عواصم الوكالات
كرّر نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس، وصهر الرئيس السابق دونالد ترامب ومستشاره جاريد كوشنر، خلال زيارتهما إلى إسرائيل الأسبوع الماضي، أن واشنطن وتل أبيب تعملان على خطة لإعادة إعمار المنطقة الشرقية من قطاع غزة فقط، في حال واصلت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رفضها لنزع سلاحها.
ووفقًا لتقارير صحفية أميركية، فإن الخطة تقوم على تقسيم القطاع إلى منطقتين يفصل بينهما ما يعرف بـ”الخط الأصفر”: غربية مكتظة بالسكان وتخضع لسيطرة حماس، وشرقية تقع تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي وتضم بضعة آلاف من السكان فقط.
وقال فانس إن هذه الخطوة “ستوفر للفلسطينيين مكانًا أكثر أمانًا للعيش إلى أن تستسلم حماس”، بينما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤول أميركي قوله إن “الفكرة لا تزال في مراحلها الأولى وسيجري تطويرها خلال الأيام المقبلة”.
وفي تغريدة على منصة إكس بعد لقائه مسؤولين عسكريين أميركيين وإسرائيليين في مركز التنسيق المدني العسكري بإسرائيل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن “العمل جارٍ على خطة تضمن ألا تشكل غزة أي تهديد لإسرائيل”، مؤكداً أن “السيطرة الإسرائيلية ستبقى قائمة، وهذا مبدأ لن يتغير”.
بدأت وسائل إعلام أميركية قريبة من الحكومة الإسرائيلية، مثل موقع جويش إنسايدر، في الترويج للخطة، معتبرة أن المنطقة الشرقية من غزة “يمكن أن تكون أداة لعزل حماس وإعادة تشكيل مستقبل القطاع”.
ونقل الموقع عن عدد من الخبراء قولهم إن “إسرائيل يمكن أن تستخدم سيطرتها على شرق غزة كوسيلة لاجتثاث حماس مع الحفاظ على نفوذها الأمني”، مشيرين إلى أن “التحدي الأكبر سيكون في إعادة إعمار الجيب وإعادة الفلسطينيين تدريجيًا إلى المنطقة الشرقية”.
وقال الخبير الفلسطيني الأميركي أحمد فؤاد الخطيب، المقيم في واشنطن، إن “المنطقة الشرقية من غزة شبه خالية من السكان ولا تشهد وجودًا فعليًا لحماس”، مضيفًا أن “عودة الفلسطينيين إلى ما وراء الخط الأصفر تمثل ورقة ضغط تستخدمها إسرائيل حتى اكتمال المرحلة الأولى من الخطة”.
من جانبه، قال ديفيد ماي، الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن إسرائيل طورت تقنيات تسمح لها بتمييز عناصر حماس من المدنيين، ما قد يمكّنها من السماح بانتقال المدنيين إلى المنطقة الشرقية تحت رقابتها. لكنه حذّر من أن شبكة أنفاق حماس التي تمتد عبر الخط الأصفر تجعل من الصعب إقامة منطقة آمنة كاملة.
وأضاف ماي أنه إذا توفرت بنية تحتية وخدمات وفرص اقتصادية في المنطقة الشرقية، فقد يؤدي ذلك إلى تحول تدريجي للسكان من الغرب إلى الشرق، مما يعمّق عزلة حماس.
وفي السياق ذاته، اعتبر جون هانا، الخبير في المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي، أن شرق غزة “قد يتحول إلى منطقة مزدهرة خالية من حماس”، بينما سيبقى غرب القطاع “غارقًا في الفقر والركود”، على حد قوله، مشيرًا إلى أن ذلك قد يؤدي بمرور الوقت إلى إضعاف حكم حماس وفقدانها الشرعية.
في المقابل، دعا السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إلى تجنّب الاعتماد على قوات دولية في غزة، رغم أن خطة ترامب للسلام تتضمن إنشاء “قوة استقرار دولية” بإشراف دول وسيطة، إلى جانب لجنة تكنوقراطية لإدارة القطاع.
لكن تقارير أميركية أشارت إلى خلافات حول تفاصيل الخطة، خاصة في ظل رفض دول عربية السماح بتجاوز دور السلطة الفلسطينية في إدارة غزة.
ودعا الباحث أحمد الشعراوي، في ورقة نشرها على موقع مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إلى أن تلعب الولايات المتحدة والأردن ومصر والسعودية والإمارات “دورًا أساسيًا في ضمان أن تكون غزة بعد الحرب خالية من نفوذ حماس”، محذرًا من إشراك الحركة في أي حكومة تكنوقراطية مستقبلية.
وفي تقرير ميداني، قالت وول ستريت جورنال إن الجيش الإسرائيلي يُرسّخ مواقع جديدة على طول “الخط الأصفر” داخل قطاع غزة، معززًا التحصينات وبناء السواتر الرملية، في مؤشر على احتمال تحوّل الخط الفاصل إلى حدود شبه دائمة بين شرق القطاع وغربه.
وأوضح التقرير أن هذا الخط يمثل المرحلة الأولى من خطة ترامب للسلام، التي تنص على انسحاب إسرائيل من غزة بعد نشر قوة دولية ونزع سلاح حماس، بينما لا تزال الحركة تشترط أن يكون نزع السلاح في إطار توافق وطني فلسطيني.
وأكد مسؤولون عسكريون إسرائيليون للصحيفة أن الجيش يستعد لاحتمال أن يظل “الخط الأصفر” موقعه الدفاعي الدائم في المستقبل المنظور.
 
									 
					