تركيا.. بوابة الأمل للسوريين
محمد إبراهيم خاطر خاص اخبار تركيا
عقب اندلاع الثورة السورية بشكل سلمي في مارس 2011م، ومواجهة نظام الأسد المجرم للثوار بالقمع والقتل والتجويع والتشريد داخل مناطق مختلفة من سوريا، فر ملايين السوريين إلى تركيا التي احتضنت أكثر من ثلاثة ملايين منهم.
المهاجرون والأنصار
اللاجئون السوريون وجدوا في تركيا البلد الجار الملاذ الآمن، وقوبلوا بالترحاب من قبل غالبية الأتراك فيما عدا قلة قليلة من القوميين والعلمانيين وقد اعتبر الكثير من الأتراك استضافة بلادهم للسوريين مثل استضافة الأنصار في المدينة للمهاجرين من مكة، وقد لمست ذلك بنفسي خلال زيارات متعددة لتركيا، فغالبية الأتراك متعاطفون مع الشعب السوري، ورافضين للظلم الواقع عليهم.
والكثير من السوريين يعملون في تركيا في أنشطة مختلفة وبعضهم يمتلك محال تجارية، وشركات خاصة، ومشروعات في مناطق مختلفة من تركيا، ولهم دور في النهوض بالاقتصاد التركي.
وتركيا استضافت أكثر من 3 ملايين لاجيء سوري لمدة تزيد عن عشر سنوات، ومثل هذا العدد الكبير من اللاجئين عبئًا سياسيًا واقتصاديًا على حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، وملف اللاجئين السوريين استغلته المعارضة التركية أسوأ استغلال، عندما حملت اللاجئين المسؤولية عن تدهور الأوضاع الاقتصادية في تركيا في السنوات الأخيرة.
وخطاب المعارضة التركية المحرض على اللاجئين، تأثر به بعض الأتراك وبخاصة القوميين والعلمانيين، وظهرت نتيجة لذلك بعض المضايقات وبعض مظاهر العنصرية تجاه العرب وبخاصة السوريين.
أردوغان والثورة السورية
تركيا وقفت مع ثورات الربيع العربي ومع الشعوب المطالبة بحقوقها، وفيما يتعلق بالثورة السورية دعا الرئيس أردوغان بشار الأسد إلى إجراء إصلاحات سياسية، وإلى الاستجابة لمطالب الشعب السوري، ولكن النظام الطائفي المجرم في سوريا أصم أذنيه، ولجأ إلى استخدام العنف المفرط في مواجهة الثوار السلميين، وكانت النتيجة هي تحول الثورة السورية إلى ثورة مسلحة ضد النظام.
وعقب سيطرة المعارضة في الثامن من ديسمبر على العاصمة السورية دمشق، وجّه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رسالة مؤثرة للشعب السوري، بمناسبة إسقاط نظام الأسد، جاء فيها:”إخوتي السوريون الأعزاء… إن تركيا دولة وشعبًا تقف إلى جانبكم اليوم وفي المستقبل كما فعلت بالأمس. رغم انعدام الإمكانات بكل أشكالها، إلّا أنكم سطّرتم ملحمة بدمائكم وأرواحكم وأسنانكم وأظافركم. ولم تنحنوا لا للظلم ولا للظالم، ولم يدب اليأس في قلوبكم حتى في أحلك الأوقات. ومنذ اليوم الأول ردّدتم عبارة “الله أكبر”، وقلتم “هو الرحمن الرحيم” و”هو رب العالمين”، ووضعتم ثقتكم بالله وحده وطلبتم العون منه فقط. لقد سقطتم على الأرض، لكنكم نهضتم مرة أخرى على أقدامكم أقوى من قبل. وسطّرتم بذلك قصة بطولية رائعة ستتناقلها الأجيال بكل فخر وعزّة.
إخوتي لا تنسوا… من صبر ظفَر. أنتم أصحاب هذا النصر المجيد “الذي ازدهر بعد الهزائم”. وبالنيابة عن بلدي وشعبي أحييكم بكل احترام. وأتمنى أن يكون نصركم عزيزا مباركا. وكما أننا لم نترككم وحدكم في نضالكم من أجل الحرية والعدالة، بمشيئة الله تعالى سندعمكم بكل إمكاناتنا في نضالكم من أجل التنمية، وسنقف على قلب رجل واحد وسنتغلب على كل الصعوبات والعراقيل معا. أريدكم أن تعلموا أننا مستعدون لبذل قصارى جهدنا من أجل إرساء السلام الدائم والاستقرار والأمن في سوريا. واليوم مجدد أستذكر بالرحمة جميع الشهداء الذين ارتقوا في سبيل حرية سوريا منذ مذبحة حماة، كما أحيي جميع إخوتي الذين ذرفوا دموع الفرح ودعواالله وسجدوا له شاكرين وعاشوا بعد سنوات فرحة العودة إلى منازلهم وبيوتهم واحتضان عائلاتهم وأحبائهم في مختلف المدن السورية المحررة من الأسر”.
المصالح التركية في سوريا
تركيا لها مصالحها الاستراتيجية في سوريا، وفي مقدمتها ضمان الأمن على الحدود الفاصلة بين البلدين، ومنع هجمات المسلحين الأكراد، ومنع إقامة دولة كردية على حدودها، بالإضافة للمصالح الاقتصادية في سوريا، وحكومة الرئيس أردوغان دفعت في العقد الأخير ثمنًا سياسيًا واقتصاديًا باهظًا لمساندتها للسوريين، وهي الآن تعمل من أجل ضمان الاستقرار في سوريا وأن تبقى موحدة، ومن أجل عودة اللاجئين السوريين لديارهم بعد أكثر من عقد على الشتات الذي عاني منه حوالي 15 مليون سوري توزعوا على عدد من الدول العربية والغربية هربًا من جحيم نظام الأسد.
والمبشر في الأمر بعد نجاح الثوار في إسقاط نظام الأسد هو الاستعداد التركي لمساندة الشعب السوري سياسيًا واقتصاديًا بل وعسكريًا، من أجل بناء سوريا جديدة وموحدة لكل السوريين، ولا شك أن تركيا سيكون لها دور أساسي وفاعل في عملية التنمية في سوريا، بل نتوقع أن تكون قائدة وقاطرة التنمية في سوريا من خلال تعاونها الوثيق مع النظام الجديد الذي سيحكم سوريا في المرحلة المقبلة.
محمد خاطر