اخبار تركيا
في خطوة لافتة، افتتح المبعوث الأميركي توماس باراك مقر إقامة السفير الأميركي في دمشق لأول مرة منذ 13 عاماً، في مؤشر على عودة تدريجية للعلاقات عبر بوابة الاستثمار ومكافحة الإرهاب.
وتأتي الخطوة في ظل مساعٍ أميركية لإعادة تشكيل دورها في سوريا بعيداً عن سياسة العزلة.
هذا وأثار افتتاح المبعوث الأميركي لسورياتوماس باراكمقر إقامة سفير بلاده في دمشق لأول مرة بعد 13 عاما من قطع العلاقات بين البلدين تساؤلات بشأن ما الذي يعنيه ذلك في هذا التوقيت، وانعكاس الخطوة على ملفات تهم واشنطن في سوريا، بحسب تقرير لشبكة الجزيرة القطرية.
ويرى الكاتب والباحث السياسي مؤيد غزلان قبلاوي الخطوة أنها رسالةكبيرة، وتضفي رمزية في التقدم الدبلوماسي، وتمثل اعترافا أميركيا ضمنيا نحو رفع كامل للعقوبات، وتعيد بناء الثقة بين الطرفين.
ووفق حديث قبلاوي لبرنامج “ما وراء الخبر”، فإن الخطوة تشرعن الحكومة السورية الجديدة دوليا، وتشير إلى “تحول واشنطن من سياسة الترقب والتماس الحذر إلى تبادل الثقة والانهماك المباشر بالمصالح الأميركية في سوريا”.
وخلص إلى أن هذا المسار يؤسس لمحور عربي جديد في مكافحة الإرهاب، مشيرا إلى تصريحات أعضاء فيالكونغرسبضرورة إبعاد إيران استثمارا في الاستقرار والأمن الإقليمي.
وتراهن واشنطن على القوة الاقتصادية في سوريا لمنع عودةتنظيم الدولة الإسلامية، وأشار قبلاوي إلى سقوط الخلايا النائمة في التنظيم بحلب وريف دمشق.
بدورها،قالت وزارة الخارجية السورية إن المبعوث الأميركي التقى الرئيسأحمد الشرعووزيري الخارجيةأسعد الشيبانيوالدفاعمرهف أبو قصرةورئيس جهاز الاستخباراتحسين السلامة.
وكان باراك قال إن الرئيس الأميركيدونالد ترامباتخذ قرارا جريئا بشأن سوريا دون شروط أو متطلبات، وتتلخص رؤيته في إعطاء الحكومة السورية فرصة بعدم التدخل.
بدوره، قال ستيفن هايدمان الباحث في مركز سياسات الشرق الأوسط بمعهد بروكينغز إن الخطوة تعكس اهتماما من ترامب، وتقر في الوقت نفسه بحدوث تغييرات وتشجع على المزيد منها نحو عملية انتقالية شاملة تحترم حقوق الإنسان والأقليات.
لكنه لم يستبعد عودة الحديث عن شروط أميركية على سوريا لرفع العقوبات بشكل كامل، خاصة عند مناقشة الكونغرس إنهاء عقوبات “قانون قيصر”.
وشدد هايدمان على ضرورة حدوث “تغيير مهم” داخل سوريا، لكي يكون رفع العقوبات مؤثرا في الاقتصاد السوري مثل النظام القضائي وتطبيق القرارات بشكل عادل، مع إشارته إلى أن الحكومة الجديدة تواجه تحديات الهيكلة.
في المقابل، يشجع ترامب رجال الأعمال والشركات الأميركية على الاستثمار في سوريا، حسب هايدمان الذي أكد أن الولايات المتحدة لديها مصلحة في أمن سوريا واستقرارها.
تحديات داخلية وخارجية
وأعرب قبلاوي عن قناعته بأن سوريا تحتاج استتبابا أمنيا لبناء جبهتها الداخلية، مشيرا إلى التصريحات الأميركية بوجوب احترام خط فض الاشتباك بين دمشق وتل أبيب.
وعلى الصعيد الداخلي، قال قبلاوي إن أنقرة ترى أن هناك مماطلة في اندماج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في هيكلة وزارة الدفاع، مشددا على ضرورة أن تستوعب “قسد” أن الشرعية الدولية نحو دمشق وليس العكس.
وبشأن العلاقات معإسرائيل، يرى الباحث في مركز سياسات الشرق الأوسط بمعهد بروكينغز أن معاهدة “عدم اعتداء” بين سوريا وإسرائيل ستدعم جهود تعزيز قوة الاقتصاد السوري الجديد، إذ يشكل الأمن إحدى العقبات الرئيسية أمام الاستثمارات.
وأقر هايدمان بأن إسرائيل هي المسؤولة عن الاعتداءات التي شهدتها سوريا منذ سقوط نظامبشار الأسدفي أواخر عام 2024، في حين أصرت إدارة الرئيسأحمد الشرععلى “علاقات سلمية”.
وفي هذا السياق، قال المبعوث الأميركي “نحن بحاجة للبدء باتفاقية عدم اعتداء بينسورياوإسرائيل والحديث عن الحدود”، مؤكدا أنها “مشكلة قابلة للحل، لكن الأمر يبدأ بالحوار”.
وبشأن تعيين سفير أميركا في تركيا مبعوثا لواشنطن بدمشق، قال هايدمان إن ترامب يرى في أنقرة “عاملا رئيسيا في صياغة المستقبل السياسي لسوريا”، مؤكدا أن المبعوث الجديد يعتبر خيارا جيدا ويعرف المنطقة برمتها.