اخبار تركيا

المبادرة الأطلسية وإعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية في الساحل وجنوب الصحراء الإفريقي

محمد قدو الأفندي خاص اخبار تركيا

أن مبادرة العاهل المغربي الملك محمد السادس في تشرين الثاني عام 2023، لتمكين دول مجموعة الساحل الإفريقي من الاستفادة من المحيط الأطلسي هي مشروع استراتيجي، وواعد فمن شأن هذه المبادرة تمكين دول الساحل وهي مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد من الدخول مباشرة الى المحيط الأطلسي لتسويق منتجاتها وتحقيق تنمية شاملة لمواطنيها وهو يتماشى مع سياسة مغربية لأيجاد حلول لتمكين هذه الدول من التحكم في ثرواتها ومستقبلها .

أن مؤتمر مراكش الذي عقد بتاريخ 23 ديسمبر 2023، الذي شهد توقيع اتفاق يحمل في طياته موافقة مبدئية على تفعيل الرؤية الملكية المغربية، وذلك بحضور رسمي لوزراء كل من مالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو، والذي من خلاله تم الاتفاق على إنشاء فرق عمل وطنية لدراسة كيفية وسبل تنفيذ الاتفاق والرؤية الملكية. وفي تصريح لوزير خارجية مالي أكد أن وهب الماء هو وهب الحياة، وأكد وزير الخارجية المغربي أن التحديات التي تواجهها دول الساحل يواجهها المغرب من خلال بعده الإقليمي ومحيطه الأفريقي، في إشارة واضحة إلى أن التنمية الأفريقية تحتاج إلى عمل جماعي وقوة عمل إقليمية حازمة..

يعتبر القرن العشرين عصر التنظيم الدولي في ظل زيادة عدد الوحدات السياسية بعد الحرب العالمية الثانية والتي تبلورت فيها الإقليمية كظاهرة ، أذ أن هناك العديد من التكتلات كالاتحاد الأوروبي التي تطورت فيه فكرة التكتل الإقليمي بشكل بارزحيث يؤكد أنصار التوجه الإقليمي على أهمية إنشاء تنظيمات إقليمية لتحقيق ذلك، ومن هنا نشأت نظرية (السلام الإقليمي)، بعد الحرب العالمية الثانية. وما ساعد على بلورة الأفكار الإقليمية هو تطور التفاعلات على المستوى الواقعي بين الدول، وهو ما ساهم في تعجيل الاتجاه نحو التكامل الإقليمي في كل جزء من العالم .

أن التكتل الاقتصادي هو عبارة عن إيجاد أحسن السبل للعلاقات الدولية والسعي لإزالة كافة العقبات والمعوقات أمام هذا التعاون. أي أن التكتل الاقتصادي هو وسيلة تجعل من العلاقات الدولية تتميز بالنمط التعاوني أكثر من النمط التنافسي ألصراعي الذي يميز العلاقات الدولية في فترات الحربين العالميتين .

إن الاهتمام بالتعاون والتكامل الإقليمي في أفريقيا يعود إلى ما قبل الاستقلال. إلا أن الفترة من 1960 إلى 1980 شهدت ظهور مخططات التكامل الإقليمي الكبرى التي دفعت أجندة التكامل الاقتصادي في القارة إلى الأمام. وقد أسفرت جهود التكامل والتعاون الاقتصادي الإقليمي بعد الاستقلال عن مجموعة متنوعة من المبادرات الأمر الذي جعل أفريقيا المنطقة ذات أعلى كثافة من ترتيبات التكامل والتعاون الاقتصادي.. وعلى الرغم من السجل غير المرضي لأفريقيا في التكامل الإقليمي على مدى عقود من الزمن، فإن قضية التعاون والتكامل أصبحت أقوى بكثير في السنوات الأخيرة، وذلك بسبب حقيقة أن القارة تواجه عددا من التحديات الكبرى، وأبرزها العولمة والبيئات الاقتصادية والسياسية العالمية المتغيرة، والتي يشكل تعزيز التعاون والتكامل استجابة مناسبة لها

أن المبادرة الغربية التي تمكن دول مجموعة الساحل الافريقي من الاستفادة من المحيط الأطلسي لها أهمية استراتيجية فعالة في دعم تسويق منتجاتها ونشاطاتها التجارية فمنذ بدء أنشطة التجارة البحرية، لعبت الموانئ دوراً محورياً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلدان، حيث يتم نقل أكثر من 80% من تجارة السلع العالمية حجما عبر الطرق البحرية.

بناء على ما سبق، فإن المبادرة المغربية تقدم فرصة لتنويع مسارات التجارة الخارجية وطرق الاستيراد والتصدير لهذه الدول التي تعاني أصلا من حصار جغرافي، فاتحة الطريق أمام أكبر مناطق الموارد الطبيعية من ذهب ويورانيوم ونفط للمزيد من فرص التعدين، وهو ما قد يرفع ميزان الصادرات والإيرادات لهذه الدول بنسبة 40 في المئة، مما سيكون له تأثير إيجابي على دول المنطقة وبهذا يعكس اهتمام المملكة المغربية بأقامة التكتلات الاقتصادية في القارة السمراء .

وهي : يضم تكتل دول الساحل أكثر من 85 مليون نسمة.

والنيجر هي أكبر دول هذا التكتل بنحو 25 مليون نسمة، وتمتلك واحد من أكبر احتياطات العالم من اليورانيوم، وكميات كبيرة من النفط.

وتعتمد بوركينا فاسو، التي تضم 21 مليون نسمة، على الزراعة، حيث يعتمدون على زراعة الكفاف (تكفي الأسرة فقط).

وتشاد خامس أكبر دولة إفريقية من حيث المساحة، غنية بالنفط، وتضم 14 مليون نسمة، وتعتمد على الزراعة.

وموريتانيا التي تضم 4.2 مليون نسمة يعتمد اقتصادها على الصيد البحري، لتوفرها على سواحل مطلة على المحيط الأطلسي، فضلا عن توفرها على ثروات معدنية مثل الحديد والنحاس والذهب.

ودولة مالي بتعداد سكاني نحو 21 مليون نسمة، يعمل ثلاثة أرباع سكانها في الزراعة، رغم أن خمس أراضي البلاد قابلة للزراعة

أن المغرب الذي يستعد لتفعيل مبادرة التكتل مبادر بصورة خاصة لتقوية اسطولها البحري مثلما تتهيأ لتوسيع ميناءها الأطلسي ليستعد الى استقبال السفن والبواخر التي تنقل بضائع هذه الدول مثلما تنقل اليها البضائع الواردة أما من ناحية الطريق البري السريع الذي يربط تيزنيت الداخلة، الذي وصلت نسبة أنجازة إلى مايقارب 100٪، في فتح الأبواب لربط هذا الميناء الاستراتيجي بالعمق الأفريقي عبر موريتانيا .

أنّ المدة المتوقعة، لتجسيد البنية التحتية المطلوبة لايمكن أن يستغرق اكثر من عدة سنوات ، اعتمادًا على مستوى الاستثمار، التعاون الإقليمي، والاستقرار السياسي والأمني في المنطقة. ‏ وفي الطرف الآخر، إنْ تجسّدت المبادرة على أرض الواقع، فإن الارتباط بالمحيط الأطلسي يقلل تكلفة الشحن. على سبيل المثال، تكلفة نقل البضائع قد تنخفض بنسبة تتراوح بين 1015٪، مما يعزز التنافسية الاقتصادية لهذه الدول في الوصول إلى الأسواق الدولية مما يحفز النمو الاقتصادي. ‏تمامًا كما الاستثمار في البنية التحتية يمكن أن يخلق آلاف الوظائف، مما يساهم في تخفيض معدلات البطالة .

عن الكاتب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *