اخبار تركيا

خبير: تركيا وسوريا تشهدان في آن واحد عملية ديناميكية

اخبار تركيا

أكد الكاتب والخبير التركي سلجوق تورك يلماز، أن تركيا وسوريا تشهدان في آن واحد عملية ديناميكية.

وذكر تورك يلماز في مقال بصحيفة يني شفق أن بعض القوى الكبرى اضطرت إلى مغادرة المنطقة، ومن الواضح أن ألمانيا وفرنسا قد فقدتا نفوذهما في شرق البحر الأبيض المتوسط.

أما بريطانيا والولايات المتحدة، فاستمرت في دعمها للمنظمات الإرهابية للحفاظ على نفوذها، وهذا دليل على أنهما في وضع صعب أيضاً. وفقا للكاتب.

ولفت الكاتب إلى أن “إسرائيل تعتمد على دعم كل من الولايات المتحدة وبريطانيا؛ إننا نشهد اليوم مرحلة من التغيير العميق”.

وفيما يلي نص المقال:

الثورة السورية لم تكتمل بعد؛ إذ شكّلت حدثًا مفاجئًا لمعظم الناس، مما جعل دول المنطقة والقوى الكبرى في البداية عاجزة عن تحديد موقفها بشكل واضح. ولعل مرحلة ة الصدمة قد انتهت، إلا أنه لا يمكن القول إن الفاعلين الدوليين قد نجحوا في بلورة سياسة جديدة تجاهها؛ فالأمر اقتصر على إعادة إنتاج الأنماط التقليدية السابقة، وخاصة الدول الأوروبية مثل ألمانيا وفرنسا فهي لا ترى مانعًا في الاتصال المباشر مع التنظيمات الإرهابية مثل “بي كي كي” و”بي اي دي”. إذ لا زالوا يطنون أن دعم الحركات الانفصالية سيمكنهم من الضغط على تركيا وسوريا والعراق كما فعلت في الماضي. ومن المعروف أن الدول الأوروبية، منذ ثمانينيات القرن الماضي، تقدم دعمًا علنيًا لهذه التنظيمات الانفصالية. غير أن الثورة السورية أظهرت أن الدول لن تبقى في موقع الخضوع الدائم أمام المجموعات التابعة للقوى الكبرى، إذ تمكن السوريون من القضاء على أذرع الدول الكبرى وبلورة مسار فكري جديد. لكن الثورة لم تكتمل بعد.

لم تكن السياسة الإقليمية للدول القوية وليدة القرن العشرين. فقد بدأت فرنسا وألمانيا وإنجلترا والولايات المتحدة أنشطة متعددة الأوجه في المنطقة العثمانية منذ أوائل القرن التاسع عشر. وتسببت هذه الدول في إحداث مشاكل بين المجتمعات الإسلامية. يمكننا أن نرى أثر هذه المشاكل بشكل خاص بعد الحرب العالمية الأولى، في السياق الفكري للقومية العربية وغيرها من التيارات القومية. تأثر المثقفون السوريون بالخطاب القومي العربي. وحتى التنظيمات التي تمثل هذه الأفكار، مثل حزب البعث، الذي تغذى على أيديولوجيات الأقليات، لم يكن لها تأثير تحفيزي على بعض المثقفين. كما كانت مدارس الأقليات، منذ أوائل القرن التاسع عشر، مصدرًا لإيديولوجيات الأقليات والقوميات المختلفة. وبالطبع كانت هذه المدارس أداة لنفوذ الدول الكبرى.

من الضروري إعادة تقييم نتائج الحرب العالمية الأولى من منظور التحيزات التي زرعها بعض العناصر الرئسية في منطقتنا تجاه بعضها البعض. وهذا أمر بالغ الأهمية، خاصة في كتابة التاريخ. وقد أشار أفي شلايم في كتابه “تقسيم فلسطين”، إلى تفاصيل مهمة لفهم البنية السياسية التي نشأت بعد الدولة العثمانية. ويرى شلايم أنه لم يكن هناك فرق فكري بين الشريف حسين وأبنائه وقوات ابن سعود. كان الشريف حسين مدعومًا من قبل وزارة الخارجية البريطانية، بينما كان ابن سعود مدعومًا من قبل الهند البريطانية. بتعبير اليوم، لا ضير في أن نقول إن أحدهما كان مدعومًا من قبل الشركات العالمية، والآخر من قبل الدولة العميقة البريطانية، هذا هو الفرق بينهما.

ولم يكن لهذا الاختلاف أن يؤدي إلى نشوء القومية العربية، ولكن في القرن العشرين رأت الهياكل السياسية ـ مثل حزب البعث ـ نفسها ممثلة لتلك القومية. ولو تمكنت الدراسات حول البنية العميقة من كسر الهيمنة الاستشراقية، لكان من الممكن رؤية أن العداء لبريطانيا وفرنسا والصهيونية كان المصدر المحدد الوحيد تقريبًا للقومية العربية. ويجب تناول الهوية الوهابية في سياق مختلف تمامًا. في الواقع، هناك انقسام جديد اليوم في المنطقة العربية بين الهياكل الخاضعة لسيطرة القوى الكبرى وبين أنصار الاستقلال. وقد أصبح هذا الانقسام أكثر وضوحًا منذ بداية الربيع العربي.

لقد دعمت تركيا الثورة السورية بوضوح لا لبس فيه. وهذا الدعم ذو معنى. فالدعم العلني الذي قدمته أحزاب “تحالف الجمهور” بقيادة أردوغان للسياسة السورية يمثل تطوراً مثيراً للاهتمام في سياق القوميات المختلفة. ويمكن لهذا الدعم العلني أن يُظهر أبعاد التغيير في سوريا. عندما فقدت المجموعات التي تمثل الأيديولوجيات الأقلية السلطة في سوريا، تطورت العلاقات بين البلدين بسرعة أكبر. هنا يجب أن نتذكر مجددا قضية “شاحنات المخابرات التركية” في عام 2014. فقد شنت هياكل تابعة مثل “غولن” وجماعات الأقليات الأيديولوجية هجمات مميتة لقطع دعم تركيا للتركمان السوريين والمعارضة السورية. بات من المعروف الآن أنها كانت على اتصال مباشر مع قوى خارجية. وقد كانت فعالة وغيرت مسار الأحداث. أما اليوم، فيمكننا القول إن الفكر القوميلم يعد يعيق العلاقات بين البلدين، بل على العكس يزيدها قوة. ومن هذا المنظور فإن الثورة السورية مثيرة للاهتمام أيضاً.

ونستطيع أن نرى أن كلًا من تركيا وسوريا تشهدان في آن واحد عملية ديناميكية. وقد واضطرت بعض القوى الكبرى إلى مغادرة المنطقة، ومن الواضح أن ألمانيا وفرنسا قد فقدتا نفوذهما في شرق البحر الأبيض المتوسط. أما بريطانيا والولايات المتحدة، فاستمرت في دعمها للمنظمات الإرهابية للحفاظ على نفوذها،وهذا دليل على أنهما في وضع صعب أيضاً. وأما إسرائيل فهي تعتمد على دعم كل من الولايات المتحدة وبريطانيا. إننا نشهد اليوم مرحلة من التغيير العميق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *