الصراع النفسي بما في ذلك النكد الذي يؤجج الصراع “حتما” بين ما يعيشه، وبين ما كان بالإمكان وهو ترك تلك القرارات والنتائج لتقبع في مغبة النسيان، مع البحث الحقيقي عن حياة وتجارب أخرى تقود إلى النهوض من جديد لأن الفشل في حقيقته هو بدايات لتصحيح الكثير من المسارات.
فالحياة التي نعيشها مرة لا تتكرر ولا يمكن حينئذ البكاء على اللبن المسكوب كما يُقال. وبالإصرار والعزيمة نحقق ما نود الوصول إليه..