تحالف الأقوياء بين تركيا وباكستان

طه عودة أوغلو مركز الدراسات العربية الأوراسية
جاءت زيارة رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف إلى العاصمة التركية أنقرة 22 أبريل (نيسان) 2025 في وقت عصيب تمر به منطقة الشرق الأوسط؛ فبحسب المراقبين السياسيين، فإن هذه الزيارة تحمل كثيرًا من الأهداف.
بحسب التصريحات الرسمية من الرئاسة التركية، فقد أكدت تركيا وباكستان التزامهما بتعزيز التعاون الثنائي في مختلف القطاعات، وذلك خلال لقاء رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة.
وتعهد الجانبان بمواصلة تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين إسلام آباد وأنقرة، وتعزيز السلام والاستقرار والتنمية والازدهار في المنطقة، لكن الأهم في الزيارة هو وضع تركيا وباكستان خريطة طريق لتصنيع أسلحة إستراتيجية في إطار مساعيهما إلى تعزيز التعاون العسكري بينهما، ويأتي هذا التعاون ليؤكد مخاوف (الغرب) من وحدة في الصناعة العسكرية بين الدول العربية والإسلامية.
وتأتي زيارة رئيس وزراء باكستان بعد سلسلة من اللقاءات السياسية والعسكرية بين الطرفين الباكستاني والتركي بداية العام الجاري (زيارة الرئيس أردوغان إلى باكستان في فبراير (شباط) الماضي) لمناقشة التعاون في صناعة الدفاع، بما في ذلك الإنتاج المشترك، وخلال زيارة أردوغان إلى باكستان، وُقِّعَت 24 اتفاقية تعاون في مجالات مختلفة، منها 3 اتفاقيات في المجال العسكري، وشملت الاتفاقيات العسكرية الموقعة:
بروتوكول تعاون بشأن تبادل الأفراد العسكريين.
مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الحرب الإلكترونية للقوات الجوية.
بروتوكول التعاون والتدريب في مجال الصحة العسكرية.
ويرى الخبراء العسكريون أن أنقرة تسعى إلى موازنة نهج سياستها الخارجية بين (الشرق والغرب) مع أوروبا والولايات المتحدة من جهة أولى، وروسيا والصين من جهة ثانية، وتفعيل إستراتيجيتها الخاصة من جهة ثالثة.
وترى أنقرة أن توسيع العلاقات الإستراتيجية والعسكرية مع باكستان يساعد على زيادة نفوذها في آسيا، ويوفر خيارات جديدة لطموحاتها في السياسة الخارجية، خاصةً مع تجاهل الاتحاد الأوروبي رغبتها في الانضمام إليه.
في المقابل، تسعى إسلام آباد إلى زيادة قدراتها العسكرية في مواجهة الهند (تحديدًا) التي تشهد علاقاتها في الوقت الراهن توترًا غير مسبوق، حيث تهتم بأن يكون لديها التفوق النوعي إلى (جانب الكمي)؛ تحسبًا لمواجهة مقبلة، خاصةً في ظل تفاوت كبير جدًّا في عدد السكان بين البلدين، وهو ما تأخذه باكستان في الحسبان.
كما سيشكل التعاون العسكري بين تركيا وباكستان عامل ضغط على نيودلهي، التي ستصبح شبه محاصرة شمالًا، أي إن منافذها من تلك المنطقة ستكون مراقبة، إن لم نقل مهددة؛ ومن هنا يمكن تفسير مساهمة الهند في إعادة إحياء ممر (شمال جنوب) نحو روسيا عبر إيران وأذربيجان، وهي التي تدرك تمامًا أهمية الممرات للتجارة العالمية.
على الجانب الآخر، أثارت التحركات التركية الباكستانية الأخيرة في مجال التعاون العسكري، ومشاركة الخبرات في الصناعات العسكرية والدفاعية، وما نتج عنها من توقيع اتفاقيات شراكة، قلقًا وتوجسًا من أطراف إقليمية ودولية.
وقبل أشهر، أثار الاتفاق العسكري الباكستاني التركي على تطوير طائرة مقاتلة من الجيل الخامس، ثم تطوير مسيرات، وهو السلاح الجديد الذي يقلب كثيرًا من معادلات ومفاهيم الحرب، الحالية والمستقبلية، أثار ذلك الاتفاق حالة من القلق لدى الدول الغربية.
وشهد التعاون بين تركيا وباكستان في قطاع الدفاع تسارعًا كبيرًا منذ سنوات، وخلال الأشهر الأخيرة، أُعلن إنشاء مصنع مشترك مخصص لإنتاج مقاتلة (قآن)، وهو مشروع كبير في مجالي التسليح والفضاء.
وتعد مقاتلة (قآن) التي طورتها شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية (TAI) مقاتلة من الجيل الخامس، تمثل نقطة تحول إستراتيجي لتركيا في سعيها إلى تحديث قواتها الجوية، وتعزيز صناعتها العسكرية.
وأخيرًا، بالإضافة إلى ما تلتقي عنده تركيا وباكستان من أواصر ترابط وعلاقات سياسية قوية، يأتي “الشق العسكري”)بارزًا بمؤشراته العامة التي أفصحت عنها الاتفاقيات العسكرية المبرمة بين البلدين، فيما تدعم ذلك تصريحات المسؤولين السياسيين في كلا البلدين، وينتظر أن تشهد الفترة المقبلة تفاعلًا عسكريًّا مشتركًا بين البلدين، تتمخض عنه مشروعات وفرص عسكرية، فضلًا عن صفقات عسكرية.