اخبار تركيا
في قلب إسطنبول، حيث تتنفس الحضارات عبر العصور، يقف مجمع “متاحف إسطنبول للآثار” شامخا كحارسٍ للأزمنة الغابرة. لكنه اليوم ليس مجرد صرحٍ يحفظ الماضي، بل هو ورشة عملٍ دؤوبة تزاوج بين أصالة التاريخ وابتكارات العصر.
بعد أكثر من قرنٍ ونصف على تأسيسه، يدخل مجمع “متاحف إسطنبول للآثار” مرحلةً جديدةً من التطوير، تلامس كل زاوية فيه: من الجدران العتيقة إلى أحدث شاشات العرض التفاعلي.
هنا، لا تُعرض القطع الأثرية فحسب، بل تُحكى حكاياتها بلغة العصر، لتجعل الزائر يعيش اللحظة التي صُنعت فيها هذه الكنوز. فكيف يتحول مجمع “متاحف إسطنبول للآثار” إلى نموذجٍ عالميٍ للمتاحف الحديثة؟ وما الذي ينتظر الزوار في رحلته الجديدة؟”
يشهدمجمع “متاحف إسطنبول للآثار”، الذييحرس آثار الماضي ويبني في الوقت نفسه مفهومًا حديثًا للمتاحف، عملية تحول كبرى تشمل أعمال ترميم ومنهجية عرض جديدة تقدم لزواره تجربة ثرية. وفقا لتقرير أعدته قناة “تي آر تي خبر” التركية الرسمية.
يقع مجمع “متاحف إسطنبول للآثار” في قلب المدينة، ويحمل تاريخًا عريقًا يمتد على مدى 150 عامًا، وقد دخل منذ عام 2012 في مرحلة شاملة من التطوير والتحديث.
بداية التحديث: من التقوية إلى التجديد
بحسب “تي آر تي خبر”، فإنأعمال التطويربدأت بتقوية المبنى الرئيسي ضد الزلازل، ثم تطورت لاحقًا لتشمل تحديث تقنيات العرض وفقًا لمعايير المتاحف الحديثة. يقول الأستاذ المساعد “أمرة أونجو”، الخبير في مجمع متاحف إسطنبول للآثار:
“في عامي 2020 و2021، افتتحنا معارض جديدة في المبنى الكلاسيكي، وحصلنا على ردود فعل إيجابية جدًا من الزوار.”
عصر التجربة الموضوعية
لم يقتصر التطوير على الجانب المادي فحسب، بل امتد إلى طريقة عرض القطع الأثرية، حيث أصبحت تُقدَّم ضمن سياق قصصي يعكس الفترة التاريخية التي تنتمي إليها.
وأضاف “أونجو”:
“صممنا كل قاعة وفقًا لموضوع محدد. يستطيع الزوار قراءة هذه الموضوعات من خلال لوحات رسومية كبيرة، بينما يتفاعلون مع القطع الأثرية الة بها، مما يخلق تجربة فريدة.”
وأشار إلى أن هذا النهج الجديد لاقى إعجابًا كبيرًا، خاصة من قبل الأجيال الشابة.
قسم الشرق القديم وكشك البلاط قرب الانتهاء
لا تزال أعمال الترميم جارية في قسم “الآثار الشرقية القديمة” و”متحف كشك البلاط” التابعين للمجمع المتحفي. ويتوقع “أونجو” أن تنتهي هذه الأعمال مع نهاية العام، ليفتحا أبوابهما أمام الزوار مجددًا.
وأكد أن الهدف هو تقديم التقنيات الحديثة للمعارض جنبًا إلى جنب مع المجموعات الأثرية الغنية، بطريقة أكثر تفاعلية وجذبًا.
مجموعة متنامية بفضل الحفريات
يضم مجمع “متاحف إسطنبول للآثار” اليوم حوالي مليون قطعة أثرية، ويواصل العدد الارتفاع سنويًا بفضل الاكتشافات الجديدة.
وأوضح “أونجو”:
“تجري في إسطنبول حوالي 400 حفرية أثرية سنويًا، وتُضاف القطع المكتشفة إلى مجموعتنا. كانت حفريات “ينيكابي” من أبرز الأمثلة، حيث كشفت عن 37 سفينة بيزنطية غارقة، بالإضافة إلى آثار ميناء ثيودوسيوس، وهي اكتشافات ذات أهمية علمية وتاريخية كبيرة.”
وأشار إلى أن مجمع “متاحف إسطنبول للآثار” يعمل على تخصيص مساحات جديدة لعرض هذه الاكتشافات، كما أن هناك خطة لإنشاء متحف جديد في منطقة “حيدر باشا”.
رؤية مستقبلية
يهدف مجمع “متاحف إسطنبول للآثار” إلى أن يصبح وجهة ثقافية عالمية، تجمع بين الأصالة التاريخية والابتكار في العرض. ومن خلال هذه التطورات، سيكون المتحف جاهزًا لاستقبال الزوار من جميع أنحاء العالم، ليس فقط لعرض الماضي، بل لسرد قصصه بطريقة تتناسب مع عصرنا الحالي.
ختامًا، يشكل هذا التحول نقلة نوعية في عالم المتاحف، حيث يصبح التاريخ حيًا وتفاعليًا، ويظل إرث الماضي محفوظًا للأجيال القادمة.