سعيد آل فنه

 

القرار الوزاري الصادر عن وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، لتنظيم تحويل ملكية سفن الصيد الحرفي من النظام الفردي إلى النظام المؤسسي، قد يشير إلى أنه خطوة تسعى لتطوير وتنظيم قطاع الصيد البحري، وتهدف إلى تحقيق كفاءة أعلى وإدارة مستدامة، إلّا أنه في الوقت نفسه يُثير قلقًا عميقًا بشأن تداعياته المحتملة على الصيادين الحرفيين المحليين الذين يمثلون الركيزة الأساسية لهذا القطاع. 

وبينما تسعى الوزارة لتطبيق معايير مهنية وتنظيمية متقدمة تُحمد عليها، إلّا أن تأطير عمل الأطقم ضمن بيئة عمل مؤسسية، هو تحول قد يكون غير صحي ويشكل إجحافًا بحق شريحة واسعة من الصيادين المحليين في كافة أنحاء البلاد، ويتهدد استدامة مهنة الصيد الحرفي المتوارثة في سلطنة عُمان.

وفيما يلي نوضح أبرز ملاحظاتنا على القرار:

1 نزع الملكية الفردية وتجريد المهنة: يكمن الخطر الأكبر في أن هذا القرار قد يؤدي فعليًا إلى سحب مهنة الصياد الحرفي منه، وتحويله من مالك مستقل لسفينة الصيد إلى مجرد عامل أو مساهم في مؤسسة أو شركة. وهذا التحول يعني فقدان السيطرة المباشرة على مصدر رزقه وعمله الذي مارسه لسنوات طويلة واكتسب فيه خبرة الأجيال.

2 عقبة التراخيص المؤسسية والبيروقراطية: الانتقال إلى “متاهات التراخيص المؤسسية” يتطلب إجراءات إدارية، مالية، وتنظيمية معقدة قد لا يستطيع الصياد الحرفي البسيط، خاصة كبار السن، تلبيتها. هذا التعقيد قد يجبر الكثيرين على الخروج الطوعي أو القسري من المهنة والتخلي عن ملكيتهم لصالح كيانات أكبر وأكثر قدرة على تلبية المتطلبات المؤسسية الجديدة.

3 تمكين شركات القطاع الخاص والسيطرة الاحتكارية: القرار يفتح الباب واسعًا أمام شركات القطاع الخاص ورؤوس الأموال الكبيرة للسيطرة على أساطيل الصيد الحرفي التي ستتحول إلى مؤسسات. هذا قد يؤدي إلى احتكار الثروة السمكية، وزيادة الضغط على موارد الصيد لتحقيق أقصى ربح، مما يتعارض مع مبادئ الإدارة المستدامة الحقيقية.

4 تهديد التوارث المهني والأمن الاجتماعي: الصيد الحرفي في عُمان هو تراث متوارث جيلًا بعد جيل، ويشكل مصدر أمن غذائي واقتصادي واجتماعي للمجتمعات الساحلية. وهو أكثر من مجرد نشاط اقتصادي؛ إنه يمثل جزءًا أساسيًا من هوية المجتمعات الساحلية ونسيجها الاجتماعي. كما يلعب دورًا حيويًا في تحقيق الأمن الغذائي ودعم الاقتصاد المحلي.  

وعلى الرغم من الأهداف المعلنة للقرار في تحسين جودة الأداء التشغيلي والسلامة البحرية وكفاءة استخدام الموارد، فإنَّ الغاية لا تُبرِّر الوسيلة إذا كانت على حساب الصياد المحلي ومستقبله. ويجب على الوزارة أن تدرك أن تحويل سفن الصيد الحرفي إلى ملكية مؤسسية قد لا يعزز التنافسية بالضرورة، بل قد يخدم مصلحة الكيانات الكبيرة على حساب الصغير، ويفشل في تمكين الصيادين كما هو معلن. وبدلًا من سحب المهنة وتكبيل الصيادين بالمتطلبات المؤسسية، كان يمكن تحقيق التطوير عبر تأسيس التعاونيات الحرفية وتمكين الصيادين فرديًا من رفع كفاءتهم دون تجريدهم من ملكيتهم ومهنتهم.

وختامًا.. إنَّ هذا القرار، وبهذه الصيغة، يضع مستقبل الصيد الحرفي العُماني على المحك!

شاركها.