اخبار تركيا

كشفت صور التقطتها الأقمار الصناعية وأخرى وثقها مدنيون في شمال شرقي سوريا شروع ميليشيات “قسد” بحفر أنفاق جديدة تحت المستشفيات والحدائق والملاعب في مدينة الرقة، في خطوة تعكس استعداداتها لعملية عسكرية محتملة ضدها من قبل الجيش السوري وتركيا.

وبدأت ميليشيات “قسد” في شمال شرقي سوريا بتوسيع شبكة أنفاقها وتعزيز تحصيناتها الميدانية، بالتزامن مع تزايد المؤشرات حول احتمال شن عملية عسكرية مشتركة ضدها من قبل الجيش السوري وتركيا.

وأظهرت صور التقطها مدنيون وأخرى من الأقمار الصناعية أن “قسد” شرعت في حفر أنفاق جديدة تمتد أسفل الحدائق والملاعب والمستشفيات، تحسبًا لأي عملية عسكرية في خط الرقة الطبقة. وخلال الشهرين الماضيين، تم رصد 14 مدخلًا جديدًا لهذه الأنفاق في مدينة الرقة وحدها.

كما كشفت الصور محاولات لإخفاء مداخل الأنفاق باستخدام الخيام والأغطية، فيما وثقت تسجيلات للأهالي وجود مداخل قرب أحد المستشفيات، في خطوة أثارت قلق السكان المحليين.

وتزامنت هذه التحركات مع تصريحات لقائد “قسد” مظلوم عبدي الذي حذر من أن خطر الهجمات لا يزال قائمًا رغم ما وصفه بـ”الهدوء النسبي” في الأشهر الأخيرة. وقال عبدي:

“علينا أن نكون مستعدين لكل شيء. في الوقت نفسه، نحاول عبر الحوار منع اندلاع الحرب مجددًا. قواتنا ستسعى للحفاظ على مكتسباتها بالسياسة، لكنها تبقى مستعدة لكل الاحتمالات.”

وتأتي هذه التطورات بعد تلويح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 25 أغسطس/آب الماضي بعملية عسكرية ضد “قسد” وميليشيات YPG الإرهابية شمال شرقي سوريا، في حال لم تُنفذ الاتفاق المبرم مع الحكومة السورية في مارس/آذار الفائت.

وقال أردوغان في كلمة ألقاها بمدينة ملاذكرد قرب الحدود السورية:”إذا خرج السيف من غمده فلن تكون هناك حاجة لا للقلم ولا للكلام. من يتجه نحو أنقرة ودمشق سيكون من الرابحين، أما من تاهت قبلته فسيكون من الخاسرين.”

ويرى مراقبون أن لجوء “قسد” إلى تكثيف تحصيناتها وبناء شبكة أنفاق واسعة، يعكس خشيتها من فقدان مناطق سيطرتها في حال أي عملية عسكرية مرتقبة، خاصة مع تنامي التنسيق بين أنقرة ودمشق ضدها. وبذلك، تدخل مناطق شمال وشرق سوريا مرحلة جديدة من الترقب، بين مسار سياسي يسعى لتفادي المواجهة، واحتمال تصعيد ميداني قد يعيد خلط أوراق المشهد الإقليمي برمته.

نشر موقع “فوكس بلس” التركي تحليلاً موسعاً حول التطورات المتسارعة في شمال شرق سوريا، في ظل تزايد التحضيرات العسكرية والسياسية بين الجيش السوري وميليشيات “قسد”، إلى جانب الانقسامات الداخلية التي تعصف بالأخيرة، والدور الحاسم الذي تلعبه الضغوط الإقليمية والدولية في رسم ملامح المرحلة المقبلة.

وبحسب التقرير، يستعد الجيش السوري لحشد ما يقرب من 50 ألف جندي قرب منطقة تدمر بمحافظة حمص (وسط البلاد)، في خطوة تمهيدية لشن هجوم محتمل على معاقل “قسد” في محافظتي الرقة ودير الزور. وأشار إلى أن أي عملية عسكرية واسعة النطاق ضد “قسد” تبقى مرهونة بالحصول على ضوء أخضر من الولايات المتحدة، وهو ما يجعل أي تغيير جذري في خريطة السيطرة شمال وشرق الفرات اً بالموقف الأميركي المباشر.

وعلى الصعيد الإقليمي، أشار التحليل إلى أن تركيا تواصل ممارسة ضغوط متصاعدة على “قسد”، عبر هجمات محدودة ودعم غير مباشر لدمشق في تحركاتها العسكرية، في حين تسعى واشنطن للحفاظ على تماسك “قسد” باعتبارها شريكها الميداني في محاربة تنظيم الدولة، بينما تركز إسرائيل على إبقاء المنطقة ضعيفة ومفتتة للحد من قدرة الحكومة السورية على فرض سيطرة كاملة.

واختتم التقرير بالتأكيد على أن تلاقي عدة عوامل، أبرزها الحشود العسكرية السورية، والانقسامات المتزايدة داخل “قسد”، إلى جانب الضغوط التركية والإسرائيلية والموقف الأميركي الحاسم، يجعل شمال شرق سوريا يقف على مفترق طرق حقيقي، ويثير تساؤلات جدية حول ما إذا كانت المنطقة مقبلة على مواجهة عسكرية واسعة بين دمشق و”قسد”، أم أن التفاهمات السياسية ستنجح في تأجيل الانفجار إلى وقت لاحق.

شاركها.