اخبار تركيا
تناول مقال تحليلي للكاتب والأكاديمي التركي أحمد أويصال، تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران بعد الهجوم الإسرائيلي المباغت على إيران دون تنسيق دولي، مما أدى إلى رد عسكري إيراني وتصعيد خطير في المنطقة.
وركز المقال الذي نشرته صحيفة الشرق القطرية، على التحركات الدبلوماسية الإقليمية والدولية الواسعة، خاصة من تركيا وقطر والسعودية، لاحتواء الأزمة ومنع تحولها إلى حرب شاملة.
كما أبرز الكاتب توافقًا غير مسبوق بين الدول العربية والإسلامية في إدانة العدوان الإسرائيلي، والتخوف المشترك من تداعيات توسع الحرب على الأمن الإقليمي، والاستقرار الاقتصادي، والطاقة، وموجات الهجرة.
وفيما يلي نص المقال:
يُشير عنوان المقال بوضوح إلى أن الصراع بين إسرائيل وإيران لم يعد شأنًا إقليميًا فحسب، بل بات قضية ذات أبعاد دولية. فقد تحولت الحرب، التي بدأت في غزة، إلى مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران نتيجة لخطوات أحادية اتخذها نتنياهو بمهاجمته إيران دون تنسيق. وجاء رد إيران العسكري ليزيد من حدة التصعيد، لا سيما بعدما شرعت إسرائيل في استهداف المدنيين إلى جانب الأهداف العسكرية. ومع تصاعد التوترات وصدور تهديدات من ترامب، ازداد خطر توسع رقعة الحرب. كما أن احتمال دخول حلفاء إسرائيل من الدول الغربية والولايات المتحدة، ووكلاء إيران في المنطقة، يجعل من هذا الصراع تهديدًا شاملاً قد يطال أمن المنطقة والعالم بأسره.
انتقدت دول المنطقة الهجوم الإسرائيلي ووصفته بأنه غير قانوني وغير عادل. وأدانت الدول، بشكل فردي، إضافة إلى موقف موحد من جامعة الدول العربية، التي تُعد أبرز منبر رسمي للدول العربية. وفيما يتعدى حدود الإدانة، تبذل كل من تركيا والدول العربية جهودًا دبلوماسية مكثفة لوقف الحرب واحتواء التوتر. وتشهد المرحلة الحالية اتصالات هاتفية ومشاورات غير مسبوقة بين الأطراف المعنية. وعلى الرغم من عدم انعقاد قمة رسمية مشتركة بين جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي حتى الآن، فإن وتيرة التحركات الدبلوماسية تؤكد إمكانية عقد مثل هذه الاجتماعات في حال استمرار الأزمة.
في هذا السياق، أجرى سمو أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، عدة محادثات هاتفية مع عدد من رؤساء الدول، من بينهم رئيس إيران بيزشكيان، وأمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ورئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب ورئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني،. وقد أكّد سمو الأمير خلال هذه المحادثات على أهمية خفض التوتر في المنطقة، وضرورة حلّ النزاعات عبر الوسائل الدبلوماسية. كما أجرى رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، سلسلة من اللقاءات والمشاورات في الإطار نفسه.
بذلت تركيا أيضًا جهودًا دبلوماسية جادة لتخفيف حدة التوترات وإيجاد حل دبلوماسي. أجرى الرئيس أردوغان محادثات هاتفية مع عدة قادة من بينهم قادة الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وباكستان وإيران ومصر والأردن وسوريا والعراق والكويت وسلطنة عمان. وخلال هذه المحادثات، تم التأكيد على استعداد تركيا لتولي دور ميسّر من أجل إنهاء النزاعات في أقرب وقت ممكن والعودة إلى المفاوضات النووية. وفي نفس السياق، أجرى وزير الخارجية هاكان فيدان عدة مباحثات. كما أجرى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان محادثات مع أردوغان، بالإضافة إلى اتصالات مع قادة آخرين مثل ترامب، ماكرون، ستارمر، وميلوني. وفي محادثاته مع الرئيس الإيراني بيزيشكيان، أدان الهجمات الإسرائيلية وقدم التعازي للضحايا.
تُعتبر هذه الجهود الدبلوماسية المكثفة في فترة قصيرة أمرًا بالغ الأهمية، حيث يسود شبه إجماع على أن إسرائيل هي الطرف المعتدي وأنه يجب وقف الحرب فورًا. ويعود ذلك في المقام الأول إلى قلق جميع الدول من استمرار حالة عدم الاستقرار والاضطرابات في المنطقة، وخاصة خشيتها من تأثر مصالحها الخاصة. ومن اللافت في المشهد الحالي وجود أجواء أكثر دفئًا وتفاهمًا بين الدول الإسلامية مقارنة بالمراحل السابقة، إذ تقلصت التوترات بين الدول العربية نفسها بشكل ملحوظ، كما خفتت الخلافات بين الدول العربية من جهة وتركيا وإيران من جهة أخرى.
وقد شكل التوافق بين دول المنطقة حول خطورة ما يفعله نتنياهو من تدمير غزة وإشعال المنطقة برمتها، نتيجة غير متوقعة لهذه الحرب. تركيا، التي تسعى إلى تعزيز السلام في المنطقة، تعرب عن قلقها من تداعيات اتساع رقعة الحرب، لما قد يترتب عليه من فوضى، وانعدام للاستقرار، وتزايد موجات الهجرة، وتصاعد الإرهاب، وتحديات اقتصادية كبيرة. وتشاطرها الدول العربية هذا القلق، خاصة بسبب ما قد ينجم عن ذلك من تعطيل في إمدادات الطاقة، وتأجيج للتوترات الطائفية داخل بلدانها. وفي هذا السياق، تبذل كل من قطر وعُمان جهودًا كبيرة لتفعيل المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة، في حين تحاول تركيا، بشكل غير معلن، لعب دور الوسيط بين الطرفين. ومع ذلك، تواجه إسرائيل، التي لا ترغب في تحقيق السلام، خطر الهزيمة في صراعها مع إيران بعد حرب غزة، وهو ما سيترك آثارًا كبيرة على المنطقة. ومن هنا، هناك خشية من أن يقود نتنياهو وترامب المنطقة إلى مغامرات أكبر، ليس فقط بسبب مصالحهما الشخصية، بل أيضًا بسبب الأضرار التي قد تلحق بالمصالح الإقليمية لبلديهما.