◄ توقيع اتفاقيات بـ62.1 مليون ريال لتنفيذ مشاريع داعمة للقيمة المحلية المضافة
◄ الطائي: تدريب وتأهيل الباحثين عن عمل يندرج ضمن تعزيز المحتوى المحلي
◄ القصابي: القيمة المحلية المضافة ركيزة أساسية لتحقيق “الاستراتيجية الصناعية 2040”
◄ الجابري: “تنمية نفط عُمان” أسهمت في إنشاء 83 منشأة صناعية محلية لتعزيز الإنتاج
اخبار عمان ريم الحامدية سارة العبرية
تصوير/راشد الكندي
رعى صاحب السمو السيد محمد بن ثويني آل سعيد، أعمال الدورة السادسة من منتدى عُمان للقيمة المحلية المضافة، والتي عُقدت تحت عنوان “سيناريوهات المستقبل.. المحتوى المحلي من الامتثال إلى صناعة الأثر”؛ بمشاركة نخبة من المسؤولين وصناع القرار والخبراء.
واستهل حاتم بن حمد الطائي الأمين العام رئيس اللجنة العليا أعمال المنتدى بكلمة ترحيبية، أكد خلالها أن جهود تعظيم القيمة المحلية المضافة، قطعت شوطًا كبيرًا؛ حيث لم يعد الحديث عن المحتوى المحلي مجرد نظريات وأطروحات على الورق؛ بل تحوّلت إلى واقع اقتصادي واجتماعي وتنموي نشاهده ونلمسه كل يوم في مختلف القطاعات، لكنَّ ذلك لا يعني أننا وصلنا إلى الأهداف المنشودة، وإنما حققنا عدة أهداف وما يزال أمامنا الكثير من أجل العمل على تحقيقه.
وقال الطائي: “لقد كُنا معكم على مدار 6 دورات من انعقاد هذا المنتدى البالغ الأهمية، وكان لنا قصب السبق في طرح هذا الموضوع للنقاش العام، مع المُختصين والخبراء وأصحاب العلاقة، ونحمد الله أن الجهود التي بُذلت تحت مظلة هذا المنتدى، كان لها الأثر المحمود في صدور قرارات واتخاذ إجراءات تدعم نمو القيمة المحلية المُضافة”.
وأضاف الأمين العام للمنتدى: “في هذه الدورة نتطرق إلى المحتوى المحلي وجهود تعظيم أثره في المنظومة الاقتصادية وبين أفراد المجتمع، لكن دعونا أولًا نُسلِّط الضوء على مفهوم المحتوى المحلي، والذي يُعبِّر بصورة أساسية عن شأن اقتصادي محلي، ويعني ببساطة بذل كل الجهود من أجل إبقاء رؤوس الأموال والاستثمارات داخل المنظومة الاقتصادية المحلية، دون الاضطرار إلى إنفاق جزء منها في الخارج، لا سيما فيما يتعلق بالمشتريات من السلع والخدمات والمواد الخام أو المُصنّعة؛ سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص”. وشدد الطائي على أن الحديث عن المحتوى المحلي وإحداث أثر جليّ، يقودنا للتأكيد على أهمية التوطين، وأقصدُ هنا توطين الصناعات والمشاريع الاستثمارية، وكذلك توطين الوظائف.
وأبرز الأمين العام للمنتدى مسألة توطين الوظائف، وأكد أن مصطلح “التوطين” أكثر دقة من “التعمين” الذي تتبناه الحكومة منذ عقود طويلة. وقال: “تأتي أهمية توطين الوظائف، ليس من أجل توفير أكبر عدد منها لأبناء المجتمع وحسب؛ بل لضمان أن هذا الشاب العُماني سيحصل على التدريب والتأهيل اللازمين، لتمكينه في العمل، ومساعدته على الترقي الوظيفي المُستحق عن جدارة، ومن ثم نقل خبراته إلى إخوانه من الشباب العُماني الساعي والراغب بجدية في بناء وطنه والإسهام في مسيرة تطوره وتقدمه”.
وأشاد الطائي بالجهود التي تبذلها الجمعية العُمانية للطاقة “أوبال”، لتدريب وتأهيل العاملين في قطاع النفط والغاز، وفق أعلى المعايير ومستويات الكفاءة، علاوة على جهود كلية الدراسات المصرفية والمالية وكذلك جمعية المصارف العُمانية، في تأهيل وتدريب منتسبي القطاع المصرفي بشكل عام.
الكلمة الافتتاحية
وألقى المهندس خالد القصابي مدير عام الصناعة بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار الكلمة الافتتاحية لأعمال الدورة السادسة؛ حيث أكد أن عنوان الدورة السادسة من المنتدى “من الامتثال إلى صناعة الأثر.. سيناريوهات المستقبل”، يعكس مرحلة نضجٍ جديدة في مسيرة المحتوى المحلي؛ حيث تتجاوز الجهود حدود الالتزام الإجرائي لتتحول إلى منظومةٍ متكاملةٍ لصناعة القيمة الوطنية الحقيقية القابلة للقياس، عبر شراكاتٍ تجمع الحكومة بالقطاع الخاص والمجتمع في سبيل تحقيق التنمية المستدامة.
وقال القصابي: “لقد أولت الاستراتيجية الصناعية 2040 تعزيز القيمة المحلية المضافة أهميةً بالغة؛ بوصفها ركيزةً أساسية لتعزيز تنافسية القطاع الصناعي، وتوطين سلاسل الإمداد، وتمكين الكفاءات الوطنية، وجذب الاستثمارات النوعية”. وأكد أن وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار تعمل على مواءمة برامج المحتوى المحلي مع هذه التوجهات؛ لتكون أداةً فاعلةً في رفع القيمة المضافة للاقتصاد الوطني، وتعظيم الأثر التنموي للصناعة العُمانية.
وأوضح أن المؤشرات الإحصائية تُظهر أن مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة بلغت أكثر من 3.6 مليار ريال عُماني بنهاية عام 2024، كما بلغت مساهمتها أكثر من 1.7 مليار ريال عُماني بنهاية النصف الأول من العام الجاري، مما يعكس استمرار النمو الإيجابي للقطاع الصناعي.
وتحدث القصابي عن جانب الاستثمار، وقال إن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الصناعات التحويلية بلغت نحو 2.8 مليار ريال عُماني بنهاية عام 2024، وهو ما يؤكد جاذبية البيئة الصناعية في سلطنة عُمان وثقة المستثمرين في مقوماتها واستقرارها. أما على صعيد التجارة الخارجية، أوضح مدير عام الصناعة أن قيمة الصادرات السلعية غير النفطية تجاوزت 6.2 مليار ريال عُماني بنهاية عام 2024، في حين ارتفعت بنسبة 11.3% خلال الفترة من يناير إلى يوليو 2025، مشيرًا إلى أن هذه الأرقام تعكس دور الصناعة الوطنية في تنويع القاعدة التصديرية وتعزيز الحضور العُماني في الأسواق الإقليمية والعالمية.
وأكد القصابي أن القيمة المحلية المضافة ليست مجرد أداة اقتصادية؛ بل إنها ثقافة إنتاجٍ ومسؤولية وطنية تُترجم رؤية القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه في بناء اقتصاد متكاملٍ ومستدامٍ يضع الإنسان في صميم التنمية، ويجعل من المعرفة والإنتاج معًا جناحي التقدّم. وأضاف: “من الأهمية بمكان، خلال المرحلة المقبلة، أن تُربط مستهدفات برامج المحتوى المحلي في مختلف القطاعات ارتباطًا وثيقًا بمستهدفات الاستراتيجية الصناعية 2040 والمستهدفات الوطنية العليا، حتى تعمل هذه البرامج في منظومةٍ وطنيةٍ واحدةٍ متكاملة تُسهم في تحقيق الغايات الكبرى، وتعزّز التظافر والتكامل بين الجهود الحكومية والقطاع الخاص”.
وأوضح مدير عام الصناعة بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، أن السياسة الوطنية للمحتوى المحلي تُمثِّل خارطة طريق تنفيذية لهذا الربط؛ إذ تُدار عبر هيئة المشاريع والمناقصات والمحتوى المحلي لوضع الأطر والسياسات ودمج متطلبات المحتوى المحلي في المشتريات الحكومية وقياس أثرها، بما يحوّل المحتوى المحلي من امتثالٍ إجرائي إلى صناعة أثر اقتصادي واجتماعي قابل للقياس، وبما يُسهم مباشرة في تجسيد مستهدفات الاستراتيجية الصناعية 2040 وغايات رؤية “عُمان 2040”.
الشريك الاستراتيجي
إلى ذلك، قدَّم سعود بن علي الجابري مدير تطوير القيمة المحلية المضافة بشركة تنمية نفط عُمان كلمة الشريك الاستراتيجي؛ حيث أكد أن تجربة الشركة في مسيرة القيمة المحلية المضافة تمثل نموذجًا وطنيًا رائدًا في صناعة القيمة وتحقيق الأثر بما ينسجم مع أهداف المنتدى وتطلعاته.
وأوضح أن الشركة اتخذت هدفًا واضحًا والتزامًا راسخًا يتمثل في أن يتحول كل ريال يُنفق إلى لَبِنةٍ تُسهم في بناء صرح الاقتصاد الوطني، وتترك أثرًا مستدامًا في حياة أبناء الوطن وتنمية قدراتهم. وقال إن مسيرة القيمة المحلية المضافة التي انطلقت في عام 2013، ارتكزت على إيمانٍ راسخٍ بأن التنمية الحقيقية لا تُبنى بالقرارات وحدها؛ بل بالعزائم الصادقة والعقول المبدعة والسواعد المخلصة. وأشار إلى أنه بعد أكثر من عقدٍ من العمل الدؤوب، أصبحت اخبار عمان واقعًا حيًا يُترجم على أرض عُمان من خلال المنشآت الصناعية التي شُيّدت، والوظائف التي أُتيحَت، والأسر التي استقرّت، والكفاءات التي نمت وارتقت.
وأضاف الجابري أن برنامج القيمة المحلية المضافة في الشركة حقق خلال السنوات الماضية أثرًا ملموسًا في دعم الاقتصاد الوطني؛ إذ أسهم في إنشاء 83 منشأة صناعية محلية تُعزّز القاعدة الإنتاجية لعُمان وتُسهم في تقليل الاعتماد على الواردات.
وأضاف أن الشركة وجّهت 14% من إجمالي قيمة العقود بنهاية العام الماضي نحو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمقاولين المحليين؛ الأمر الذي أسهم في تحريك عجلة النمو الاقتصادي وتنشيط روح التنافس في السوق المحلي، كما أطلقت الشركة 15 برنامجًا لتطوير المورّدين المحليين دعمًا للشركات العُمانية الطموحة وتمكينًا لها من بلوغ المعايير العالمية في الأداء والجودة. وبيّن الجابري أن الشركة واصلت جهودها في ترسيخ القيمة داخل الوطن، من خلال رفع نسبة القيمة المحتفظ بها محليًا من 18% في عام 2013 إلى 42% بنهاية عام 2024؛ أي ما يعادل 2.7 مليار دولار أمريكي من إجمالي إنفاق الشركة على سلاسل التوريد خلال العام الماضي، مؤكدًا أن هذا الإنجاز يعكس تركيز الشركة المستمر على دعم المنتجات الوطنية وتمكين الشباب العُماني ليكونوا شركاء فاعلين في بناء الاقتصاد الوطني.
وأكد الجابري أن الاستثمار في الإنسان هو الاستثمار الأجدى، موضحًا أن شركة تنمية نفط عُمان حرصت من خلال برنامج القيمة المحلية المضافة على تمكين الكفاءات الوطنية، وفتح آفاق واسعة للتوظيف والتطوير. وذكر أن مشروع “إمداد” أسهم في توفير أكثر من 17500 فرصة عمل ضمن عقود الشركة، إلى جانب تصميم وتنفيذ سبعة برامج تدريبية تجاوز أثرها الاقتصادي 4.3 مليار دولار أمريكي. وأضاف أن من أبرز الشراكات الوطنية التي تعتز بها الشركة تعاونها مع وزارة العمل والجمعية العُمانية للطاقة “أوبال” لإطلاق برامج تدريبية مقرونة بالتوظيف تُؤهّل الكفاءات الوطنية وتزوّدها بالمعرفة والخبرة اللازمة لتقود مسيرة التطوير والإنتاج في مختلف القطاعات.
وأوضح أن الشركة توّجت جهودها بشراكة استراتيجية مع جامعة السلطان قابوس لإنشاء أول برنامج ماجستير إدارة أعمال في المنطقة بتخصص القيمة المحلية المضافة؛ حيث بدأت الدفعة الأولى من البرنامج دراستها بالفعل، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تعكس إدراك الشركة لأهمية تطوير كفاءات وطنية قادرة على قيادة برامج المحتوى المحلي وتحقيق أقصى استفادة من الفرص الاقتصادية المتاحة.
وقال الجابري إن سرّ نجاح برنامج القيمة المحلية المضافة في الشركة يمكن تلخيصه في ثلاث كلمات هي: الشراكات، والتعاون، والمسؤولية الوطنية. وأوضح أن الشركة بروح المسؤولية تجاه الوطن تواصل ابتكار آفاق جديدة لدعم الاقتصاد الوطني، ومن خلال تعاونها مع الشركات المتعاقدة وشراكاتها المتينة مع الجهات الحكومية توسّع أثر البرنامج ليشمل مختلف ربوع عُمان، تجسيدًا لالتزامها برؤية “عُمان 2040” في تنويع الدخل وتعزيز الاقتصاد الوطني.
وشهد المنتدى منصة لتوقيع عدد من الاتفاقيات مع الشريك الاستراتيجي، في خطوة تؤكد أهمية الشراكات في تمكين المحتوى المحلي وتحقيق الأثر المستدام.
ووُقِّعَت الاتفاقية الأولى بين شركة تنمية نفط عمان وشركة صناعة الكابلات العُمانية، لتوريد كابلات الأجهزة الدقيقة والكهرباء، بقيمة إجمالية تبلغ 17.1 مليون ريال عُماني لمدة 5 سنوات.
أما الاتفاقية الثانية، فكانت بين شركة تنمية نفط عمان وشركة “فولولاين فالفس” التابعة لشركة “تكنوفيت ترايدينج”، لتوريد الصمَّامات الكروية، ويشمل التصميم، والهندسة، والتصنيع والفحص، بقيمة سنوية تقديرية تبلغ 45 مليون ريال عُماني، ولمدة تمتد إلى 7 سنوات.
فيما أُبرمت الاتفاقية الثالثة بين شركة الغالبي العالمية وشركة جودوبا لحلول السفر، وقعها الدكتور أحمد بن سليم الجنيبي الرئيس التنفيذي لشركة الغالبي العالمية، وعبدالمنعم بن خميس العبري مدير المبيعات بشركة جودوبا. وتتعلق هذه الاتفاقية بتقديم حلول السفر المتكاملة لموظفي شركة الغالبي العالمية؛ بما يشمل: تذاكر السفر، والإقامة الفندقية، والبرامج السياحية المتكاملة. ويمتد العقد لمدة سنتين، وتعكس الدعم المقدم للشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية.
وتضمن برنامج المنتدى عقد جلستين نقاشيتين رئيسيتين؛ الأولى بعنوان “مجلس المحتوى المحلي: حلية التكامل والتطوير من منطلق المساءلة إلى منطق الشراكة”؛ حيث تناولت سبل تعزيز التكامل بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص في إطار من الشفافية والمساءلة.
أما الجلسة الثانية، فعُقدت بعنوان “القيادة من القمة: صناعة القيمة وتحقيق الأثر”، وركزت على دور القيادات في رسم ملامح المستقبل وتحويل مبادرات القيمة المحلية إلى نتائج ملموسة تنعكس على الاقتصاد والمجتمع.
وضمَّت قائمة المتحدثين والمشاركين في المنتدى كوكبة من الخبراء والمعنيين بالقطاع؛ هم: المهندس خالد القصابي مدير عام التجارة بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، جلال بن حمد الحضرمي مدير تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بمديرية القيمة المحلية المضافة بجهاز الاستثمار، وفاطمة الشبلية محللة اقتصادية بفريق دعم أولوية التنويع الاقتصادي والاستدامة المالية بوحدة متابعة تنفيذ رؤية عُمان 2040، ومبروك السيابي مدير عام القيمة المحلية المضافة بمجموعة أوكيو، ومريم العامرية المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة ماترز، والدكتور هلال الصواعي قائد فريق القيمة المحلية المضافة بشركة دليل للنفط، وعزان العاصمي مدير مجموعة هيما للطاقة، والدكتور جلال الحضرمي مؤسس ورئيس شركة أساطير المجد الدولية للاستشارات والاستثمار، وإسحاق الشرياني رائد أعمال، وسالم الحكماني رائد أعمال، فيما أدار الجلسات كل من الدكتور يوسف بن حمد البلوشي والدكتور أحمد الحجري.