اخبار تركيا

تركيا تستعد لدور عسكري في البحر الأسود: مراقبة السلام بين أوكرانيا وروسيا؟ (خبير)

اخبار تركيا

استعرض تقرير للكاتب والخبير التركي يحيى بستان، أدوار تركيا المتعددة في مساعي إنهاء الحرب في أوكرانيا، مركّزًا على استعداد أنقرة للاضطلاع بدور عسكري في مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار في البحر الأسود، في حال التوصل إلى اتفاق.

كما تناول بستان في تقريره بصحيفة يني شفق التحديات الة بتأمين الملاحة البحرية، وضرورة إزالة الألغام البحرية، وضمان الالتزام باتفاقية مونترو.

ويعرض الكاتب كذلك تطورات المسار التفاوضي بين موسكو وكييف، مع تسليط الضوء على رفض بوتين خطة السلام الغربية المكونة من 22 بندًا، واشتراطه لقاء مباشر مع ترامب، مما يكشف عن تحوّل محتمل في مسار التفاوض السياسي نحو مرحلة جديدة أكثر حساسية.

وفيما يلي نص التقرير:

إن الدور الذي تلعبه أنقرة لإنهاء الحرب في أوكرانيا لا يقتصر على المساعي الدبلوماسية فحسب، بل إنها تستعد كذلك للاضطلاع بدور عسكري في مراقبة وتنفيذ وقف إطلاق النار في البحر الأسود في حال التوصل إليه. وقد طُرح هذا الموضوع للمرة الأولى في المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس الأوكراني زيلينسكي مع الأمين العام لحلف الناتو روته في أبريل/نيسان. حيث أعرب زيلينسكي عن رغبته في الحصول على ضمانات أمنية من عدد من الدول، من بينها الولايات المتحدة وتركيا، في حال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وبالفعل، لم يمضِ سوى يومين حتى أصدرت وزارة الدفاع التركية بيانًا أعلنت فيه عن انعقاد اجتماع في أنقرة يومي 15 و16 نيسان/أبريل، بمشاركة 39 ممثلًا من 21 دولة. وقد لفت الانتباه ما ورد في البيان من تأكيد على أن “تتولى تركيا قيادة البعد البحري للتخطيطات العسكرية بهدف الحفاظ على بيئة السلام في البحر الأسود”.

خطر الألغام في البحر الأسود

أكتب عن هذا الموضوع لأنه سيُطرح على الأجندة بشكل متكرر في المستقبل. ففي حال وقّعت أوكرانيا وروسيا اتفاقًا لوقف إطلاق النار، ستُناقش المسائل التالية: أولًا، هناك ألغام بحرية مزروعة في البحر الأسود، ويُقدّر عددها بحوالي 400 لغم، ويجب العمل على إزالتها. ثانيًا، يجب تأمين الملاحة التجارية في البحر بشكل آمن. ثالثًا، يجب على جميع الأطراف الالتزام التام باتفاقية مونترو للمضائق. وقد تم سابقًا تداول معلومات تفيد بأن بعض السفن الحربية التابعة لدول غربية مُنعت من عبور المضائق التركية في بدايات أزمة الحبوب.

وبالطبع، فإن هذه القضايا لن تُطرح بشكل فعلي إلا بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وما زلنا بعيدين عن هذه المرحلة. فقد كان الاجتماع الذي عُقد في إسطنبول الأسبوع الماضي فرصة مهمة لكل من روسيا وأوكرانيا، إلا أن الطرفين لم يتمكنا من استغلال هذه الفرصة.

بوتين يرفض مناقشة خطة ويتكوف للسلام المكونة من 22 بنداً

تشير الوقائع الجارية إلى أن ظرفاً سياسياً آخذ بالتشكل قد يُتيح ممارسة ضغوط إضافية على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتقد أنه لن يتمكن من إنهاء هذه الأزمة دون لقاء مباشر مع بوتين. وربما يكون في صدد الإعداد لخطوة حاسمة أخيرة، ولهذا أعلن أنه سيجري محادثات هاتفية مع بوتين وبعض القادة. وأكد وزير الخارجية الأمريكي روبيو أن الإدارة الأميركية تعتزم تنظيم لقاء على مستوى القادة، لكنه شدّد على ضرورة إعلان وقف شامل وكامل لإطلاق النار لمدة ثلاثين يومًا كشرط لعقد اللقاء المباشر. وأشار إلى أن عدم تحقيق ذلك سيؤدي إلى طرح حزمة جديدة من العقوبات.

وتبقى الطريقة التي سيتمكن بها ترامب من إقناع بوتين موضع تساؤل كبير. إذ أفادت صحيفة فايننشال تايمز أن المبعوث الخاص لترامب، ويتكوف، كان قد عرض الأسبوع الماضي على بوتين خطة سلام تتألف من 22 بنداً، صيغت بالتعاون بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وأوكرانيا، إلا أن الزعيم الروسي رفض هذه الخطة بشكل قاطع، بل وأعرب عن عدم رغبته في لقاء ويتكوف مجدداً. (وهو ما يمكن قراءته أيضاً كرسالة مفادها: “لن أقبل بأي حوار من أجل السلام إلا مع ترامب شخصياً”). ويبدو أن بوتين، الذي رفض الخطة المؤلفة من 22 بندًا، رفع سقف مطالبه بكشل كبير في محادثات إسطنبول.

وقد عرضتُ مؤخرا بعض التفاصيل من كواليس المفاوضات الشاقة التي جرت في إسطنبول، وقد أسفرت عن ثلاث نتائج رئيسية: أولًا: وافق الطرفان على تقديم شروطهما المحتملة لوقف إطلاق نار محتمل بشكل مكتوب. وقد اعترض الروس بدايةً على التأكيد على “وقف إطلاق النار”، إلا أنهم تراجعوا عن اعتراضهم بفضل جهود الوفد التركي. ثانيًا: تم الاتفاق على تبادل ألف أسير من كلا الجانبين. ثالثًا: جرى التوافق على بحث التفاصيل اللازمة لعقد لقاء بين بوتين وزيلينسكي.

مطالب الروس ثقيلة على أوكرانيا

لكن هناك العديد من النقاط التي لم يُتوصّل إلى اتفاق بشأنها. فقد بدأت تفاصيل المفاوضات الروسيةالأوكرانية تتكشف تدريجياً، وظهر بعضها في وسائل الإعلام الغربية. وبالاستناد إلى ما ورد في المصادر اللنية وما أجريته من مقابلات، يمكنني رسم المشهد على النحو التالي: تطالب روسيا باعتراف أوكرانيا بشبه جزيرة القرم، وكذلك المناطق الخاضعة للاحتلال حالياً، كدونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزاباروجيا، باعتبارها أراضي روسية. ونقلت وكالة رويترز عن مصدر أوكراني، أنموسكو تشترط انسحاب القوات الأوكرانية من هذه المناطق الخمس كشرط أساسي لوقف إطلاق النار. كما تصر روسيا على أن تبقى أوكرانيا دولة محايدة، وألا تستضيف أي قوات أجنبية على أراضيها. (ويقال إن هذا البند كان مدرجاً أيضاً في نص الاتفاق المؤلف من 22 بنداً والذي قُدم لبوتين الأسبوع الماضي). وتطالب روسيا بأن تتخلى أوكرانيا عن أي مطالب بالتعويضات، وأن تحترم حقوق الأقليات الناطقة بالروسية داخل أراضيها. وفي هذا السياق، توجه موسكو رسالة مفادها أن اللقاء بين بوتين وزيلينسكي ممكن، لكن لا بد أولًا من التوصّل إلى بعض الاتفاقات.”

ربما للمرة الأولى منذ بداية الحرب، يطرح الروس شروطهم بهذه الصراحة. وبذلك، يُمكننا القول: إن بوتين كشف أوراقه في إسطنبول، والآن حان دور ترامب. فهل يملك ترامب ورقة أخرى غير ورقة العقوبات، التي لم تُجدِ نفعًا حتى الآن، لإجبار بوتين على الجلوس على طاولة السلام؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *