التقاطع الأيديولوجي.. الصهاينة والعلويون السياسيون والشيعة المتطرفون

اخبار تركيا
رأى الكاتب والإعلامي التركي طه قلينتش إن الصهاينة اليهود، والعلويين السياسيين، والشيعة المتطرفين، والمتعاطفين مع تنظيم “بي كي كي” الإرهابي، والمطالبين بحقوق المثليين، يجتمعون على نقاط مشتركة.
وقال الكاتب في مقال بصحيفة يني شفق إن التشابه بين هذه الفئات الخمس واصطفافها جنبًا إلى جنب لا يمكن أن يكون مجرد صدفة، بل هو ظاهرة تستحق دراسة معمقة في أبعادها التاريخية والاجتماعية.
وأشار إلى أن أي تأمل أو دراسة بسيطة من ذوي البصيرة، ستوصل القراء إلى استنتاجات مُذهلة في هذا الصدد. وفيما يلي نص المقال:
لمن يتساءل عن كيفية ظهور الانقسامات المذهبيّة في التاريخ الإسلاميّ، أو نشأة الأديان الجديدة الحديثة والبشريّة فليس عليه سوى النظر إلى التحوّل الذي طرأ على العلويّة، فهو أحدث الأمثلة في تاريخنا المعاصر .
خلال الأربعين عامًا الماضية تحديدا، لم تعد العلويّة تُصوَّر كتفسيرٍ للإسلام أو كطريقٍ خاصّ ضمن إطاره، بل أُعيد تشكيلها كدينٍ منفصلٍ تمامًا عن الإسلام، دين مُبتدَع بكل معنى الكلمة. فهذا الدين الجديد يقدّم بدائل لكلّ الفرائض والمحظورات الإسلاميّة: دين بلا صلاة ولا صيام ـ وأقصد هنا صيام رمضان المفروض ـ وبلا حج ولا حجاب ولا مساجد. له طقوسه الخاصّة، وأشكال عبادته الخاصة، وأماكن عبادته الخاصة، ورموزه الخاصة، وتاريخه البديل. يدعي انتسابه إلى سيدنا علي بن أبي طالب، ولكن صورة علي التي يصفها مستحدثة تمامًا. على سبيل المثال، قد تصادف تعريفًا يقول: “العلويّون لم يقبلوا الإسلام كما هو ولم يستعربوا، لقد مزجوا الإسلام بعقيدة إله السماء والإنسانية والشامانية وخففوه. ولذلك فإنّ العلوية هي فلسفة طبيعية كانت موجودة بأسماء مختلفة حتى قبل كل هذه الأديان. وإلهها هو الطبيعة والكون.”تحتفي بانتمائها لاسم سيدنا علي بن أبي طالب، بينما تؤكَّد على أنّها لم تستعرّب. يبدو الأمر وكأنّه مزحة، لكنّه ليس كذلك.
ولو اقتصر الأمر على هذا لكان جيدًا. فهذه العلوية المستحدثة لم تعد فقط تيارًا دينيًا منفصلًا، بل باتت تتخذ موقفًا عدائيًا متطرفًا تجاه الإسلام والمسلمين. ورغم أنها تلعب دور الضحية والمظلوم في المشهد السياسي، إلا أنه يكفي إلقاء نظرة على سجلات الأشخاص الذين يجتمع معهم العلويون المستحدثون ويتحالفون معهم أو يدافعون عنهم بشدة لفهم ما يمكنهم فعله عندما يحصلون على السلطة. إن عداءهم وخصومتهم تركز بالكامل على المسلمين.
إن هذه الفئة التي توصف بشكل منطقي تمامًا بأنها “العلوية السياسية” و”العلويون السياسيون” لأنهم يسعون إلى حماية هيمنتهم من خلال جعل العلوية ستارًا لعدائهم للإسلام تعتبر النصيريين السوريين كإخوة لهم، لنفس السبب وهو عداؤهم التام للمسلمين، رغم أن العلوية الأناضولية الكلاسيكية، كما نعرفها ونفهمها، هي فلسفة مستقلة تمامًا عن النصيرية. والنصيرية هي نظام عقائدي خارج الإسلام تمامًا، متطرفة لدرجة أنها تؤله سيدنا علي بن أبي طالب، وتقبل التناسخ، وتنتج تصورًا مقدسًا خاصًا بها من خلال تفسيرات باطنية، وتجيز حتى زواج المحارم. أما تحولها السياسي فلم يمضِ عليه سوى 4050 عامًا فقط.
في عام 1970، استولى حافظ الأسد، على السلطة عبر انقلاب داخل حزب البعث، وبعد ثلاث سنوات أراد تغيير الدستور لإزالة شرط أن يكون رئيس الدولة مسلمًا. لأن هذا الشرط كان يطعن في شرعية حكمه كنُصيري. وعندما واجه معارضة جماعية شديدة من علماء دمشق آنذاك وعلماء آخرين اتبعوهم في هذه المبادرة، لجأ الأسد هذه المرة إلى رجل الدين الشيعي اللبناني موسى الصدر الذي أصدر فتوى بأن النصيرية “مذهب شيعي مشروع”، مع أن التيار الشيعي التقليدي كان يعتبر النصيرية حتى ذلك الحين جماعة خارجة عن الإسلام.
وبعد إصدار هذه الفتوى لم تعد هناك حاجة لتغيير الدستور. فحافظ الأسد وابنه بشار، اللذان فرضا هيمنتهما على الأغلبية السنية والمسلمة من خلال المجازر، وتأثير بعض رجال الدين الذين استقطبهم بمختلف الجوائز، وإقامة نظام قمعي مخيف، لم يفوّتا أبدًا فرصةً لإظهار مشاركتهما في صلاة العيد أو الوقوف مع رجال الدين أمام الكاميرات لإخفاء نصيريتهما. أما إيران، التي تحمل رسميًا اسم “الجمهورية الإسلامية”، فقد دعمت هذا النظام حتى اللحظة الأخيرة، متجاهلة تماما الأبعاد العقائدية لحزب البعث، والمأساة الروحية والتاريخية التي لحقت بسوريا. بل على العكس، حاولت بناء صرحها الخاص على هذا الحطام لتعزيز مشروعها الشيعي التوسعي.
وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى نقطة أخرى مثيرة للاهتمام:
يجتمع الصهاينة اليهود، والعلويون السياسيون، والشيعة المتطرفون، والمتعاطفون مع تنظيم “بي كي كي” الإرهابي، والمطالبون بحقوق المثليين، على نقاط مشتركة. استمعوا إلى شعاراتهم: إنهم دائمًا ضحايا ومظلومون. يدعون أنهم يتعرضون للاضطهاد والازدراء باستمرار، وأن الجميع يحاول إبادتهم، وأنهم دائمًا على حق. ورغم هذه الخطابات المثيرة للشفقة، فقد ثبت من خلال تجارب لا حصر لها مدى قسوتهم وأنانيتهم وانعدام ضميرهم عندما تتاح لهم الفرصة ويحصلون على السلطة.
إن هذا التشابه بين هذه الفئات الخمس واصطفافها جنبًا إلى جنب لا يمكن أن يكون مجرد صدفة، بل هو ظاهرة تستحق دراسة معمقة في أبعادها التاريخية والاجتماعية. وأي تأمل أو دراسة بسيطة من ذوي البصيرة، ستوصل القراء إلى استنتاجات مُذهلة.