وطن الأمن والأمان | جريدة الرؤية العمانية
حاتم الطائي
◄ جلالة السلطان باعث الأمجاد العُمانية التليدة
◄ الخطاب السامي زاخرٌ بالمضامين والمعاني العميقة
◄ عُمان تقف صلبة شامخة في وجه التحديات الداخلية والخارجية
مع انبلاج فجر الحادي عشر من يناير، من كل عام، تحتفل عُمان من أقصاها لأقصاها، بذكرى تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه مقاليد الحكم في البلاد، ذلك التاريخ المجيد الشاهد على خمس سنوات من الإنجازات والتقدم في شتى المجالات؛ حيث تحيا عُمان في ظل نهضة مُتجددة، يقودها سلطان حكيم، وخلفه شعب وفيّ، من أجل ازدهار الوطن وشموخه.
نحتفل في هذه المناسبة الوطنية الغالية، باليوم الذي برهن على عراقة هذه الدولة، والانتقال السلس للسُلطة، من أجل مُواصلة مسيرة العطاء والبناء، الممتدة منذ قرون، لسلاطين أفذاذ قادوا عُمان نحو مرافئ التميُّز والنماء على مر العصور. ولقد كانت الاحتفالات الرسمية بهذه المناسبة العزيزة، تأكيدًا على أننا نحيا في وطن الخير والوئام. وكان الخطاب السامي لجلالة السُّلطان المعظم بهذه المناسبة، جوهرة تاج الاحتفالات؛ إذ تضمن الخطاب جُملة من الرسائل المباشرة وغير المباشرة، للداخل والخارج، مؤكدةً الحنكة السياسية لجلالته، واخبار عمان السديدة، وتقدير الموقف الرشيد؛ فاشتمل الخطاب على التأكيد السامي على ما تنعم به عُمان من أمن وأمان، وهي نعمة من أعظم نعم الله علينا؛ إذ “لا يستقيم لأمة دونهما أمرٌ ولا يصح لدولة دونهما استقرارٌ وازدهارٌ”. ولا يمكن قراءة هذا الأمر بعيدًا عمّا يحدث من حولنا من أحداث كبرى غيّرت وجه الدول وتعمل حاليًا على تغيير شكل المنطقة والعالم بأسره، لكن المؤكد أنَّ عُمان تقف صلبة شامخة في وجه الرياح العاتية، بفضل القيادة الحكيمة لجلالة عاهل البلاد المُفدّى، وتلاحم أبناء هذا الوطن العزيز، الذين يقفون صفًا واحدًا كأنهم بنيان مرصوص، في تجسيد حقيقي للهدي القرآني والأمر الرباني.
تطرق الخطاب السامي كذلك، إلى نظام الدولة العُمانية على مر العصور، وكيف حافظ قادتها الأفذاذ على وحدة واستقلال ترابها الوطني؛ إذ حملوا الأمانة بكل إخلاص وتجرُّد، وحرصوا على بناء عُمان مهما كانت الظروف والتحديات. ولقد لفت انتباهي الاستخدام الدقيق للكلمات المُعبِّرة في هذا الجانب؛ حيث جاء في الخطاب: “لقد حافظت بلادنا العزيزة على كينونتها كدولة مُستقلة ذات سيادة عبر العصور وقد تعاقبت عليها أنماط حكم عديدة”، وهنا استحضارٌ للمعاني العميقة لمفهوم الدولة المستقلة ذات الكينونة الخاصة بها على مر التاريخ، والعزم على مواصلة تحقيق المصالح العليا للوطن بما يخدم تطلعات الشعب الوفي لقائده.
كما إنَّ إعلان جلالة السلطان المعظم عن تحديد العشرين من نوفمبر من كل عام ليكون يومًا وطنيًا لسلطنة عُمان، يعكس حجم الاعتزاز بذلك التاريخ المجيد، الذي يُؤكد عراقة عُمان، كواحدة من أقدم نظم الحُكم في العالم، ولتأكيد أنَّ الأسرة البوسعيدية هي أعرق عائلة حاكمة على مر التاريخ الحديث، إذ يعود حكمها إلى العام 1744 ميلادية، وبدءًا من عهد الإمام المؤسس السيد أحمد بن سعيد البوسعيدي، وإلى يومنا هذا، شهدت عُمان “سلاطين عظام حملوا رايتها بكل شجاعة واقتدار وأكملوا مسيرتها الظافرة بكل عزم وإصرار”.
وعرّج الخطاب السامي على ما شهدته بلادنا من نهضة مُتجددة خلال السنوات الخمس الماضية، وما تحقق من مشروعات نوعية في شتى المجالات، وما أنجزته الدولة من مُعالجة في الملف الاقتصادي وإعادة هيكلة المؤسسات وإصدار العديد من التشريعات والقوانين المواكبة لمتغيرات العصر، ما يُؤكد أننا أمام عهد ميمون مُتجدِّد، ينعم فيه المواطن بالخير والأمن والأمان.
وفي خضم ما يموج بالعالم من تحديات ومخاطر، دعا الخطاب السامي “كافة دول العالم للتضافر من أجل بناء عالم تسوده قيم الإنسانية والعدالة، تحترم فيه مقدسات كل أمة وهويتها ودينها ومعتقداتها وأخلاقها”، وهو مطلب بات مُلحًّا في ظل ما تمارسه بعض القوى من انتهاكات صارخة للقيم الإنسانية الأصيلة.
ويبقى القول.. إنَّ الخطاب السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم أيده الله بمناسبة الذكرى الخامسة لتولي جلالته مقاليد الحكم، يؤكد أننا ماضون على خُطى التطوير والتنمية، من أجل بناء مستقبل أفضل لأبناء وبنات عُمان الأوفياء، وأننا رغم التحديات الداخلية والخارجية، قادرون على تحقيق الإنجاز تلو الآخر، تحت القيادة الحكيمة لقائد هذا الوطن، وباعث أمجاده.. وكل عام والجميع في خيرٍ ومسرّةٍ.