خبير: تركيا أغلقت ملف الفيدرالية في قضية قبرص

اخبار تركيا
أكد المحلل السياسي التركي يحيى بستان أن أنقرة قررت طي صفحة “الفيدرالية” نهائيًا في مفاوضات جزيرة قبرص، بعد نصف قرن من التعنّت الذي أبدته الإدارة القبرصية الرومية إزاء المقترحات التركية لتقريب وجهات النظر بين شطري الجزيرة.
وفي مقال تحليلي مطوّل، نشرته صحيفة يني شفق، أورد بستان جملة من الأمثلة الحية على ما وصفه بـ”الرفض الممنهج” من قبل الجانب الرومي لأي مشروع تعاوني مع القبارصة الأتراك، بدءًا من مقترحات فتح المعابر وتطهير الألغام، مرورًا بمشاريع الطاقة والمياه، وصولاً إلى التعامل مع الكوارث البيئية.
وقال بستان إن الاجتماع الموسّع غير الرسمي الذي عُقد في جنيف بتاريخ 18 مارس، بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة والجانبين التركي والرومي، شكّل نقطة تحوّل. حيث ولأول مرة لم يُطرح فيه خيار الفيدرالية كحل مستقبلي، في ما اعتبره مؤشراً على تغيّر في مقاربة المجتمع الدولي لقضية قبرص.
“تعالٍ رومي وفقدان تركي للصبر”
وذكر المحلل التركي أن سلسلة من المواقف الرومية، مثل اشتراطهم مدّ خطوط الكهرباء القادمة من مشروع الطاقة الشمسية إلى الجنوب فقط، ورفضهم التواصل مع شمال قبرص بشأن تقاسم المياه، وتعقيدهم لمساعدات إطفاء الحرائق، تعكس ما وصفه بـ”التعالي غير المنطقي” الذي أفقد أنقرة صبرها، ودفعها لإغلاق الباب أمام فكرة الحل الفيدرالي.
وشدد بستان على أن تركيا “قرأت روح العصر”، وأن ملف قبرص يدخل اليوم ضمن عملية تاريخية كبرى تشهد “ذوبان الأزمات المجمدة بعد الحرب الباردة”، مثل سقوط البعث في سوريا، ونهاية الاحتلال الأرميني لقره باغ، والتغيرات العميقة في أوكرانيا وليبيا.
دعوات للاعتراف بجمهورية شمال قبرص
ودعا بستان إلى الاعتراف الدولي بـجمهورية شمال قبرص التركية ورفع العقوبات عنها، مشيراً إلى أن عدم الاعتراف سيُعد “ظلماً فادحاً للقبارصة الأتراك”، وأن ظهور خيارات أخرى (غير الحل الفيدرالي) بات أمراً “لا مفر منه”.
وربط المحلل بين هذا التحول وبين استضافة الجمهورية مهرجان “تكنوفيست” للتكنولوجيا، الذي شهد حضورًا غير مسبوق بلغ نصف سكان الجزيرة تقريباً، في ما اعتبره دليلاً على تعطّش القبارصة الأتراك للتقدم في مجالات التكنولوجيا والصناعة والإنتاج. ونقل عن سلجوق بيرقدار، رئيس مجلس إدارة “تكنوفيست”، قوله إن “الهدف هو تحويل شمال قبرص إلى قاعدة تكنولوجية جديدة”.
خطوة استراتيجية لنقل الكهرباء بعد المياه
وأشار بستان إلى تصريح حديث للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، جاء فيه: “لقد جلبنا المياه إلى شمال قبرص عبر البحر، وسنجلب الكهرباء أيضاً”، في إشارة إلى مشاريع استراتيجية تهدف إلى تأمين احتياجات شمال الجزيرة دون الاعتماد على الجانب الرومي.
وأوضح أن جنوب قبرص يخطط لمدّ كابل كهربائي بحري يصل إلى إسرائيل مرورًا بجزيرة كريت، مما يعكس محاولة يونانيةإسرائيلية للتحكم بمسارات الطاقة في شرق المتوسط.
استكشاف تركيليبي مشترك قبالة كريت
وفي ختام تحليله، كشف بستان أن تركيا تستعد للقيام بأنشطة استكشاف طاقة مشتركة مع ليبيا قبالة جنوب جزيرة كريت، في المناطق التي تعتبرها أنقرة جزءًا من الجرف القاري الليبي بموجب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الموقعة عام 2019.
ورأى أن ذلك يمثل تطورًا استراتيجيًا بالغ الأهمية، خاصة في ظل المناقصة التي طرحتها اليونان مؤخرًا للتنقيب في مناطق متنازع عليها، معتبراً أن هذه التحركات “ستفتح فصلاً جديداً في صراع النفوذ البحري في شرق المتوسط”.