اخبار تركيا

تركيا تترقب “النداء التاريخي” لأوجلان في 15 فبراير 2025

اخبار تركيا

أشار تقرير لموقع الحرة الإخباري إلى أن 15 فبراير/ شباط 2025، سيكون موعدا استثنائيا بالنسبة إلى تركيا، حيث ستشهد فيه إطلاق “نداء تاريخي” ربما يرسم ملامح مرحلة ما قبلها لن يكون كما بعدها على صعيد القضية الكردية.

وذكر الموقع أن الرجل الذي سيطلق “النداء” هو عبد الله أوجلان، مؤسس “حزب العمال الكردستاني”، المعتقل في سجنٍ بداخل جزيرة “إمرالي” في بحر مرمرة، منذ تسعينيات القرن الماضي.

والحزب المذكور تصنفه أنقرة وواشنطن وعواصم أوروبية عدة إرهابيا.

وجاء الكشف عن موعد “النداء”، الذي قد يكون أشبه برسالة ضمن خطاب يُلقى عن بعد، من جانب الرئيس المشارك لـ”حزب المساواة وديمقراطية الشعوب” (ديم) الكردي، تونجر باكيرهان.

وبعدما رجّح باكيرهان، الثلاثاء، أن يطلق أوجلان النداء يوم الخامس عشر من فبراير الذي يصادف الذكرى الـ26 لاعتقاله، قال: “نهتم بهذه الدعوة وندعمها ونقف وراءها، ونطالب الحكومة بأن تقوم بدورها وفقا لهذا النداء التاريخي”.

لا يعتبر ما تترقبه تركيا مفاجئا، بل سبقته سلسلة تحركات مهدت له، واتخذ أولها زعيم حزب “الحركة القومية”، دولت باهتشلي، في أكتوبر العام الماضي.

في الشهر المذكور كان باهتشلي قدم “مبادرة استثنائية وتاريخية”، واستهدف بها أوجلان الذي يقبع بالسجن. وقامت هذه المبادرة على معادلة من شقين.

وتتخلص وفق حليف الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان بقوله، في أكتوبر الماضي، “إذا تم رفع العزلة عن زعيم الإرهابيين (أوجلان)، فليأت ويتحدث في اجتماع الحزب الديمقراطي (المؤيد للأكراد) في البرلمان. وليصرخ بأن الإرهاب انتهى تماما، وأن منظمته تم حلها”.

وقال إنه في حال ألقى أوجلان مثل هذا الخطاب فقد يكون هناك سبيل لإطلاق سراحه من السجن بموجب المادة الثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تعرف باسم “الحق في الأمل”.

ما فحوى “النداء التاريخي”؟

ويخوض حزب “العمال الكردستاني” الذي أسسه أوجلان عام 1978 منذ عقود تمردا مسلحا ضد الدولة التركية. ودخل هذا التمرد في عدة محطات تصعيدية ودامية أشدها خلال التسعينيات.

في عام 1999، ألقت الاستخبارات التركية القبض على أوجلان في كينيا، وأدين الرجل منذ تلك الفترة بالخيانة والتحريض على الإرهاب، وحكم بالسجن المؤبد داخل سجن “إميرالي” ببحر مرمرة.

رغم اعتقال أوجلان والتمرد الدامي الذي خاضه حزبه ضد الدولة التركية، فإن الخيط المتعلق بالتفاوض غير المباشر لم ينقطع وراء الكواليس.

“في الفترات التي بلغ فيها الصراع بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني ذروته، وكانت تبعات الدمار متفاقمة على كلا الجانبين، دائما ما أحيت المبادرات التي اتخذها أوجلان ونهجه التوجيهي الآمال في الحل والسلام”، تقول المسؤولة في حزب “ديم”، إبرو جوناي.

وتضيف جوناي، وهي نائبة الرئيس المشارك للحزب الكردي المسؤولة عن الشؤون الخارجية لموقع “الحرة”: “منذ عام 1999 يخضع أوجلان لنظام عزل صارم، وقد أكد في آخر اجتماعين له مع وفد حزب الشعوب للمساواة والديموقراطية على ضرورة عدم إهدار الفرصة”، في إشارة من المسؤولة إلى “الحل والسلام”.

كان لافتا بعد مبادرة باهتشلي “الاستثنائية” أن السلطات التركية أتاحت لعائلة أوجلان زيارته، وانطبق هذا القرار أيضا على مسؤولي حزب “ديم” وهو أكبر الأحزاب الكردية في تركيا.

ولمرتين ذهب وفد من “ديم” إلى أوجلان ونقل رسائله للجمهور من هناك. وصبت هذه العملية في إطار “عملية الحل” صعبة التنبؤ على صعيد النتائج، والتي بات الحديث عنها يتردد بكثرة داخل الأوساط السياسية التركية.

توضح جوناي أنه لا يعرف محتوى ومدى “النداء” الذي من المقرر أن يطلقه أوجلان، لكنها تردف إن “جميع النداءات التي أطلقها مؤسس العمال الكردستاني حتى الآن كانت دائما صادقة وموجهة نحو الحل. ونتوقع أن يكون هذا النداء أيضا بنفس الاتجاه”.

هل يلقي “العمال” السلاح؟

هل سيدعو أوجلان حزبه لإلقاء السلاح؟ وماذا لو اتخذ هذه الخطوة بالفعل؟ هي أكثر الأسئلة التي تثار التكهنات حولها الآن في تركيا.

وفي حين لا يعرف ما إذا كان مؤسس “العمال الكردستاني” سيحذو بهذا الاتجاه يتوقع صحفيون ومراقبون أن يفعلها.

وقالت مديرة مكتب صحيفة “ديلي صباح” في أنقرة، ديلارا أصلان، إن “الخطوات التي أطلقها حزب الحركة القومية تعتبر حاسمة وتاريخية كمسار جديد لإنهاء الإرهاب الذي مارسته حزب العمال، والذي ابتليت به تركيا لأكثر من 40 عاما”.

وأردفت قائلة، لموقع “الحرة”، إن ” أهمية الدعوة للسلام التي أطلقها (الحركة القومية) تكمن في أنها تأتي من هذا الحزب تحديدا وليس من أي طرف أو شخصية أخرى”.

وتجدر الإشارة إلى أن المحاولات السابقة لعملية “السلام” كانت قد عرقلتها بشكل رئيسي القاعدة الوطنية في تركيا، وفقا لأصلان.

وتابعت أن “قيام الحركة القومية بهذه الدعوة حال دون حدوث أي صراع كبير أو احتجاجات في الشوارع. ولذلك كان حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان في البداية في الخلفية، حيث أن هذه الخطوة تحمل أيضا مخاطر سياسية”.

وبدروها، قالت المسؤولة في حزب “ديم” جوناي إن “باهتشلي والبنية السياسية القومية المتطرفة التي يمثلها كانوا يتبنون نهجا عنصريا تجاه القضية الكردية حتى قبل تأسيس حزب العمال الكردستاني، معتبرين الأكراد تهديدا”.

ولذلك قالت جوناي إن “الادعاء بأن القضية الكردية ستحل بمجرد إلقاء حزب العمال الكردستاني للسلاح يبقى غير كافٍ في هذا السياق”.

“المصافحة”

الترقب الحاصل الآن بشأن “نداء أوجلان التاريخي” والزيارات التي تلقاها من وفد “ديم” في أعقاب “مبادرة باهتشلي الاستثنائية” كانت أسست لها “مصافحة”.

في الأول من أكتوبر صافح باهتشلي الرئيس المشارك لحزب “ديم” الكردي تونجر باكيرهان، بعد جلسة في البرلمان.

ورأت المسؤولة جوناي، في حديثها لموقع “الحرة”، أن “اعتراف باهتشلي بعد ذلك بأوجلان كطرف محاور في خطابه في 22 من أكتوبر شكّل تطورا إيجابيا”.

وأضافت: “هذا يدل على وجود تقاسم للأدوار بين إردوغان وباهتشلي، حيث إنه ليس من صلاحيات الأخير وحده تخفيف العزل المفروض على أوجلان في جزيرة إمرالي، إذ لا يمكن لأحد مقابلته دون موافقة الرئيس التركي”.

ومن المؤكد أن “نداء أوجلان” سيكون أيضا ردا على هذا النهج الجديد الذي برز منذ 1 أكتوبر، حيث أصبح إردوغان في الخلفية وباهتشلي في الواجهة، بحسب جوناي.

ومع ذلك، رأت أنه “من المحتمل جدا أن هذا النداء لن يكون موجها فقط إلى تحالف حزب الحركة القومية وحزب العدالة و التنمية”.

ماذا عن أجنحة “العمال الكردستاني”؟

للمرة الأولى “نرى أن جميع الأطراف في تركيا تتعامل مع العملية بشكل إيجابي الأحزاب السياسية الرئيسية، إردوغان، أوجلان، وصلاح الدين ديميرتاش”، تقول الصحفية أصلان.

وأضافت أن “الطرف الوحيد الذي يرسل إشارات مختلطة في الوقت الحالي هو قادة حزب العمال الكردستاني في قنديل”.

وقد يكون ما سبق نتيجة لتزايد الضغوط أو لأن الشخصيات البارزة في حزب “العمال الكردستاني” أيضا لديهم خلافات داخلية فيما بينهم، بحسب مديرة مكتب “ديلي صباح” في أنقرة.

الكاتب التركي، أرطغرل أوزكوك، كتب مقالة نشرها موقع “T24” الأربعاء، وجاء فيها أن “مسؤول حكومي رفيع المستوى كان التقى وجها لوجه مع أوجلان في إمرالي”.

وجرى خلال اللقاء مناقشة فحوى “النداء” الذي سيوجهه أوجلان وأن يكون “هناك دعوة واضحة للغاية لإلقاء السلاح”.

ينقل أوزكوك أيضا أنه وعندما يتعلق الأمر بنزع السلاح تتبادر إلى الأذهان عدة ممارسات مختلفة (دفنه، عدم الصراع، وقف إطلاق النار).

ويضيف أن اللقاء في إمرالي شدد على أن يقوم “حزب العمال بإحضار الأسلحة التي بحوزته وتسليمها دون قيد أو شرط”.

لن يكون هناك شيء في الأيام المقبلة مثل أن يأتي أوجلان إلى البرلمان ويتحدث، كما لن يكون هناك أي مجال للعفو أو الإقامة الجبرية خارج إمرالي، بحسب الكاتب.

وقال إن “أوجلان أوضح خلال لقائه المسؤول أنه خائفا” من قضية تتعلق بالأجنحة المشكلة لـ”حزب العمال”، وصعوبة إقناع الجميع.

كما نقل أوزكوك أن مؤسس “حزب العمال” أشار إلى أنه يستطيع إقناع ثلاثة من الأجنحة الموزعة ما بين سوريا وتركيا وأوروبا، وأنه ليس متأكدا من “الإجابة التي سيحصل عليها من جبال قنديل”.

ما يمكن توقعه؟

“من الضروري في هذه المرحلة إنهاء ظروف العزل المفروضة على السيد أوجلان لبدء عملية تفاوضية تركز على الحل”، كما ترى المسؤولة في حزب “ديم” جوناي.

وأضافت: “من خلال تجارب حل النزاعات في العالم يتضح أن الظروف التي تواجهها الأطراف المعنية تحدد مدى نجاح العملية”.

وتابعت: “أوجلان يسعى بدل تقسيم تركيا الذهاب باتجاه ترتيبات دستورية تضمن التعايش بين الأكراد والأتراك على قدم المساواة.. وبحيث يشعر الجميع بالانتماء للدولة”.

وأعربت عن اعتقادها، في المقابل، بأن “التصريحات الأخيرة الصادرة عن التحالف الحاكم “لا تزال لا تدعم سلاما مستداما ولا تتضمن خطابا يعزز الثقة”.

وما يُتوقع في أنقرة حاليا من “نداء أوجلان” هو دعوة لـ”حزب العمال الكردستاني” لترك السلاح. وقد يكون ذلك في شكل إلقاء السلاح فقط ضد تركيا، مما يعني استمرار أنشطته الأخرى، كما تقول الصحفية أصلان.

وحتى وإن لم يطلب أوجلان بشكل مباشر إلقاء السلاح، فإنه قد يعطي الرسالة بطريقة غير مباشرة من خلال دعوته للديمقراطية، وفقا للصحفية.

وأوضحت أنه “من المؤكد أن الحكومة كانت تتبع سياسة حوار غير معلنة مع الأطراف المعنية وأوجلان. وبدون وجود بعض الحقائق الملموسة على الأقل، لن يخوض إردوغان المخاطرة السياسية علنا، وهو يعلم أنه سيخرج من العملية خالي الوفاض”.

لماذا الآن؟

ما يحصل على صعيد القضية المتعلقة بـ”حزب العمال” والأكراد في تركيا سبق وأن ربطه مراقبون في حديث سابق لهم لموقع “الحرة” بمتغيرات إقليمية وداخلية.

الداخلية تتعلق بالسباق الدائم ال بالانتخابات ومساعي الحظي بتأييد الجمهور.

ويذهب الإقليمي باتجاه ما جرى بعد حرب غزة، وسلسلة التغيرات الكبيرة التي طرأت على مستوى الإقليم.

وفي أكتوبر 2024، كان الصحفي المقرب من الحكومة التركية، راغب صويلو أشار إلى تلك المتغيرات الداخلية.

وأضاف صويلو في المقابل أنه وفي حين تفكر الولايات المتحدة في سحب قواتها من سوريا، تريد أنقرة أن تحل بشكل استباقي أي دولة كردية تنشأ بالقرب من حدودها، خاصة إذا فاز دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية.

ولتحقيق ذلك عليها “معالجة مظالم الديمقراطيين وبالتالي تحييد حزب العمال الكردستاني استراتيجيا، على الأقل في الوقت الراهن”، بحسب الصحفي.

وأعربت جوناي عن اعتقادها بأنه “كان من الممكن مناقشة مسألة نزع السلاح بالتوازي مع اتخاذ خطوات ملموسة تجاه الحل”.

وقالت إن “خلق توقعات بإلقاء السلاح دون تقديم أي التزامات أو اتخاذ خطوات تجاه المفاوضات وخارطة الطريق يزيد من خطر تعثر العملية قبل أن تبدأ”.

“الحكومة تدرك جيدا الخطوات التي يجب اتخاذها لإثبات جديتها في هذا المسار. وفي مقدمة هذه الخطوات رفع العزل المفروض على أوجلان والإفراج عن عشرات الآلاف من السجناء السياسيين الذين لم يتورطوا في أي أعمال عنف”، تضيف المسؤولة في حزب “ديم”.

وقالت إن “الحكومة عليها أيضا مواءمة القوانين التي تقيد حرية التعبير وخاصة قانون مكافحة الإرهاب مع معايير الاتحاد الأوروبي وإجراء تعديلات دستورية بمشاركة جميع الأحزاب تحت سقف البرلمان وغير ذلك من المبادرات التي تقع ضمن نطاق صلاحيات الحكومة”.

جوناي تعتقد في ختام حديثها أن “للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مسؤوليات في هذه العملية، التي يمكن أن تساهم بشكل كبير في الاستقرار الإقليمي”.

وترى أن “يمكنهم لعب دور فعال في تشجيع الحكومة التركية على اتخاذ خطوات أكثر بنّاءة، وكذلك في الاعتراف بالإرادة الكردية كجزء من الحل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *