اخبار تركيا
نقل الصحفي التركي نوزات جيجاك عبر حسابه على منصة إكس تفاصيل دقيقة لمراسم إحراق الدفعة الأولى من أسلحة تنظيم “PKK” الإرهابي، والتي جرت يوم الجمعة في أحد جبال مدينة السليمانية شمال العراق، بحضور سياسي وإعلامي واسع وتحت رقابة أمنية مشددة.
وبحسب جيجاك، بدأت المراسم الساعة 11:25 ظهرًا واستمرت حتى 11:45 من يوم الجمعة، بمشاركة قيادات بارزة من “KCK”، الذراع الأيديولوجي للتنظيم، في مقدمتهم الرئيسة المشاركة للمجلس القيادي بوسة هوزات، إلى جانب نديم سيفين، تكوشين أوزان، وتكين موش.
تولت بوسة هوزات ونديم سيفين قيادة مجموعة من 30 عنصرًا (15 امرأة و15 رجلًا) قاموا بتسليم أسلحتهم رسميًا، فيما شهد صحفيون وسياسيون هذه اللحظة التي وصفت بـ”التاريخية”.
وتمت تهيئة موقع المراسم خصيصًا وسط إجراءات أمنية دقيقة، بإشراف مسؤولين من وزارة الدفاع العراقية ووزارة داخلية إقليم شمال العراق، فيما أشرفت الاستخبارات الوطنية التركية على جميع تفاصيل العملية لضمان سيرها دون أي طارئ.
وألقى أعضاء المجموعة بيانًا باللغتين التركية والكردية، أعلنوا فيه إنهاء ارتباطهم المسلح بالتنظيم، بحضور شخصيات سياسية بارزة من تركيا في مقدمتها القيادي الكردي أحمد ترك، والسياسية ليلى زانا، والرؤساء المشتركون لحزب DEM وعدد من نوابه.
كما تابع المراسم ممثلون عن منظمات المجتمع المدني ونقابات حقوقية وصحفيون أتوا خصيصًا لتوثيق هذا الحدث.
واختتمت العملية بتسليم الأسلحة ومغادرة المجموعة الموقع دون سلاح، في خطوة وصفت بأنها إيذان بنهاية نشاطهم المسلح ضمن “PKK” وفق ما أكده الصحفي جيجاك.
تأتي مراسم إحراق أسلحة تنظيم “PKK” الإرهابي كإحدى الخطوات الرمزية والعملية في مسار تصفية التنظيم وحلّه، بعد خمسة عقود من العمل المسلح الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من المدنيين ورجال الأمن في تركيا وتسبب بخسائر اقتصادية واجتماعية هائلة.
وقد أعلن زعيم التنظيم المسجون عبد الله أوجلان في فبراير/شباط الماضي عن حل التنظيم من الناحية الفكرية والأيديولوجية، معتبرًا أن مشروع الانفصال الذي تأسس عليه “PKK” لم يعد ممكنًا ولا يحظى بتأييد شعبي أو إقليمي، ودعا جميع أجنحة التنظيم لإلقاء السلاح وإنهاء الصراع المسلح نهائيًا.
جاءت هذه الدعوة متزامنة مع إطلاق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مشروع “تركيا الخالية من الإرهاب”، وهو مسار سياسي وأمني استراتيجي يهدف إلى إغلاق ملف “PKK” عبر أدوات المواجهة العسكرية والضغط الدبلوماسي من جهة، والانفتاح على تسوية سياسية تنزع المبررات الأيديولوجية والتنظيمية للصراع من جهة أخرى.
وتعود الجذور المباشرة لهذا التحوّل إلى مبادرة مشتركة أطلقها الرئيس أردوغان مع حليفه رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي في أكتوبر/تشرين الأول 2024، بعدما حققت العمليات الأمنية والاستخباراتية ضد التنظيم نجاحًا واسعًا داخل تركيا وشمال العراق وسوريا، الأمر الذي هيّأ الظروف العملية لفرض هذا المسار.
ويُنظر إلى إحراق الأسلحة كخطوة رمزية لتأكيد نهاية “الكفاح المسلح”، وإيذانًا ببدء مرحلة جديدة تركّز على الحلول السياسية والدستورية ومعالجة الأبعاد الاجتماعية والثقافية للملف الكردي داخل تركيا، في ظل متابعة دقيقة من أجهزة الأمن والاستخبارات لضمان عدم تراجع التنظيم عن التزامه.