اخبار تركيا
رأى الكاتب التركي غونتاي شيمشك، في مقال بصحيفة خبر تورك، إن تركيا تدخل اليوم مرحلة مهمة في مسار تزويد أسطولها بطائرات حربية جديدة، وسط أجندة عالمية مشحونة بالتحديات الجيوسياسية. وأشار إلى أن أنقرة تسعى من جهة لإتمام صفقة اقتناء طائرات إف16 من الطراز المتقدم “بلوك 70″، بينما تستمر التطورات المتعلقة بالعودة إلى مشروع طائرات إف35.
وأضاف شيمشك أن المواقف الإيجابية التي بدأت تظهر من ألمانيا تجاه تزويد تركيا بطائرات يوروفايتر تايفون تضفي بُعدًا جديدًا على هذه الجهود. وأكد أن تركيا، في الوقت ذاته، تبذل جهودًا مكثفة لتطوير منصاتها العسكرية المحلية، مثل طائرتي “هورجت” و”كان”، إلى جانب مشاريع أخرى، مع نجاحها في تصدير العديد من منتجاتها الدفاعية، مما يولد مصادر دخل جديدة.
وأوضح أن الأسبوع الماضي شهد تصدر أخبار عن تغيير في سياسة ألمانيا تجاه التعاون مع تركيا في مجال الصناعات الدفاعية، وهو ما تزامن مع صعوبات واجهتها أنقرة مع برلين بشأن اقتناء طائرات يوروفايتر تايفون، التي طورتها ألمانيا بالاشتراك مع بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا. وأشار إلى أن هذا التوقيت مثير للاهتمام، حيث كانت ألمانيا دائمًا ما تعيق صفقات الصناعات الدفاعية مع تركيا، في حين يواجه الاتحاد الأوروبي مشكلات مماثلة مع الولايات المتحدة، مما يشكل تزامنًا لافتًا.
وذكر شيمشك أن وسائل إعلام أوروبية أفادت بأن الحكومة الألمانية استخدمت حق النقض (الفيتو) مرات عديدة ضد صفقة تزويد تركيا بـ40 طائرة يوروفايتر، بدعم قوي من بريطانيا، وذلك لأسباب سياسية. وأضاف أن وزارة الدفاع البريطانية قدمت عرضًا في مارس 2025 يتضمن تزويد تركيا بـ20 طائرة من الطراز القديم “ترانش1” و20 طائرة جديدة الصنع، مشيرًا إلى أنه سبق أن كتب عن إمكانية أن تكون جميع الطائرات من الإنتاج الجديد بناءً على مصدر موثوق. وأكد أنه رغم الدعم البريطاني القوي، ظل العائق الألماني يحول دون إتمام الصفقة، متسائلًا: “والآن، مع تغير الظروف الدولية، ماذا سيحدث في الأيام القادمة؟”
وأشار شيمشك إلى أن التوترات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في استراتيجيات الدفاع تلعب دورًا كبيرًا في تغيير موازين القوى. وأوضح أن العديد من الدول الأوروبية، مدفوعة بالخوف من روسيا، تطالب بتعزيز الصناعات الدفاعية المحلية، مما أدى إلى ظهور رأيين رئيسيين: الأول يدعو إلى بناء صناعة دفاعية أوروبية مستقلة، والثاني يرى ضرورة تخصيص ميزانيات لشراء الأسلحة والمعدات من الولايات المتحدة، مع وجود مقترحات لحلول هجينة. وأكد أن تركيا يتعين عليها متابعة هذه التطورات عن كثب، نظرًا لإمكانياتها الكبيرة للتعاون مع الاتحاد الأوروبي في مجال الصناعات الدفاعية.
وأضاف شيمشك أنه إذا أرادت أوروبا تعزيز صناعتها الدفاعية، فإن على ألمانيا، كضرورة ملحة، الموافقة على بيع طائرات يوروفايتر تايفون لتركيا لضمان استمرار التطوير الصناعي لهذه الطائرات. وأشار إلى أن قرار ألمانيا بشأن يوروفايتر يتأثر أيضًا بالحاجة الاستراتيجية لتعزيز وجود حلف الناتو في المنطقة، خاصة في ظل المخاوف من روسيا.
وأكد شيمشك أن بدء تركيا في استخدام طائرات يوروفايتر سيحمل دلالات مهمة، حيث سيعزز الروابط الدفاعية مع أوروبا من خلال منصة جوية متقدمة، وهو أمر لن تتجاهله ألمانيا. وأشار إلى تصريحات القنصل العام البريطاني في إسطنبول، كينان بوليو، التي أكدت أن لندن كانت دائمًا في طليعة داعمي صفقة يوروفايتر، وتسعى جاهدة لإتمام عملية التزويد في أقرب وقت ممكن. وأضاف أن ألمانيا تظل في موقف حاسم، وأن الأخبار القادمة من برلين قد تؤثر إيجابيًا على المفاوضات بين تركيا والولايات المتحدة بشأن طائرات إف16 وإف35.
وأعرب شيمشك عن أسفه قائلاً إن الفرصة الحقيقية التي فُوتت بين تركيا وبريطانيا هي عدم التوصل إلى اتفاق مع شركة رولزرويس لتطوير محركات الجيل الخامس لطائرة “كان”، مضيفًا: “كم كان يمكن أن يكون رائعًا لو أبدت السلطات البريطانية نفس الاهتمام والحماس الذي أظهرته في صفقة يوروفايتر!”.
وذكر شيمشك أن وزير الدفاع التركي يشار غولر التقى الأسبوع الماضي بمسؤولي شركة “بي إيه إي سيستمز” والسفير البريطاني في أنقرة، ومن المرجح أن تكون طائرات يوروفايتر تايفون في صدارة المواضيع التي نُوقشت. وأشار إلى أن بريطانيا ليست عضوًا في الاتحاد الأوروبي، ولديها أيضًا خلافات مع دول الاتحاد.
وأضاف شيمشك أن خبيرًا بارزًا في القطاع أشار إلى أن ألمانيا وفرنسا، بصفتهما القوتين الرئيسيتين في الاتحاد الأوروبي، تتخذان موقفًا متشددًا تجاه استفادة تركيا من صناديق الدفاع الأوروبية، مؤكدًا أن المشكلة مع ألمانيا لا تقتصر على يوروفايتر فقط.
تجاوز عقبة فرنسا وألمانيا
وفي الختام، أكد شيمشك أن تحقيق حلول فعالة، سواء في صفقة يوروفايتر أو الاستفادة من صناديق الدفاع الأوروبية، يتطلب من تركيا إيجاد شريك قوي داخل أوروبا، وليس الاعتماد على بريطانيا فقط. وأشار إلى أن تركيا تبني علاقات ثنائية قوية مع أوروبا، حيث تطور شراكات دفاعية مع إيطاليا من خلال شركة “بايكار”، ومع إسبانيا عبر شركة “توساش”، ومع البرتغال من خلال شركة “STM”، إلى جانب علاقات قوية مع دول مثل بولندا. لكنه أضاف أن رفع هذه العلاقات إلى مستوى أعلى يتطلب تجاوز عقبة ألمانيا وفرنسا. وختم قائلاً إن الظروف الدولية الحالية توفر فرصة لتخطي هذه العقبات، متسائلًا: “إلى أي مدى سيتم استغلال هذه الفرص بشكل متبادل؟”