عقد صناع ونجوم الفيلم الأميركي The Roses، أحد أبرز العناوين المنتظرة في الخريف، مؤتمراً صحفياً (افتراضياً وحضورياً) يوم 25 أغسطس، خُصِّص لمصوّتي جوائز الجولدن جلوب، وشارك فيه ممثلو عدد من المؤسسات الإعلامية العالمية، من بينها “الشرق”. 

حضر المؤتمر بطلي العمل أوليفيا كولمان وبنديكت كومبرباتش، إضافة إلى المخرج جاي روتش، في نقاش مفتوح كشف كثيراً من كواليس إعادة تقديم القصة الشهيرة.

الفيلم، المقرر طرحه يوم 29 أغسطس، يُعد إعادة صياغة للعمل الكلاسيكي The War of the Roses عام 1989 المقتبس من رواية وارن آدلر، النسخة الجديدة التي كتبها توني ماكنمارا (كاتب The Favorite وPoor Things) تذهب أبعد من الكوميديا السوداء، لتغوص في التوازن الدقيق بين الطموح، الأنانية، والحب الذي ينهار تحت ضغوط الحياة اليومية.

تدور القصة حول “آيفي” (أوليفيا كولمان) و”ثيو” (بنديكت كومبرباتش)، زوجين بريطانيين ينتقلان إلى الولايات المتحدة بحثاً عن حياة أفضل. بمرور الوقت، يتحول شغفهما وحبهما إلى صراع مدمر، يتخذ أشكالاً جسدية ونفسية، ما يحوّل البيت العائلي إلى ساحة حرب مفتوحة.

الكيمياء بين كولمان وكومبرباتش

أكد النجمان في المؤتمر أن سر الكيمياء التي ظهرت بينهما على الشاشة يعود إلى صداقتهما الممتدة لسنوات. قال كومبرباتش: “الثقة المتبادلة اختصرت الطريق، وجعلت الأداء أكثر عفوية وعمقاً”، بينما أشادت كولمان بقدرة زميلها على المزج بين الحساسية والمرح، مضيفة أن العمل معه كان “تجربة ممتعة تجاوزت التوقعات”.

لكن التحدي الأكبر كان خلق “كيمياء عكسية” تُظهر الانهيار التدريجي للحب، وأوضح كومبرباتش أنه في بعض المشاهد القاسية كان يضطر للتأكد من أن علاقته بزميلته بخير خلف الكاميرا: “كنت أحتاج أحياناً أن ألمس القاعدة مع أوليفيا لأطمئن أننا بخير، لأن القسوة في النص حادة وصادمة”، أما كولمان، فأكدت أن التصوير ساعدهما على الانتقال التدريجي من لحظات الدفء إلى النزاع القاسي.

كما تحدث النجمان عن مصادر إلهامهما الكوميدية، حيث ذكر كومبرباتش أسماء مثل بيتر سيلرز وتشارلي تشابلن، فيما أشادت كولمان بروبن ويليامز ولوسيل بول، واعتبرا أن سر قوة الكوميديا السوداء يكمن في الجمع بين المضحك والمؤلم، وهو ما يشكل جوهر The Roses.

جوهر العلاقات الزوجية

أوليفيا كولمان رأت أن النص يلمس جوهر العلاقات الزوجية الحقيقية: “أحياناً نتوقف عن الإصغاء لبعضنا، ونظن أن ما نفعله أهم مما يفعله الآخر”، معتبرة أن هذه التفاصيل الصغيرة هي التي تهدم العلاقة، بينما وصف كومبرباتش الفيلم بأنه “تحذير ممتع”، مشيراً إلى أن الجمهور سيخرج من القاعة وهو يقول: “نحن لسنا بهذا السوء – فلنحرص ألا نصل إلى هناك”.

كما كشف النجمان أن الفيلم جعل تجربتهما أكثر واقعية، أوضحت كولمان: “كنا نعيش رحلة الزوجين من لحظات الحب الأولى حتى الانهيار الكامل، خطوة بخطوة”، بينما وصف كومبرباتش بعض المشاهد الأخيرة بأنها “مؤلمة للغاية، لكن ضرورية لتجسيد الحقيقة”.

ولم يخلُ المؤتمر من لحظات طريفة، إذ شاركت كولمان حكايات شخصية عن حياتها الزوجية، مؤكدة أن الضحك في المنزل هو ما يبقي العلاقات حيّة، وأشارت إلى أن أسلوب ماكنمارا “يجعل الكلمات تبدو وكأنها مكتوبة بسهولة، لكنها تحمل عمقاً هائلاً”، واصفة إياه بأنه “واحد في المليون”.

رؤية جاي روتش

أوضح المخرج جاي روتش أن الفيلم ليس إعادة إنتاج للقصة الأصلية، بل “إعادة تصور” تعيد صياغة الديناميكيات بين الزوجين، الجديد في النص، بحسب روتش، هو تقديم “آيفي” و”ثيو” كطرفين متكافئين في الطموح والقدرة على النجاح والفشل معاً. وقال: “القصة هنا ليست عن صراع أدوار بين رجل وامرأة، بل عن كيف يمكن للطموح والأنانية أن يدمرا علاقة مهما كانت متينة”.

وأضاف أن ماكنمارا كتب نصاً يمزج بين خفة الظل والبعد التراجيدي: “يمكنك أن تنتقل من مشهد عشاء يثير الضحك، إلى لحظة مأساوية تقترب من Who’s Afraid of Virginia Woolf”. وأكد أن قدرات كولمان وكومبرباتش في الجمع بين التراجيديا والكوميديا كانت مفتاح نجاح العمل.

كما كشف روتش عن تفاصيل فنية لافتة، منها صعوبة خلق أجواء شمال كاليفورنيا أثناء التصوير في بريطانيا. وأشاد بعمل فريق التصميم الفني الذي ابتكر منزل الزوجين والمطعم كمسرحين رئيسيين للأحداث، ليصبحا شخصيتين موازيتين للأبطال.

حدود الحب

فيلم The Roses ينضم إلى سلسلة من الأعمال التي تناولت هشاشة العلاقات الزوجية وتفككها تحت الضغوط، من أبرز هذه الأفلام Kramer vs. Kramer (1979) الذي وثّق صراع الطلاق وحضانة الأطفال، وBlue Valentine (2010) الذي قدّم صورة واقعية لانهيار الحب، وMarriage Story (2019) الذي نال إشادة نقدية واسعة بفضل مقاربته الإنسانية الدقيقة.

اليوم، يأتي The Roses ليحاول إعادة إحياء هذا الموضوع برؤية مختلفة يمزج بين الكوميديا المرة والدراما العاطفية، ويسعى لطرح تساؤلاً مفتوحاً حول حدود الحب، واللحظة التي يتحول فيها من مصدر للحياة إلى أداة للهدم.

شاركها.