اخبار تركيا

أستطيع النوم عندما تهب عاصفة

اخبار تركيا (أحمد اوزجان كريتيك باكيش)

قبل سنوات، اشترى مزارع مزرعة على تلة تكثر فيها العواصف. بعد استقراره، كان أول ما فعله هو البحث عن مساعد. لكن لا أحد من القرى القريبة ولا البعيدة أراد العمل في مزرعته. كل المتقدمين كانوا يتراجعون عن العمل بمجرد رؤية موقع المزرعة، قائلين: “هذا المكان عاصف، والأفضل أن تتراجع أنت أيضًا”.

أخيرًا، قبل رجل نحيل تجاوز منتصف العمر العمل في المزرعة. لم يتمالك المزارع نفسه وسأله: “هل لديك خبرة في أعمال المزارع؟” فأجابه الرجل: “نوعًا ما؛ أستطيع النوم عندما تهب عاصفة”.

استغرب المزارع هذه الإجابة غير المترابطة، لكنه تجاهلها واضطر إلى توظيف الرجل.

مع مرور الأسابيع، اطمأن المزارع عندما رأى الرجل يدير أعمال المزرعة بانتظام. حتى جاءت تلك العاصفة:

في منتصف الليل، استيقظ على صوت العاصفة الهائل الذي جعل المبنى يهتز. قفز من سريره وركض إلى غرفة الرجل:

“استيقظ، استيقظ! لقد هبت عاصفة. دعونا نفعل ما في وسعنا قبل أن تدمر كل شيء.”

لكن الرجل لم يتحرك من سريره وهمس: “لا تهتم يا سيدي، عُد إلى فراشك. ألم أخبرك حين وظفتني أنني أستطيع النوم عندما تهب عاصفة؟”

جنّ المزارع من هدوء أعصاب الرجل. وقرر أن أول شيء سيفعله في الصباح هو طرده، لكن الآن كان عليه مواجهة العاصفة. خرج مسرعًا إلى بالات القش:

آه! وجد البالات مكدسة ومغطاة بقطعة قماش مشمعة ومربوطة بإحكام.

ركض إلى الحظيرة، فوجد كل الأبقار قد أُدخلت من الحديقة إلى الحظيرة، وكان الباب مدعومًا جيدًا. عاد إلى المنزل ليجد كل النوافذ مغلقة بإحكام. عاد المزارع إلى غرفته مرتاح البال، واستلقى على سريره. بينما كان عويل العاصفة مستمرا في الخارج، ابتسم وأغمض عينيه وهو يهمس:

“أستطيع النوم عندما تهب عاصفة”.

https://x.com/kritikbakis_arb/status/1908601957083685318

دولة ومجتمع القرن العشرين

يتمتع المجتمع التركي ببنية ثقافية غير متجانسة. فهو مزيج ثقافي يجمع بين تقاليد متنوعة ومتناقضة، بدءًا من حضارات بلاد ما بين النهرين/الأناضول القديمة إلى الثقافة المتوسطية، ومن أعراف القبائل التركية البدوية إلى التقاليد الكردية والعربية، مرورًا بهجرة البلقان والقوقاز وصولًا إلى الثقافة الإسلامية والبيزنطية (الروميةالأرمنية). هذه المكونات تعايشت وتفاعلت معًا عبر قرون. بعد انهيار الدولة العثمانية، تجمعت في جغرافيا الأناضول، التي أصبحت أشبه بقلعة داخلية، عشرات من العناصر العرقية وأشكال المعتقدات والمذاهب.

كما أنه، منذ العهد الجمهوري، تمكنت العديد من التيارات الأيديولوجية/السياسية مثل القومية التركية والكردية، والكمالية، والليبرالية، والاشتراكية، والإسلاموية، من كسب أنصار اجتماعيين. هذه البنية الثقافية المعقدة تتسم باستمرار وجود الحضارات القديمة والجديدة، والأديان والمذاهب، والتقاليد العرقية والعرفية، كلٌ بشكل مستقل إلى حد ما، لكنها مع ذلك تتشابك في علاقات وتفاعلات متبادلة لتشكل كلاً واحدًا. ويمكن اختزال هذا التركيب إلى ثقافتين رئيسيتين مهيمنتين (إذا أخذنا الوضع الحالي بعين الاعتبار): الثقافة الشرقية والغربية، التقليدية والحداثية، وهي تلعب دورًا محوريًا في فهم المجتمع التركي وتغييره. ففي كل منطقة من البلاد، تهيمن ثقافة وتقاليد مختلفة، مما يجعل أي تصور أحادي أو متجانس أو قياسي للإنسان والمجتمع غير قادر على تفسير واقع مثل هذا المجتمع.

إلى جانب هذه الخريطة الثقافية العامة للمجتمع، يمكن ذكر العديد من الثقافات الفرعية التي تشكلت في المدن الكبرى والأرياف لأسباب اقتصادية واجتماعية، مثل ثقافة النخبة، والبرجوازية الصغيرة، وأحياء الصفيح، وسكان البلدات، والفلاحين، والعمال. هذا المزيج الثقافي الغني يتجلى في شرق البلاد من خلال تحديث الأرياف مع الانتقال من المجتمع الزراعي إلى الصناعي، بينما ينتج في غربها أشكالًا ثقافية مختلفة مع ترسخ النيوليبرالية. الأشكال الجديدة التي قد تتخذها كل هذه الكتل الثقافية، جنبًا إلى جنب مع تطور القطاعات الاجتماعية الإسلامية، قد تؤدي إلى توليفات ثقافية جديدة ومثيرة. هذا التنوع هو بلا شك نتاج عادة العيش متعدد الثقافات التي جلبها تاريخ يمتد لألفي عام على الأقل، من الإمبراطورية الرومانية الشرقية إلى العثمانية. فعند النظر إلى كيانات جغرافية ضخمة مثل أوروبا وروسيا والصين، نجد أن التعامل مع المختلفين والأجانب والمهاجرين، طائفي ومخيف للغاية. حتى في دولة مهاجرين مثل الولايات المتحدة، لا تزال العنصرية الآرية القائمة على الهوية “الغربيةالبيضاءالأنجلو ساكسونيةالبروتستانتية” مسيطرة بعمق. في هذا الصدد، فإن الطابع الاجتماعي التعددي يمثل خطرًا في الولايات المتحدة وأوروبا، لكنه في تركيا يشكل عمقًا وغنىً اجتماعيًا. فالبنية المجتمعية التعددية هي ضمان لاستمرار تقاليدنا التاريخية التي حققت الأمة عبر مزيج من الاختلافات.

لكن في المقابل، هناك دائمًا خطر للصراع بين المكونات الاجتماعية بسبب السياسات الفاشية الأحادية التي لا تستطيع إدارة هذا التنوع، والعناصر القومية العرقية التي لا تفهم هذا التركيب الوطني. فالإرهاب الذي تمارسه العناصر المريضة التي تعتقد بإمكانية توحيد مجتمع غير متجانس من خلال تجانسه القسري، والذي يشبه سرير “بروكروست” الأسطوري (حيث يُقطع من لا يناسبه)، يمثل أهم مشكلة أمنية. التجانس يجب أن يكون فقط في الانتماء المشترك، والقانون، والمثل العليا، وهو ضروري، لكن فرض النمط الواحد على الثقافات، واللغات، والأعراق، والمذاهب، والمعتقدات، والأيديولوجيات التي تعبر عن الثراء الاجتماعي هو فاشية، وهو أخطر سم يمكن أن يدمر بلدًا ما.

يمكن قراءة المقال كاملا عبر رابط مجلةكريتيك باكيش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *