اخبار تركيا

القلق الإسرائيلي من النفوذ التركي في سوريا: دوافع وتحليلات

اخبار تركيا

استعرض تقرير تحليلي لموقع الحرة الإخباري دوافع القلق الإسرائيلي من السياسة التركية في سوريا، والآثار المحتملة لزيادة النفوذ التركي في المنطقة على أمن إسرائيل واستراتيجياتها الإقليمية.

وذكر التقرير أن أنشطة إيران في سوريا كانت أكثر ما يثير قلق إسرائيل،قبل سقوط نظام بشار الأسد،ورغم أن سبب الحالة زال بعد تلك المحطة التاريخية، فإن الهواجس بقيت قائمة، لكنها انحرفت باتجاه لاعب آخر.. هو تركيا.

لماذا تركيا بالتحديد؟ سؤالٌ لم يجب عنه المسؤولون الإسرائيليون حتى الآن وكذلك الأمر بالنسبة لنظرائهم الأتراك، لكن وسائل إعلام أثارته، خلال الأيام الماضية، كاشفة عن مواقف وتحركات يتم تداولها في الكواليس داخل إسرائيل. وفقا لموقع الحرة.

تقول صحيفة “جيروزليم بوست”، قبل يومين، إن لجنة حكومية إسرائيلية قدمت تقريرا إلى رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، يحذر من نشوب “صراع” مع تركيا.

اللجنة اسمها “ناغل” نسبة إلى رئيسها يعقوب ناغل، وأضافت الصحيفة أنها نبهت “من خطر التحالف الجديد بين دمشق وأنقرة”. ورغم أن تقرير هذه اللجنة اعتبر إيران “أكبر تهديد” سيواجه إسرائيل، إلا أنه تضمن تحذيرا خاصا بشأن احتمال نشوب صراع مع تركيا.

صحيفة “يسرائيل هيوم” أشارت إلى ذات السياق المتعلق بهواجس “نشوب صراع”، الخميس. وأوضحت أن “نتنياهو سيعقد اجتماعا قريبا للكابينت لنقاش التدخل التركي في سوريا”.

كما أشارت “يسرائيل هيوم” إلى أن وزير الأمن الإسرائيلي ناقش ضمن اجتماع مصغر، قبل أيام، إمكانية تقسيم سوريا إلى “كانتونات تقسيمات إدارية”.

ما يدور في الكواليس داخل إسرائيل لم يلق صدى رسميا أو غير ذلك في تركيا، بحسب ما تم رصده على صعيد مواقف المسؤولين وتقارير وسائل الإعلام المقربة منهم.

ومع ذلك، اعتبر خبراء ومراقبون من أنقرة في حديث لهم لموقع “الحرة” أن “إسرائيل قلقة بالفعل من دور تركيا في سوريا، لكنها تتصرف بطريقة تضاعف قلقها”.

ويتابع الباحث السياسي التركي، عمر أوزكيزيلجيك كلماته السابقة بقوله: “يجب أن تكون إسرائيل سعيدة بتدمير الهلال الشيعي الإيراني”.

ويضيف: “يجب أن تعمل أيضا مع تركيا لإنشاء آلية أمنية جديدة لا تشكل فيها سوريا تهديدا لأحد”.

لكنه أوزكيزيلجيك يردف: “لكن.. إسرائيل تفعل العكس، وتراهن على حصان خسر السباق بالفعل (قوات سوريا الديمقراطية “قسد” التي تهيمن عليها وحدات حماية الشعب)”، على حد وصفه.

على الصعيد الرسمي لم توجه إسرائيل أية إشارت تتعلق بـ”قلقها” الناشئ من تصاعد النفوذ التركي بسوريا.

لكنها في المقابل كانت لعبت على “وتر حساس” بالنسبة لأنقرة، مبدية دعمها للأكراد في شمال وشرق سوريا، وقالت أيضا إنه “تريد معرفة ما يريدون”، في إشارة لـ”قسد”.

علاوة على ذلك، وفي أعقاب سقوط نظام الأسد نفذ الجيش الإسرائيلي سلسلة توغلات داخل الأراضي السورية، ضمن محافظتي درعا والقنيطرة.

واعتبر الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، تلك التوغلات محاولة إسرائيلية لـ”توسيع حدودها” بعد سقوط نظام الأسد.

كما ندد إردوغان، قبل أسابيع، بخطط إسرائيل مضاعفة عدد السكان في مرتفعات الجولان التي تحتلها.

ويرى عنان وهبي، المستشار بمجلس الأمن القومي بإسرائيل، أن “إسرائيل تتبارى مع تركيا وإيران والسعودية ومصر على الفراغ الذي تركه الربيع العربي في الدول الفاشلة على طول الهلال الخصيب”.

ويقول لموقع “الحرة”: “هذه الدول الآن انتقلت من إيران إلى تركيا، مع تطلعات إسلامية وتوسعية”.

ويضيف: “وهذا بدون أدنى شكّ لا يتناغم مع مصالح الأمن القومي العربي ولا الإسرائيلي”.

لكن في المقابل يتعارض حديث الباحث أوزكيزيلجيك مع ما سبق، ويوضح بعدما أشار إلى توغلات إسرائيل في جنوب سوريا وتنفيذ أكثر من 500 غارة جوية أن الأخيرة “تهدف إلى استفزاز رد عسكري من دمشق”.

ورغم ما فعلته إسرائيل “ظلّت دمشق هادئة ولم ترد إلا دبلوماسيا. وهذا شيء جديد بالنسبة لإسرائيل لم تعتد عليه”، وفقا للباحث التركي.

ويؤكد على فكرته بالقول: “يجب على إسرائيل أن تدرك أنه لا سوريا ولا تركيا لديها مصلحة في صراع وتصعيد آخر. الجميع في سوريا يريدون السلام والاستقرار”.

“ويجب على إسرائيل أن تدرك هذا وتطلب من الولايات المتحدة وساطة فعالة تؤدي إلى عودة إسرائيل إلى حدود 74 وضمان تركيا أن سوريا لن تشكل تهديدا لأحد”، كما يضيف أوزكيزيلجيك.

تركيا هي واحدة من الدول القليلة ذات الأغلبية المسلمة التي تعترف بإسرائيل.

لكن في المقابل تركيا فرضت في أبريل 2024، قيودا على صادرات إلى إسرائيل، شملت 54 منتجا من الحديد والصلب إلى وقود الطائرات.

وقبل حرب غزة كانت العلاقة بين تركيا وإسرائيل تسير على مسار إيجابي.

وبعد اندلاع الحرب توترت العلاقة إلى مستوى وصل إلى حد إيقاف التجارة من جانب تركيا والانخراط في مسارات مناهضة لإسرائيل في الأروقة الدبلوماسية.

وكان سقوط الأسد انتصارا جيوسياسيا لإسرائيل من بعض النواحي، لأنه أزال نفوذ إيران وسوف يضعف “حزب الله”، يقول آرون لوند الخبير في الشؤون السورية بمؤسسة “القرن”.

لكن الباحث يضيف أن المحطة التاريخية لم تبدد مخاوف إسرائيل كاملة.”سوريا الفوضوية بدون حكومة مركزية قوية قد تسمح لإيران بإعادة بناء شبكاتها هناك”.

من ناحية أخرى، “قد تشكل حكومة مركزية قوية في دمشق تهديدا لإسرائيل بطرق أخرى”، بحسب لوند.

الخبير في مؤسسة القرن استعرض في حديثه لموقع “الحرة” 3 عوامل وراء القلق الذي يساور إسرائيل، وال بالتحديد بتركيا.

أولى هذه العوامل أنه “إذا تم إنشاء حكومة مركزية في سوريا وبناء علاقات جيدة مع المجتمع الدولي، فقد يفرض ذلك ضغوطا على إسرائيل”.

ستكون الضغوط باتجاه إجبار إسرائيل على “مغادرة المناطق المحتلة في سوريا، بما في ذلك مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل بشكل غير قانوني، والتي تدعي إسرائيل أنها أرض إسرائيلية”.

وحتى لو لم يحدث ذلك “فمن غير المرجح أن تكون الحكومة تحت قيادة أحمد الشرع وهيئة تحرير الشام صديقة للغاية لإسرائيل”، على حد تعبير الخبير.

يذهب العامل الثاني باتجاه أن “النظام الجديد المدعوم من تركيا في سوريا سيكون غير مريح لإسرائيل”، وفق قول لوند.

ويشرح بأن “إردوغان كان معاديا جدا لإسرائيل خلال صراع غزة. لقد اتهمها بارتكاب إبادة جماعية وأشاد بحماس”.

و”قد تخشى إسرائيل من أن تقوم تركيا برعاية وحماية نظام إسلامي في دمشق”، على أساس ما سبق.

ويتابع لوند أن العامل الثالث يتعلق بأن “هذا النظام من شأنه أن يساعد حماس أو غيرها من الجماعات على إنشاء مواقع عسكرية بالقرب من الجولان، على غرار ما لدى حزب الله في لبنان”.

الإدارة الجديدة في دمشق بعد سقوط نظام الأسد لم توجه أي تهديدات باتجاه إسرائيل.

على العكس أكدت على لسان قائدها أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) أن سوريا لن تشكل أي عامل تهديد لدول المنطقة.

وكذلك الأمر بالنسبة لتركيا التي تؤكد حتى الآن على أنه “لا سلام في فلسطين دون دولة فلسطينية على حدود 67”.

يعتقد الباحث السياسي الإسرائيلي، يوآف شتيرن أن حالة القلق الإسرائيلي “ربما ترتبط بحالة العداء الأخيرة مع تركيا فيما يتعلق بحرب غزة”.

لكنه يقول لموقع “الحرة” إن تلك الحالة لا تعني أننا “قد لا نرى تحسنا في العلاقات لاحقا”، مضيفا: “لا يوجد تناقض بين مواقف تركيا وإسرائيل في سوريا”، وكل طرف يفهم ما فعل وما يريده الآخر، بحسب شتيرن.

ويعتبر أن “سوريا لا تشكل الآن تهديدا على إسرائيل.. وهذا ربما بمثابة أرض خصبة لتعاون وبناء علاقات حسن جوار مع تركيا”.

وتركيا ليست كإيران فهي عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو).

ونفوذها الكبير الذي بات في سوريا أصبح “واضحا لكل الأطراف الإقليمية”، كما يشير الباحث الإسرائيلي، شتيرن.

وفي حين يستبعد الباحث أن تتجه الأمور نحو الصدام يرهن بقاء هذه الحالة بما ستؤول إليه تطورات الحرب في غزة.

وزاد متحدثا عن سوريا: “السوريون منشغلون بقضاياهم الداخلية وتركيا تقف لجانبهم أما إسرائيل فلديها مصالح تتعلق على الحدود.. هو أمر سهل على صعيد تلبية المطالب والتوقعات الإسرائيلية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *