خبير تركي: ترامب قد يسعى إلى توسيع حدود الولايات المتحدة
اخبار تركيا
أكد الكاتب والخبير التركي قدير أوستون أن تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب حول كندا وبنما وغرينلاند تشير بوضوح إلى أنه سيواصل اتباع أسلوب الضغط على الحلفاء الذين يعتبرهم أضعف، بهدف انتزاع تنازلات تجارية وسياسية، تمامًا كما فعل خلال فترته الرئاسية الأولى.
وأضاف أوستون في مقال بصحيفة يني شفق أنه من الواضح أن ترامب يخطط لاستخدام أسلوبه التقليدي، القائم على رفع سقف المطالب، لتحقيق أهدافه التفاوضية في ولايته الثانية.
وأوضح أوستون أن ترامب بدأ حتى قبل توليه المنصب رسميًا بممارسة ضغوط نفسية على هذه الدول، عبر طرح أفكار وصفها البعض بـ”الجنونية” في مجالات مثل الهجرة، مكافحة المخدرات، والتجارة الدولية.
ورغم أن هذه التكتيكات قد تُصنف كنوع من “الاستفزاز” أو “التلاعب”، إلا أن هناك احتمالًا كبيرًا أن ترامب يسعى إلى تنفيذ سياسات توسعية تهدف إلى جعل الولايات المتحدة “أكبر” جغرافيًا، مستفيدًا من غياب القلق بشأن إعادة انتخابه. وفقا لأوستون.
وجاء في المقال:
خلال حملته الانتخابية، نجح ترامب في كسب دعم الشعب الأمريكي من خلال رسائله الواضحة حول قضايا الاقتصاد وأمن الحدود. وفي إطار الوفاء بوعوده الانتخابية، أعلن عزمه فرض رسوم إضافية بنسبة 25% على التجارة مع المكسيك وكندا، مشددًا على ضرورة وقف ما سماه “الهجرة غير الشرعية” و”تهريب المخدرات”، وضمان أمن الحدود. وهدد باتخاذ إجراءات صارمة في حال عدم التزام هذه الدول. دفعت تصريحاته المكسيك وكندا إلى التحرك السريع، حيث تواصل رئيس المكسيك شيينباوم ورئيس وزراء كندا جاستن ترودو معه فورًا. بهذه التصريحات، بدأ ترامب مفاوضاته من موقف قوي.
خلال ولايته الأولى، أعاد ترامب التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية مع المكسيك وكندا، معلنًا تحقيق “انتصار” للولايات المتحدة. ويبدو أنه ينوي إعادة فتح هذا الملف مرة أخرى لتحقيق مزيد من المكاسب.
وخلال مأدبة عشاء جمعت الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب برئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، الذي جاء في محاولة لإقناعه، أدلى ترامب بتصريحات عبر وسائل التواصل الاجتماعي مفادها أن كندا ستصبح الولاية الحادية والخمسين للولايات المتحدة، وأن ترودو سيُعين حاكمًا لها. ورغم أن ترودو ردّ على هذه التصريحات بوصفها “مزحة”، فإن استدعاء التاريخ الأمريكي، الذي شهد ضم أراضٍ وشرائها لتوسيع الولايات الأمريكية، يكشف عن إشارات رمزية في تصريحات ترامب. على سبيل المثال، أصبحت هاواي الولاية الخمسين للولايات المتحدة بعد ضم جزرها عام 1898، ثم انضمت رسميًا عبر استفتاء أُجري عام 1959. وبالنسبة إلى ألاسكا، التي تعدّ الولاية التاسعة والأربعين، فقد اشترتها الولايات المتحدة من روسيا عام 1867 وأُعلنت ولاية عام 1959. أما ولاية نيو مكسيكو، فقد ضُمّت بعد الحرب مع المكسيك عام 1848 وأصبحت الولاية السابعة والأربعين عام 1912. يُظهر ترامب بوضوح استخدامه التكتيكات النفسية، مستعينًا برمزية تاريخ أمريكا التوسعي، لممارسة الضغط وانتزاع تنازلات من حليف في الناتو.
قناة بنما
أثار ترامب الجدل بتصريحاته حول ضرورة استعادة الولايات المتحدة السيطرة على قناة بنما. يمكن تفسير هذا الموقف برغبة ترامب في تخفيف التأثير التضخمي الناجم عن الضرائب المرتفعة التي يخطط لفرضها على التجارة الخارجية. ويعتمد الاقتصاد الأمريكي بشكل كبير على الواردات منخفضة الضرائب، مما يعني أن أي زيادة ضريبية ستنعكس سلبًا على المستهلكين الأمريكيين.
ويحاول ترامب الضغط على بنما، باعتبارها دولة صغيرة، لتقليل رسوم عبور السفن في القناة، مستخدمًا خطابًا يستحضر مرة أخرى تاريخ الولايات المتحدة التوسعي خارج أراضيها. تجدر الإشارة إلى أن قناة بنما كانت تحت السيطرة الأمريكية حتى 25 عامًا مضت، عندما نُقلت إلى السيادة البنمية بموجب اتفاقية أُبرمت خلال رئاسة جيمي كارتر، مع ضمان بقاء القناة مفتوحة دائمًا للاستخدام الأمريكي.
ومع ذلك، إذا تجاوز ترامب المطالبة بخفض الرسوم وسعى إلى استعادة السيطرة الكاملة على القناة، فقد يتسبب ذلك في انتهاك للقانون الدولي. ورغم الانتقادات المحتملة، يبقى التساؤل مطروحًا حول ما إذا كانت هناك قوة قادرة على كبح هذه الطموحات.
غرينلاند
خلال ولايته الرئاسية الأولى، أعلن دونالد ترامب رغبته في شراء غرينلاند، الإقليم الذي يتمتع بالحكم الذاتي تحت سيادة مملكة الدنمارك، لكنه قوبل برفض قاطع. ومؤخرًا، أعاد ترامب طرح هذه الفكرة، ورغم صعوبة إقناع الدنمارك بالموافقة، فإن هذه الخطوة تشير مجددًا إلى نزعاته التوسعية التي تتماشى مع تاريخ الولايات المتحدة في هذا المجال. مع ذوبان الجليد في منطقة القطب الشمالي، برزت فرص جديدة لصالح روسيا، الأمر الذي أثار اهتمام كل من الصين والولايات المتحدة. ومع ذلك، تبقى روسيا القوة الرئيسية التي تهيمن على طرق التجارة الجديدة المتوقع فتحها في هذه المنطقة.
تزايد أهمية القطب الشمالي من الناحية التجارية ومصادر الطاقة يدفع الولايات المتحدة إلى محاولة تعزيز نفوذها هناك. وتمثل غرينلاند، التي تضم قاعدة أمريكية كبيرة وتغطيها الثلوج بشكل واسع، هدفًا استراتيجيًا لهذه الطموحات. وإذا نجحت الولايات المتحدة في ضم غرينلاند، فقد تكون هذه الخطوة بمثابة انتصار سياسي واستراتيجي كبير، ينسجم مع شعار ترامب “اجعل أمريكا عظيمة مجددًا”، ويسهم في موازنة النفوذ الروسي والصيني في المنطقة.
يبدو واضحًا أن ترامب يعتمد على ممارسة الضغط لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية في مفاوضاته مع دول يعتبرها أضعف من بلاده، مثل كندا وبنما وغرينلاند. وتقوم استراتيجيته المعتادة على طرح أفكار متطرفة لإحداث تأثير نفسي، ثم دفع الأطراف الأخرى لقبول حلول أقل تطرفًا تبدو أكثر قبولًا. هذا الأسلوب أصبح جزءًا من تكتيكاته المعروفة.
ورغم أن البعض قد يرى أن تصريحاته المثيرة لا تتجاوز حدود الجدل السياسي لكن يجب ألا نغفل التحركات التصعيدية التي اتبعها خلال ولايته الأولى. فقد أوصلت سياساته الولايات المتحدة إلى حافة الحرب مع إيران وكوريا الشمالية وسوريا، رغم تجنبه الدخول في نزاعات عسكرية مباشرة.
ليس من المستبعد أن يسعى ترامب في ولايته الثانية إلى تجاوز النجاحات التجارية البسيطة نحو توسيع حدود الولايات المتحدة جغرافيًا، خاصة مع غياب الضغط ال بإعادة الانتخاب. بالنظر إلى التاريخ الأمريكي الحافل بممارسات السيطرة، سواء عبر الاحتلال أو الضم أو التدخلات السياسية والاقتصادية، فإن إقدام ترامب على اتخاذ خطوات “أكثر جرأة” لتعزيز النفوذ الأمريكي لن يكون مفاجئًا.