اخبار تركيا
أعلنت جامعة دمشق افتتاح قسم جديد للغة التركية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية مع بداية العام الدراسي 20252026، في خطوة تهدف إلى تعزيز التبادل الأكاديمي والثقافي بين سوريا وتركيا. ويأتي هذا القرار ضمن خطة لتطوير التعليم اللغوي وربط الطلاب السوريين بالخبرات الأكاديمية التركية، بما يسهم في إعداد خريجين قادرين على التواصل الفعّال مع محيطهم الإقليمي والدولي.
ويأتي هذا القرار ضمن مسار لتطوير العلاقات الأكاديمية والثقافية بين سوريا وتركيابعد توقيع اتفاقيات متعددة في مجال التعاون العلمي في مايو/أيار الماضي بين وزارتي التعليم العالي في البلدين تضمنت تأسيس جامعة مشتركة، وتبادل الخبرات والبرامج الأكاديمية، بحسب تقرير لشبكة الجزيرة القطرية.
مواكبة وتطور
وأكد رئيس جامعة دمشق، مصطفى صائم الدهر، أن القسم الجديد سيستقبل نحو 100 طالب خلال العام الجاري، وذلك بعد إنجاز التجهيزات اللوجستية واستقدام الكوادر المتخصصة بتدريس اللغة التركية وآدابها.
وأوضح الدهر أن افتتاح قسم اللغة التركية يُمثِّل خطوة إستراتيجية تواكب تطلعات الجامعة “في بناء جسور أكاديمية وثقافية مع تركيا، وتنسجم مع رؤيتها في إعداد خريجين يمتلكون كفاءة لغوية وثقافية قادرة على الانفتاح على العالم، في ظل تزايد أهمية اللغة التركية وحضورها الإقليمي والدولي”.
وأشار إلى أن الجامعة تعمل على التنسيق مع الجانب التركي لإيفاد أساتذة من جامعات تركية للتدريس في القسم، إلى جانب إمكانية استضافة الطلاب خلال العطلة الصيفية في جامعات تركية بهدف تعزيز مهاراتهم اللغوية والثقافية.
تعزيز الثقافات
من جهته، اعتبر عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة دمشق، علي اللحام، أن القسم المستحدث يشكل “إضافة نوعية” في منظومة التعليم اللغوي في سوريا، والتي تشمل لغات أخرى مثل الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والروسية والفارسية.
وأوضح أن إدخال اللغة التركية إلى الكلية “يُعزّز الفهم المتبادل بين الثقافات، ويستجيب لحاجات مجتمعية متنامية للتواصل مع تركيا في مجالات الثقافة والتجارة والسياحة”.
ويتم التنسيق حاليا حسب اللحام مع السفارة التركية لوضع الخطط الدراسية الخاصة بالقسم، واستقدام المدرسين، وتشكيل لجان للإشراف على القسم وتنظيم شؤونه الأكاديمية، وأوضح أن قرار افتتاح القسم أقرّ في مجلس جامعة دمشق وسيرفع إلى مجلس التعليم العالي لاستكمال أسباب وموجبات صدوره بشكل رسمي.
ويرى أكاديميون أن التوجه نحو إدخال اللغة التركية في المناهج التعليمية السورية يعكس إدراكا متزايدا لدى الإدارة السورية لأهمية اللغات الإقليمية في مرحلة إعادة الإعمار، لا سيما بعد أن أصبحت تركيا شريكا فاعلا في العديد من الملفات الاقتصادية والسياسية في المنطقة.
استئناف العلاقات
وكانت العلاقات الأكاديمية السورية التركية شهدت تحسنا ملحوظا في إطار التقارب السياسي والاقتصادي بين البلدين خلال العقد الأول من الألفية الجديدة، لا سيما بعد توقيعاتفاقية أضنة الأمنيةبين الجانبين عام 1998، حيث بدأ البلدان مرحلة جديدة من الانفتاح شملت التعاون في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي.
ولاحقا انقطعت العلاقات الدبلوماسية بين سوريا وتركيا عام 2012، بسبب موقفأنقرةالداعم للمعارضة خلال مرحلةالثورة السورية(2011 2024)، مما أدى إلى إغلاق السفارتين ووقف التعاون السياسي والاقتصادي فضلا عن الأكاديمي بين البلدين.
ومع استئناف العلاقات الدبلوماسية بين دمشق وأنقرة عقب سقوط نظامبشار الأسدفي 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، شرع البلدان بإعادة تفعيل وتطوير مجالات التعاون الثنائي بما في ذلك التعليم العالي والبحث العلمي.
العلاقات التركية السورية منذ سقوط نظام البعث
وفي تطور تاريخي، أُعلن يوم الأحد 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 عن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، بعد دخول الفصائل السورية المسلحة إلى العاصمة دمشق. وفرّ الأسد إلى موسكو، منهياً بذلك حكماً دام 24 عاماً، امتداداً لسيطرة عائلته على السلطة منذ عام 1970.
وجاء هذا التحول بعد نحو 14 عاماً من اندلاع الثورة السورية، حيث صعّدت الفصائل المسلحة عملياتها العسكرية منذ أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2024، انطلاقاً من ريف حلب الغربي وصولاً إلى دمشق، لتنتهي بذلك 61 عاماً من حكم حزب البعث وحقبة الأسد في سوريا.
بدورها، أعلنت تركيا دعمها للإدارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، وأعادت فتح سفارتها في دمشق بعد نحو 12 عاماً من الإغلاق. وجاء ذلك بعد زيارة رئيس جهاز الاستخبارات التركي، إبراهيم كالن، للعاصمة السورية، في خطوة عكست تأييد أنقرة للتحولات السياسية في البلاد.
وفي أول زيارة لمسؤول أجنبي بعد سقوط النظام، وصل وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إلى دمشق يوم 22 ديسمبر/كانون الأول 2024، حيث أجرى مباحثات مع الرئيس الشرع ومسؤولين آخرين. واستمر تبادل الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين، حيث زار وزير خارجية سوريا الجديد، أسعد الشيباني، أنقرة في 14 يناير/كانون الثاني 2025، بينما شهدت العاصمة التركية يوم 4 فبراير/شباط 2025 زيارة تاريخية لرئيس سوري، هي الأولى منذ 15 عاماً.
من جانبه، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مراراً التزام بلاده بدعم سوريا في مرحلة ما بعد سقوط النظام، سياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً وعسكرياً. كما شدد على رفض تركيا القاطع لـ”الأطماع الانفصالية” في سوريا، إلى جانب إدانته للهجمات الإسرائيلية التي تصاعدت عقب انهيار نظام الأسد.
ويتواصل التعاون التركي السوري حاليا في شتى المجالات وعلى رأسها الاقتصاد والتجارة والنقل، حيث رفعت تركيا قيودا تجارية كانت مفروضة زمن النظام المخلوع، فيما تقدم مؤسسات القطاع العام والخاص التركية مساعدات مختلفة لسوريا سواء على الصعيد الرسمي أو الشعبي.
