د. طالب عبد الجبّار الدّغيم خاص اخبار تركيا

إنّ الأزياء التقليدية لا تُختزل في كونها ممارسات مادية تستجيب لحاجات الستر أو تغيرات المناخ، بل هي في عمقها، تمثيلات رمزية للذات الجماعية، تتداخل فيها البنية الاجتماعية مع الذاكرة التاريخية، ويشتبك فيها الجمالي بالسياسي والوظيفي بالثقافي. وفي السياق السوري، تتجلى الأزياء بوصفها تجسيدًا بصريًّا لتراكمات حضارية متعاقبة، حيث يكتب القماش تاريخ المكان بطرزه، وألوانه، وطرائقه في التشكُّل.

تحوّلات الأزياء التقليدية السورية: أثر البنية العثمانية على الثقافة الشامية

عند مطلع القرن الثامن عشر الميلادي، شهدت الأزياء التقليدية في سوريا مُنعطفًا حاسمًا تمثل في تزايد تجليات التأثير العثماني على المشهد الثقافي والمظهري للمنطقة. فعلى الرغم من أنَّ دخول الدولة العثمانية إلى بلاد الشام عام 1516م، لم يُحدث قطيعة فورية مع الإرث المحلي، إلا أنّ مفاعيل “التمركز الثقافي العثماني” بدأت في البروز بوضوح بعد قرنين من الحُكم، حيث تحول اللباس من كونه انعكاسًا للهوية المحلية، إلى وسيط يحمل في طياته رسائل ولاء للنظام العثماني، وهيبة مؤسسات السلطة المركزية.

فقد بات اللباس الرجالي يُصاغ ضمن قوالب رمزية تعكس الانضواء في المدار العثماني: الجُبب الطويلة والقفاطين المزركشة، والطربوش الأحمر كدالٍّ بصري على الانتماء الرسمي. ولم تعد هذه القطع مجرد لباس، بل صارت أيقونات لموقع الفرد داخل البنية السلطانية، ومعادلاً رمزيًا لِما أسماه بيير بورديو “رأس المال الرمزي” الذي يتجلّى عبر المظهر. ومثلها، ارتقت الأزياء النسائية لتعبّر عن صعود ذوق مترف، موصول بقيم التأنق والتمايز الطبقي، حيث صار “الإنتاري” لباسًا يُحمّل طبقات من المعاني: من الحشمة إلى الثراء، ومن الخصوصية الجندرية إلى التماهي مع النمط السائد لدى النخبة الحضرية.

ولعلّ هذا التحول لا يمكن فهمه فقط ضمن سياق التبدّل في الموضة أو الذوق، بل في ضوء سيرورة التمدْيُن العثماني الذي جعل من اللباس أداةً لإعادة إنتاج الفوارق الاجتماعية، وإدماج الهويات المحلية في سردية سلطوية مركزية. فاللباس كان يُعبّر ـ في ظاهره ـ عن هوية فردية، لكنه في جوهره كان يُعاد إنتاجه وفق موازين القوى، و”نظام الرموز” الذي كانت الإمبراطورية تسعى إلى تعميمه كجزء من هندسة المجال العام.

وهكذا، يتحول الزي السوري في هذه المرحلة إلى نص بصري قابل للتأويل، وإلى حقل دلالي يُفكّك العلاقة بين المحلي والمركزي، وبين التقاليد والحداثة السلطانية، وبين ثبات الهوية وتحوّلات السلطة.

الزي السوري بين التراث الشعبي والنمط الغربي

مَثّل القرن التاسع عشر الميلادي، لحظة تماسّ حادّة بين الذات الشرقية المتجذّرة، والآخر الأوروبي الزاحف من بوابات التجارة والسياسة والثقافة. ومع تصاعد الحضور القنصلي والتجاري الغربي في الحواضر الشامية، بدأ الزيّ يتحوّل إلى ساحة مواجهة رمزية، حيث لم تعد الأقمشة تُفصَّل فقط على مقاسات الجسد، بل على إيقاع التحولات البنيوية التي شهدها المجتمع السوري تحت تأثير التحديث العثماني والتغلغل الأوروبي.

فقد بدأ اللباس الذكوري، خصوصًا بين النخب المتعلّمة والمثقفة، بالانفتاح على النمط الغربي، دون قطيعة مع الجذور العثمانية؛ إذ أُضيفت السترات والبنطال إلى الجبة أو فوقها، واتُّخذت البدلة الأوروبية تدريجيًا مظهرًا ملازمًا للطبقة المتعلّمة: الأطباء، والموظفون، والمعلّمون، ورجال الإدارة. وكانت هذه الموضة بمثابة رمز لولوج الحداثة من بابها الوظيفي أولًا، ولكنها حملت في طياتها كذلك بذور التحوّل الثقافي في نظرة الفرد إلى ذاته، وهويته، وموقعه في العالم.

وأما في المجال النسوي، فقد بدت التأثيرات أكثر حذرًا وانتقائية. فبالرغم من هيمنة الثوب الطويل والحجاب كمكوّنين ثابتين للهوية الأنثوية السورية، إلا أنَّ القصّات الأوروبية، والتي ضيّقت الخصر ورفعت حافة الثوب قليلاً، وبدأت تجد طريقها بهدوء إلى أزياء النساء في الأوساط الحضرية. غير أنّ هذا التبنّي لم يكن استنساخًا، بل كان تأويلاً محليًّا لأنوثة متخيّلة، تُريد أن تكون “حديثة” دون أن تُفارق الحياء الاجتماعي.

وإنّ هذه المرحلة تُظهر كيف أنّ الزيّ تحوّل إلى خطاب مزدوج؛ هوامشه أوروبية الطابع، ولكن مركزه ظلّ مشدودًا إلى فضاء العثمانية المتأخرة، والتي كانت بدورها تعيد إنتاج ذاتها في لحظة صدام حضاري مع أوروبا، وتُحاول إعادة صوغ هوية الإمبراطورية في هيئة لباس قابل للتكيّف، ولكن مقاوم في جوهره.

التحولات الهوياتية السورية وصعود الزيّ المعولم

مع مطلع القرن العشرين، تسارعت التحوّلات الحضارية في سوريا تحت وطأة الاستعمار، ومن ثم الاستقلال، فتبدلت البنية الرمزية للزيّ على نحو يعكس انكسار السردية التقليدية لصالح هيمنة المشروع الحداثي الغربي. ولم يعد الزيّ مجرد انعكاس لقيم الماضي، بل أصبح أداة تعبير عن الانخراط في عالم يتغير، وعن الفرد الذي يسعى إلى مواكبة المعايير الجمالية والعملية الجديدة التي فرضتها الدولة الحديثة والمؤسسات الغربية.

واختفى القفطان والجبّة شيئًا فشيئًا من الشوارع والأسواق، وبرز البنطال والسترة، وربطة العنق كزيّ الرجل الجديد؛ موظف الدولة، والتاجر، والمدرّس، والسياسي. ولئن مثّلت البدلة الأوروبية في البداية لباسًا رسميًّا، فقد أصبحت لاحقًا تجسيدًا لرؤية جديدة للزمن، تنتصر للسرعة والتنظيم والعقلانية، على حساب التفصيل الفلكلوري الحامل لمعاني الطمأنينة والهوية.

وأما المرأة، فقد شهدت أزياؤها تحوّلاً جوهريًا، إذ بدأت البلوزة والتنورة والفساتين القصيرة نسبيًا تحلّ محلّ الثوب التقليدي في البيئات الحضرية، تعبيرًا عن انفتاح اجتماعي من جهة، وضغط مجتمعي نحو النمط المعولم من جهة أخرى. ومع ذلك، لم تكن هذه القطيعة شاملة؛ إذ ظلّ الزي التقليدي يظهر في حفلات الزواج، والمناسبات الدينية، والمهرجانات الفلكلورية، بوصفه رمزًا للماضي الحيّ، لا الماضي المنسي.

وأما الطربوش، الذي ظلّ ماثلًا على رؤوس الرجال حتى خمسينيات القرن، فقد تراجع سريعًا بوصفه “أثرًا عثمانيًا” تجاوزه جيل الجمهورية والاستقلال. وكان تراجعه علامة على صعود مشروع الدولة الوطنية الحديثة، وتخلّيها عن إرث السلطنة العثمانية في المظهر كما في السياسة. وبالتالي، تُمثّل الأزياء السورية في القرن العشرين ذاكرة مفككة بين التقليد والمعاصرة، بين الرغبة في الحفاظ على الخصوصية، والضرورة في الانخراط بعالم يتطلب توحيد الأنماط، وتشذيب الفروق.

الأزياء السورية والتنوع الجغرافي: تجلّيات الجسد في مرايا المكان والهوية

يُعدّ التنوع الجغرافي في سوريا مفتاحًا لفهم التعدد الهوياتي والثقافي الذي شكّل ملامح اللباس التقليدي، بوصفه مرآة مرئية لتمفصلات التاريخ والمناخ والإثنية، وتعبيرًا عن روح المكان حين تتجسد على الجسد.

دمشق وريفها: فخامة البروكار وتموضع المدينة كعاصمة حضارية

تميّزت دمشق، باعتبارها مركزًا تاريخيًا للإبداع، والذوق الراقي، بصناعة نسيجية فريدة، وأبرزها البروكار الدمشقي، الذي يجمع بين رهافة الحرير وبذخ التطريز. ولم يكن البروكار قماشاً عادياً، وإنما خطابًا جماليًا يُجسّد أنوثة المدينة في احتفالاتها وأعراسها، حيث ارتدت النساء أثوابًا مطرزة بخيوط الذهب، تُعلن عن فخر الطبقة وبهاء الحضور. وأما في المجال العام، فقد عَبّرت “الملاية” السوداء (الإزار) عن المعادلة بين الحياء والهيبة، وبين الخصوصية الأنثوية والانضباط الاجتماعي. وبالمثل، ارتدى الرجال القمباز بأصنافه (الصاية والسقّو)، وفوقه الدامر (السترة القصيرة)، مع شال مطرّز يربط على الخصر، بينما بقي الطربوش، عاليًا أو قصيرًا، دالًا بصريًا على الانتماء الحضري، وهيبة الرجولة الدمشقية في فضائها العام.

حلب وشمال سوريا: أناقة التفاصيل وذاكرة الحرير المموّج

في حلب، تجلّى الذوق الحلبي في الاهتمام بالتطريز، والتفصيل الدقيق، حيث احتل قماش الإيكات متعدد الألوان مكانة مرموقة، سواء في معاطف النساء أو أزياء الرجال. وتميزت تلك الأزياء بتفاصيل لا تُرى مباشرة؛ بطانة داخلية مزخرفة بخيوط أطلسية لامعة، كأن الجمال هناك يحتفي بذاته خفيةً، دون ادعاء. وعلى غرار دمشق، تبنّى الحلبيون القمباز، والثوب الطويل، لكنهم أولوهما مسحة محلية أضافت إلى الزي بُعدًا حِرَفيًا مدهشًا.

الجزيرة السورية: الفسيفساء الإثنية وخطاب الاختلاف في اللباس

في الجزيرة السورية، فقد تكثّف التنوع الإثني في نسيج الأزياء ذاتها. فالمرأة الكردية مثّلت بأزيائها لوحةً من الألوان الزاهية والقصّات الواسعة التي توحي بالتحرر والانسيابية. وارتدت الثوب الطويل، وفوقه القفطان أو السترة، وتزيّنت بالحلي المعدنية، كأنها تُعيد إنتاج مفهوم الزينة بوصفه تعبيرًا عن الفخر الجماعي لا الفردي. وأما نساء السريان والآشوريين، فتميّزن بأثواب داكنة مطرزة برموز هندسية ونباتية، تُحاكي تراثًا يمتد إلى ما قبل الدولة القومية، وتُعبّر عن هوية ليتورجية حاملة لذاكرة الجماعة، خصوصًا في القبعة المزينة التي تعتمرها العروس رمزًا للجاه والمكانة.

وتميّز زيّ المرأة العربية في الجزيرة السورية بالبساطة الممزوجة بالأناقة القروية، حيث ارتدت أثوابًا طويلة غالبًا بلون داكن، مطرزة يدويًا بخيوط زاهية عند الأكمام والصدر. واستخدمت النساء وشاحًا لتغطية الرأس يُثبت أحيانًا بقطعة معدنية بسيطة، في دلالة على العفة والانتماء. ويُعد هذا اللباس امتدادًا للبيئة البدوية والفلاحية التي تمزج بين العمل اليومي والرمز الاجتماعي.

الجنوب السوري: بين بدوية الطيف وحضارية الخطوط

في جنوب سوريا، شكّلت أزياء حوران وجبل العرب تعبيرًا عن عمق التداخل بين البداوة والفلاحة، بين فلسطين والأردن وسوريا. حيث سادت الأثواب السوداء المطرزة بألوان صاخبة، كتجلٍّ للهوية الأنثوية في مجال قروي شاق لكنه مفعم بالحياة. وحملت “المزرّك” أو “الشرش” في طيّاتها قصاصات قماشية ملوّنة، تصوغ على جسد المرأة سردية عن الصبر والجمال والتجذّر. وفي جبل العرب، حافظت النساء على زيّ “المدرقة” المخططة، مع الحزام العريض، وكأنّ الخطوط تمثل انضباطًا جماعيًا وتماسكًا قيميًا، فيما حافظ المنديل على قدسية الرأس كحامل للشرف والعقل.

الساحل السوري: لباس المناخ والوظيفة

في الساحل السوري، حيث للبحر حضوره، وللطقس لطافته، حيث تبنّى الرجال الشروال القطني الواسع والقمصان الخفيفة، في تكيّف بيئي عملي. واعتمروا الكوفية والعقال، لا لتقليد البدوي، بل لدرء الشمس، فيما حافظت النساء على عباءات داكنة مطرزة يدويًا. وكبيرات السن كنّ يرتدين طرابيش بيضاء قماشية يغطيها شال حريري، في مشهد يُذكّر بأنّ الجمال لا يسكن فقط الشباب، بل يستكمل ذاته في الحكمة والتجربة.

الدلالات الرمزية والاجتماعية للزيّ السوري

لم تكن الأزياء التقليدية في المجتمع السوري كساء يستر الجسد فقط، بل شكلت منظومة دلالية معقّدة، يُقرأ من خلالها موقع الفرد داخل الهرم الاجتماعي، وموقفه من منظومات القيم، كما كانت تنطوي على خطاب رمزي يتجاوز المظهر إلى الجوهر، ويتقاطع فيه الاقتصاد مع السياسة، والتنوع الاجتماعي مع الدين. فالتمييز الطبقي، على سبيل المثال، لم يكن فقط في المسكن أو المهنة، بل انطبع أيضًا في نوع القماش وجودته وزخرفته. فالحرير الطبيعي والمخمل الموشّى بخيوط الذهب شكّلا رمزيْ ترفٍ ينحصر في طبقة الأغنياء وأصحاب النفوذ، بينما اكتفى عامة الشعب بالأقمشة القطنية والصوفية الخشنة، في مشهدٍ من التفاوت الاجتماعي الذي وصفه الرحّالة الغربيون بلغة صادمة تعكس المفارقة بين التصور الأوروبي للزينة، وبين واقع فقراء الحواضر الشرقية، الذين يرتدون أسمالًا مرقّعة لا تقي حرًّا ولا بردًا.

وقد حمَل اللباس دلالات على التنوع المجتمعي بشكل واضح، ترسّخ عبرها الفصل الاجتماعي بين الذكور والإناث، والداخل والخارج، والعام والخاص. فزيّ المرأة التقليدي كان محكومًا بمنظومة الحشمة التي جسّدها الحجاب والعباءة والنقاب، وهي رموز لا تكتفي بوظيفة السِّتر، بل تحمل حمولة ثقافية تُملي على الجسد الأنثوي الانكفاء والانضباط. وفي المقابل، تجلّت حرية الرجل في الأزياء الفضفاضة المعدّة للحركة: السروال الواسع، الطربوش، والعمامة، وحمل السلاح أحيانًا، في خطاب يُكرّس الرجل كفاعل في المجال العام.

وتقترن المناسبات الاجتماعية بدلالات طقسية للزيّ، فتتحول الأقمشة والزينة إلى علامات انتقالية تُشير إلى لحظة خاصة في عمر الإنسان أو المجتمع: العروس بثوبها المطرّز تشكّل جسدًا يُعاد إنتاجه ليُصبح “جديرًا بالانتقال”، كما أن اللباس المزيّن في الأعياد يُعبّر عن انبثاق الفرح الجماعي واستحضار قيم البهجة والوحدة.

أما من حيث البعد السياسي، فقد كان الطربوش في أواخر العهد العثماني رمزًا مزدوجًا؛ من جهة، شعار وجاهة وانضواء ضمن السردية العثمانية، ومن جهة أخرى، أداة لإثبات الذات في زمن البحث عن هوية وطنية حديثة. ومع دخول سوريا مرحلة الاستقلال، أضحى الطربوش محلّ خلاف رمزي: هل يُحافظ عليه كتقليد اجتماعي أم يُرفض بوصفه “أثرًا عثمانيًا”؟ وما لبث أن أُقصي تدريجيًا في الخمسينيات، ليحلّ مكانه غطاء الرأس الشعبي ـ الكوفية ـ التي تحوّلت بدورها إلى رمز كفاحي في الوجدان الفلسطيني والعربي المعاصر، معبّرة عن تحوّل الرموز البصرية من الفخامة والأبهة إلى الصمود والمقاومة.

لحظة الأفول: نهاية الزيّ التقليدي وصعود البديل الكوني

إن لحظة اندثار الزيّ التقليدي السوري بعد منتصف القرن العشرين كان علامة ثقافية فارقة في تحول المجتمعات من البنية التقليدية إلى بنية حداثية عالمية، تقودها الحركات القومية، وتُهيمن عليها سرديات الدولة الحديثة. فقد أدّت موجة التحديث، بتجلّياتها العمرانية والمؤسساتية والتعليمية، إلى انزياحٍ تدريجي في نظرة الأفراد لأنفسهم، حيث صار اللباس الغربي يُجسّد صورة “المواطن العصري” القادر على مواكبة الإيقاع العالمي. وساهمت الصناعة الحديثة في إنتاج ملابس جاهزة زهيدة الكلفة، ما أدى إلى انحسار الدور الاقتصادي والاجتماعي للحرفيين، كالخياطين والمطرّزين والنسّاجين المحليين. وكما لعبت الهجرة الريفية إلى المدن دورًا في تسطيح الفروقات المناطقية في اللباس، وتعميم النمط المديني ذي البعد “العملي”، وهو ما أنتج جيلًا ينظر إلى الزيّ الفلكلوري بوصفه “تراثًا” لا “واقعًا”، و”ماضياً” لا “استمرارية”.

ومع نهاية القرن العشرين، أضحى الزيّ التقليدي حاضرًا فقط في هوامش الحياة الاجتماعية؛ المناسبات التراثية، والمهرجانات الفلكلورية، أو في صور كبار السن. ومع ذلك، لا يخلو المشهد من محاولات استعادة الذاكرة، كما يظهر في فعاليات “يوم الزي الكردي القومي” في الجزيرة الفراتية. وبالتالي، تحول الزيّ من لباس إلى تجسيد حيّ للهوية الوطنية المتعددة، يُشارك فيه الكرد والعرب والسريان والتركمان والشركس والأرمن، ليس لاستعادة ماضٍ وهوية خاصة فحسب، بل لإعلان الثبات في وجه التغريب والتغيير.


المراجع:

1. Jessup, Henry Harris. Syrian Home Life. New York: Dodd & Mead, 1876.

2. بارسكي، فاسيلي. يوميات رحلة في بلاد الشام 17231747م. مخطوط مترجم ومنشور، الطبعة والمترجم مجهولان. انطباعات شخصية عن الشام في القرن الثامن عشر.

3. الحسن، أحمد محمود. الأزياء الشعبية النسائية في سورية: دراسة تراثية. دمشق: وزارة الثقافة، 198م.

4. حمامي، حسن. الأزياء الشعبية وتقاليدها في سورية. دمشق: وزارة الثقافة والإرشاد القومي، 1963م.

5. الطنطاوي، علي. ذكريات علي الطنطاوي. عدة أجزاء. دمشق: دار المنارة، 1985م.

6. عيّاش، عبد القادر. حضارة وادي الفرات: مدن فراتية (القسم السوري). دمشق: منشورات خاصة، 1989م.

7. قباني، رنا. أساطير أوروبا عن الشرق: لفّق تسد. ترجمة صباح قباني. دمشق: دار طلاس، 1993م.

عن الكاتب


شاركها.