اخبار تركيا
جددت إيران رفضها القاطع لمشروع ممر زنغزور الذي يصل آسيا الوسطى وحوض بحر قزوين مرورًا بأذربيجان وأرمينيا وصولًا إلى تركيا، ويُعد في الوقت نفسه جزءًا أساسيًا من الممر الأوسط ضمن مبادرة الربط بين الشرق والغرب.
أعلن مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، رفض طهران القاطع لما تسمى “خطة ترامب” في منطقة القوقاز، في حين أصدرت إيران مخرجات اجتماع عقده ممثلون لدول جوارأفغانستانفي طهران أمس الأحد.
وأكد ولايتي أن الخطة التي تحمل اسم الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا تختلف عن خطة تتعلق بـ”ممر زنغزور” سبق أن وقفت طهران ضدها، مشيرا إلى أن الخطة الجديدة تُعرّض أمن إيران وروسيالتهديد خطير.
وحسب وكالة مهر الإيرانية فقد قال مستشار المرشد خلال لقاء مع سفير أرمينيا لدى طهران، غريغور هاكوبيان، إن أي وجود أميركي قرب حدود إيران ستكون له تبعات أمنية، وهوما ترفضه طهران رفضا قاطعا.
وأضاف أن “هذا الممر كان من شأنه أن يمهد الطريق لوجود حلف شمال الأطلسي (الناتو) في شمال إيران، ويهدد على نحو خطير أمن شمال إيران وجنوب روسيا”.
وتابع أن “خطة ترامب هي في جوهرها المشروع نفسه، ولم يتغير سوى اسمها، ويتم تنفيذها الآن في صورة دخول شركات أميركية إلى أرمينيا”.
وقال المستشار الإيراني “لقد أثبتت التجربة أن الأميركيين يدخلون في البداية مناطق حساسة بخطط تبدو اقتصادية، لكن وجودهم يتوسع تدريجيا ليشمل أبعادا عسكرية وأمنية. إن انفتاح أميركا على حدود إيران، بأي شكل من الأشكال، له عواقب أمنية واضحة”.
ويكتسي ممر زنغزور، الذي يبلغ طوله نحو 43 كيلومترا، أهمية كبرى، إذ يمتد عبر إقليم سيونيك الأرميني ليربط البر الرئيسي لأذربيجان بجيبها نخجوان ذي الحكم الذاتي، ومنها إلى تركيا. وقد كان عنصرا أساسيا في اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان الذي جرى توقيعه الصيف الماضي فيالبيت الأبيض.
وكانت وكالة بلومبيرغ نقلت عن مصادر بإدارة الرئيس الأميركي حينها أناتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيايضم مشروع ممر تجاري جديد في جنوب القوقاز باسم “طريق ترامب للسلام والازدهار الدولي”.
مواقف الأطراف
تعدّ أذربيجان «ممر زانغيزور» مشروعاً استراتيجياً سيوفر اتصالاً برياً مباشراً بين الجزء الرئيسي من البلاد وجمهورية ناخيتشيفان، المنقطع منذ أكثر من 30 عاماً. وصرّح الرئيس، إلهام علييف، بأن افتتاح الممر «أمر لا مفر منه»، وفي عام 2021 صرح علييف بأن الممر سيُفتَح «بغض النظر عن رغبة يريفان». كما وصف زانغيزور بأنها «أراضٍ تاريخية» لأذربيجان، وهدد بحل مسألة إنشاء طريق النقل «بالقوة»، إلا إن وزارة الخارجية الأذربيجانية استبعدت «خيار القوة».
ومن بين مطالب باكو ضمان حركة مرور الأشخاص والبضائع على طول الممر من دون عوائق، ودون رقابة جمركية من أرمينيا.
وتحظى تطلعات أذربيجان بدعم تركيا، حيث تحدث الرئيس رجب طيب إردوغان، خلال محادثاته مع علييف في سبتمبر (أيلول) 2023، عن الإمكانات الكبيرة لنخجوان في تطوير طرق الطاقة والنقل عند إنشاء ممر لوجيستي من الشرق إلى الغرب. وفي الوقت نفسه، لم تستبعد أنقرة إمكانية إنشاء طريق بديلة عبر إيران إذا رفضت أرمينيا الممر.
عارضت طهران بشدة إنشاء «ممر زانغيزور»، عادّةً أنه يشكّل تهديداً لمصالحها الوطنية ونفوذها الإقليمي، ولوّحت باتخاذ تدابير «محددة» لضمان أمنها وحماية مصالحها. وتخشى إيران، على نحو خاص، أن يؤدي الممر إلى قطع وصولها البري إلى أرمينيا؛ مما يزيد من عزلتها عن كامل منطقة جنوب القوقاز، فضلاً عن فقدانها دورها بوصفها ممر عبور استراتيجياً في المنطقة.
كما تخشى طهران أن يسهم تعزيز نفوذ تركيا وأذربيجان على حدودها الشمالية في إذكاء النزعة الانفصالية في أذربيجان الإيرانية (الجنوبية). وفي المقابل، أبدت إيران موقفاً إيجابياً تجاه مقترح بديل تدعمه موسكو، يقضي بإنشاء «ممر أرس» عبر الأراضي الإيرانية.
أهمية هذا الممر
يتمتع «ممر زانغيزور» بأهمية اقتصادية وجيوسياسية كبيرة لدول آسيا الوسطى وجنوب القوقاز. ووفقاً لحسابات «البنك الدولي»، التي نقلتها مجلة «فوربس»، فإن فتح الممر سيزيد حجم التجارة العالمية السنوي، من حيث القيمة بمقدار يتراوح بين 50 ملياراً و100 مليار دولار بحلول عام 2027. كما ذكرت وكالة «بلومبرغ» أن فتح الطريق سيقلص زمن مرور البضائع عبر أوراسيا بمقدار بين 12 و15 ساعة.
