اخبار تركيا
في الزاوية الهادئة من بحر إيجه، حيث تتلاقى أشعة الشمس مع أمواج البحر بلطف، وتتناثر عطور الليمون واليوسفي في الأزقة القديمة، تقع سيفيري حصار (Seferihisar)، المدينة التي اختارت أن تعيش على مهل، في انسجام تام مع الطبيعة والتاريخ والناس.
ليست مجرد مدينة ساحلية، بل قصيدة من الهدوء والدفء، ومرآة تعكس روح “المدينة البطيئة” بكل تفاصيلها؛ من الأسواق الشعبية إلى البيوت الحجرية، ومن المرافئ الصغيرة إلى البساتين الغنّاء.
سيفيري حصار ليست فقط ملاذًا للباحثين عن الراحة، بل وجهة ثقافية وتاريخية تأسر الزائر من اللحظة الأولى. هنا تتحدث الأرض بلغة الحضارات القديمة، وتهمس آثار تيوس (Teos) بقصص مجيدة عن الإغريق الأوائل، بينما تعانقك ضيافة أهلها بنكهة اليوسفي الطازج وخبز التنور.
تقع سيفيري حصار (Seferihisar) في جنوب مدينة إزمير على الساحل الغربي لتركيا، وتُعد واحدة من أندر المناطق التي حافظت على توازن دقيق بين التنمية الحديثة والطبيعة الهادئة. اشتهرت المدينة بكونها أول مدينة تركية تنضم إلى حركة “المدينة البطيئة” (Cittaslow)، وهي مبادرة عالمية تهدف إلى تعزيز الحياة المستدامة والبسيطة، والحفاظ على الخصوصية الثقافية والبيئية للمناطق المحلية.
تُعتبر سيفيري حصار نموذجًا في الاستدامة والوعي البيئي؛ إذ تُضاء شوارعها بالطاقة الشمسية، وتُزرع فيها البذور المحلية، كما يتم الاستغناء عن أكياس البلاستيك لصالح الأكياس الشبكية الصديقة للبيئة. وتُباع المنتجات المحلية الطازجة والمصنّعة منزليًا في السوق الشعبي الذي يُقام كل يوم أحد داخل أسوار قلعة سيغاجيك (Sığacık) التاريخية، حيث يجد الزوار فرصة لشراء الأطعمة التقليدية والحرف اليدوية.
على بعد 5 كيلومترات من وسط المدينة، يقع موقع تيوس (Teos) الأثري، أحد أقدم المراكز الحضارية في منطقة إيجه. كانت تيوس واحدة من المدن الأيونية الاثني عشر التي شكلت “الرابطة الأيونية”، ويُقال إن مؤسسيها هم أحفاد الملك الأسطوري أثاماس، كما ذكر المؤرخ اليوناني بوسانياس.
تمتلك سيفيري حصار شريطًا ساحليًا بطول 49 كيلومترًا، يضم 11 شاطئًا، 10 منها شواطئ عامة مفتوحة للجميع. وتشتهر خلجانها بجمالها الطبيعي، ويمكن استكشافها عبر الرحلات اليومية التي تنطلق من ميناء سيغاجيك على متن القوارب السياحية.
كما تُعرف سيفيري حصار بأنها عاصمة اليوسفي في تركيا، حيث يُقام كل شهر نوفمبر “مهرجان اليوسفي” الذي يجمع السكان والزوار للاحتفال بالموسم. تُقدَّم خلال المهرجان أطباق مبتكرة من اليوسفي، ما يضفي طابعًا فريدًا على المطبخ المحلي. وإلى جانب الحمضيات، تتميّز المنطقة أيضًا بزراعة الكروم وصناعة النبيذ، مما يضيف بُعدًا زراعيًا وثقافيًا آخر إلى هويتها.
باختصار، تُعد سيفيري حصار وجهة مثالية لمن يبحث عن تجربة متكاملة تشمل الاسترخاء، الثقافة، الطبيعة، والمذاق المحلي الأصيل، في مكان يُحافظ على أصالته بعيدًا عن صخب المدن الكبيرة.
المصدر: وزارة الثقافة والسياحة التركية