اخبار تركيا
تناول مقال للكاتب والمحلل التركيبولنت أوراك أوغلو، الهجمات الأخيرة التي شنها تنظيم قسد (واي بي جي) على القوات السورية في شرق الرقة، في وقت يشهد فيه التنظيم ضغوطًا متزايدة للالتزام باتفاق 10 مارس 2025 الذي يقضي بدمجه ضمن الجيش السوري ووقف إطلاق النار وضمان حقوق المجتمع الكردي.
ويشير الكاتب إلى اتهامات التنظيم للحكومة السورية بالتعاون مع داعش، في حين تكشف الأحداث عن محاولات التنظيم لخلق الفوضى بالتوازي مع تدخل أمريكي لإدارة سلوك قسد، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل اندماج التنظيم مع الدولة السورية وتراجع نفوذه على الأرض.
وفيما يلي نص المقال الذي نشرته صحيفة يني شفق:
شنّ عبدي، زعيم تنظيم قسد (واي بي جي) التابع لـ تنظيم بي كي كي الإرهابي في سوريا، هجمات الأسبوع الماضي على القوات السورية المشاركة في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، متهمًا الحكومة السورية بالتعاون مع التنظيم. وفقًا للتقارير المنشورة في وسائل الإعلام الرسمية السورية، تشهد مناطق شرق الرقة اشتباكات عنيفة بين قوات تنظيم قسد (واي بي جي) وقوات الحكومة السورية. وتشير المعلومات الواردة إلى أن تنظيم قسد (واي بي جي) شنت هجمات على قواعد عسكرية للجيش السوري على مدن بريف الرقة، فيما ردت وحدات المدفعية التابعة للجيش على هذه الهجمات.
إلا أن تنظيم قسد (واي بي جي) يتهم الحكومة السورية، ضمن استراتيجية واضحة للتضليل الإعلامي، بالتعاون مع تنظيم داعش لتنفيذ هجمات ضدهم. وأعلن تنظيم قسد (واي بي جي) أنه أسقط طائرتين مسيرتين انطلقتا من نقاط تسيطر عليها قوات الحكومة السورية في ريف الرقة، مؤكدا أن الطائرتين كانتا تستخدمان من قبل عناصر التنظيم.
ادعاء “الدولة السورية فتحت مواقع لداعش”
ووفقًا للبيان، فإن الطائرتين هما من نوع Matrice M30 وFPV.
وأوضح البيان: “التحليل الفني للذاكرة الداخلية للطائرات المسيرة التي تم ضبطها كشف أن الأشخاص الذين كانوا يستخدمون هذه الطائرات لأغراض الاستطلاع والهجوم هم عناصر أجانب ينتمون لتنظيمداعش. وقد تبيّن أن هؤلاء الأشخاص تمركزوا في مواقع الحكومة السورية المواجهة لخطوط الدفاع التابعة لتنظيم قسد (واي بي جي). البيانات المتوفرة تثبت تعاون قوات الحكومة السورية مع التنظيم، إذ فتحت الدولة السورية مواقعها لعناصر التنظيم لاستخدام الطائرات لأغراض الاستطلاع والهجوم.”
هذا الادعاء يستهدف بوضوح توتير العلاقات بين الولايات المتحدة والدولة السورية، وهو تكتيك واستراتيجية مشابهة لتكتيكات إسرائيل.
هل يختبر تنظيم قسد (واي بي جي) صبر دمشق؟
يحاول تنظيم قسد (واي بي جي) تقديم نفسه على أنه الضحية الوحيدة لنظام بشار الأسد، في حين أن النظام مارس القمع على كافة الفئات الاجتماعية. ومع اندلاع الحرب الأهلية، لم يقم تنظيم قسد (واي بي جي) بمواجهة الأسد، بل انحاز للولايات المتحدة لتعزيز مكتسباتها. وهو ليس شريكًا في الثورة السورية، ولم بسهم في هذا النجاح، لكنه يتصرف اليوم كما لو أنه من قام بالثورة، ويطالب بـ“شراكة” في المستقبل. وعندما أدرك أن الدولة السورية هي الطرف الوحيد المعترف به دوليًا، وأنه تم نقل ملف تنظيم داعش من تنظيم قسد (واي بي جي) إلى دمشق، ويجب على المركز الإقليمي أيضًا التكيف مع هذا الواقع.
بعد أيام قليلة، عُقد في دهوك منتدى الشرق الأوسط للسلام والأمن 2025. شارك زعيم تنظيم قسد (واي بي جي)، عبدي، في المنتدى مرتديًا بدلة وربطة عنق، وقد نشرت وسائل الإعلام المقربة من التنظيم الصور بحماس. وأُزيل أي إحباط ناتج عن الصور التي ظهرت في البيت الأبيض، مع التلميح بأن تنظيم قسد (واي بي جي) معترف بها دوليًا، وذلك لتهدئة قواعدها الداخلية. خلال المنتدى، أكد عبدي موقفه السابق قائلًا:
“لم يعد من الممكن أن تكون سوريا دولة مركزية.” كما تحدثت إلهام أحمد عن الشراكة وتقاسم السلطة في سوريا.
ضرورة إدراك تنظيم قسد (واي بي جي) لتراجع موقفه
يجب أن يدرك تنظيم قسد (واي بي جي) أن الأرض تحته تتقلّص تدريجيًا، وأن مجاله سيتضاءل أكثر يومًا بعد يوم، وأن الاتفاقات التي سيبرمها غدًا ستكون أضعف ممّا كانت عليه اليوم. وإلا، سيتحوّل وجوده إلى قنبلة موقوتة. والدلالة واضحة تمامًا.
ترامب يمسك بزمام تنظيم قسد (واي بي جي)!
في الوقت الذي بدأت فيه تركيا عملية “منطقة بلا إرهاب”، واتخذت دمشق بدعم أنقرة جميع الإجراءات اللازمة لتوحيد سوريا، رفض تنظيم قسد (واي بي جي)/ بي كي كي الإرهابي الالتزام بما وقّعه من اتفاقيات. وبعد أيام من الهجمات على الجيش السوري في الرقة، وُجّهت ضربة حاسمة له. وبينما ردّ الجيش السوري بإطلاق نيران كثيفة من المدفعية، تدخلت الإدارة الأمريكية وأصدرت تعليمات للتنظيم الإرهابي بالالتزام بالاتفاق.
وأكدت المصادر:
“استعادت القوات نقاط التسلل التي دخلها تنظيم قسد (واي بي جي) ليلة الأربعاء والخميس، وأسفر ذلك عن مقتل اثنين من العسكريين وإصابة تسعة آخرين.”
وأوضحت المصادر:
“تم التنسيق بين الجيش والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وتمت دعوة الطرفين للهدوء والالتزام باتفاق 10 مارس.”
وجاء هذا التطور بعد أن أدت الاشتباكات بين قوات الجيش السوري وتنظيم قسد (واي بي جي) إلى وقوع قتلى وجرحى. وقال عبدي يوم الأربعاء إن التقدم في تنفيذ اتفاق مارس لم يتحقق، لكنه أكد استمرار الاجتماعات رفيعة المستوى للتوصل إلى تسوية بين الطرفين.
وأشار عبدي:
“التحديات والعقبات، وتنفيذ الاتفاق ببطء، بالإضافة إلى بعض الفقرات المهملة مثل ملف النازحين من عفرين وغيرها، تشكّل تهديدًا للاتفاق.”
في 10 مارس 2025، وقع عبدي ورئيس الدولة السورية أحمد الشرع اتفاقًا يقضي بدمج تنظيم قسد (واي بي جي) ضمن الجيش، وإقرار وقف إطلاق النار في جميع الأراضي السورية، والاعتراف بالمجتمع الكردي كعنصر أصيل في الدولة، وضمان حقوقه الدستورية ومواطنة كاملة، وحماية النازحين وإعادتهم إلى مدنهم وقراهم، ورفض الدعوات إلى التقسيم، ودعم وحدة الأراضي السورية.
إلا أن زعيم التنظيم الإرهابي، عبدي، يتجاهل حاليًا التزامه بالاتفاق الذي وقّعه في 10 مارس، ويسعى بالتعاون مع إسرائيل لخلق الفوضى في المنطقة. وسيكون من المثير متابعة كيفية تأثير تدخل الرئيس الأمريكي ترامب للسيطرة على زمام تنظيم قسد (واي بي جي) على اندماج التنظيم مع الدولة السورية. ومع ذلك، يبقى التساؤل قائمًا: هل سيوقف البنتاغون و”الدولة العميقة” الأمريكية دعمهم اللامحدود لتنظيم بي كي كي/ واي بي جي الإرهابي، ولمجرم الحرب نتنياهو؟ نسأل الله أن يحدث ذلك.
