اخبار تركيا

غل: السياسات الإيرانية المتشددة دفعت دولاً عربية للتطبيع مع إسرائيل

اخبار تركيا

قال الرئيس التركي السابق عبد الله غل، إن السياسات المتشددة الإيرانية دفعت دولا عربية لإقامة علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل.

جاء ذلك في حوار له مع موقع “المجلة”، تطرق فيها لملفات وقضايا عدة ومن بينها الصراع الإيراني الإسرائيلي.

وفيما يلي نص الحوار المتعلق بهذه الجزئية:

سابقا كانت هناك “حرب الظل” بين إسرائيل وإيران. كانتا تتحاربان عبر الوكلاء والحلفاء، في الأشهر الأخيرة وفي أبريل/نيسان انتقلنا إلى مرحلة جديدة وهي الحرب المباشرة بين إسرائيل وإيران، وأخيرا إيران ضربت إسرائيل التي ردت بقصف إيران. هل أنتم قلقون من حدوث حرب إقليمية ومواجهة إيرانية إسرائيلية؟

كما ذكرت المنطقة ليست موحدة. للأسف، هناك انقسام داخل العالم الإسلامي في الشرق الأوسط. لقد غيّرت السياسات المتشددة لإيران تصورات مصادر التهديد في المنطقة؛ فبينما كانت الدول العربية تقليديا ترى في إسرائيل التهديد الأساسي، حلت إيران محلها في هذا الدور. وقد أدى ذلك إلى إقامة بعض الدول العربية علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل، وهو ما كانت إسرائيل ترغب فيه وها هي ذي تحقق طموحاتها مستغلة هذا الانقسام. لقد أثر هذا الوضع على المنطقة وتماسكها بشكل عام.

أعتقد أن التطور الإيجابي الوحيد في الآونة الأخيرة هو استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، بوساطة الصين، وقد عادت هذه الخطوة بالنفع على المنطقة.

أما الخطاب العدائي والشعارات الإيرانية بشأن محو إسرائيل من الخريطة وإنهاء الدولة الإسرائيلية، فقد صب في صالح تل أبيب، واستخدم كذريعة لتبرير الدعم العسكري غير المحدود من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية.

وتسعى إسرائيل إلى توسيع نطاق الحرب في المنطقة، لأنها ترى أن ذلك يصب في مصلحتها، ولتحقيق هذا الغرض، نراها تعمل على استفزاز الأطراف الإقليمية، وخاصة إيران.

تحدثتم عن الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، وأيضا كانت هناك مقاربة جديدة من الرئيس أردوغان وحصل تحسن في العلاقة مع مصر ومع السعودية ومع الإمارات. كيف تنظرون إلى المقاربة الجديدة للرئيس التركي على الأقل إقليميا؟

أؤيد تماما هذه الخطوات وأشعر بالأسف لخسارة عقد من الزمن في علاقاتنا مع هذه الدول الشقيقة. أؤيد هذا التوجه بكل إخلاص، إذ إن التضامن بين تركيا وهذه الدول سيترك آثارا إيجابية على أمن وازدهار المنطقة.

وعودة إلى القضية الفلسطينية، أود أن ألفت انتباهكم إلى وجود ضعف كبير في الصراع الإسرائيليالفلسطيني، وهو الانقسام بين الفلسطينيين أنفسهم. لقد بُذلت جهود كثيرة لإنهاء هذا الانقسام، وعلى رأسهما مبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز.

وبدوري قمت بمبادرات لتقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين في مناسبات سابقة في شتى المسؤوليات التي تحملتها. هذا الانقسام يضعف قوة القضية، فغزة والضفة الغربية لا تتشكلان من شعبين مختلفين؛ بل هم جميعا فلسطينيون محرومون من حقوقهم. ومع كل هذه المعاناة، حان وقت الوحدة.

علينا أيضا أن ندرك أن مبادرة السلام العربية، التي قدمها الملك عبد الله في بيروت عام 2002 وحظيت بتأييد منظمة التعاون الإسلامي، التي تضمّ إيران أيضا، تبقى جهدا محوريا لحل فعال ومؤثر للقضية الفلسطينية. ودون إيجاد حل دائم لهذه القضية يستند إلى صيغة الدولتين، سيكون من الصعب تحقيق السلام والأمن الإقليميين في الشرق الأوسط.

سؤال أخير، تركيا لها وزن دولي وهي جزء من “مجموعة العشرين”. هناك مخاض إقليمي واضح لكن في الوقت ذاته هناك مخاض دولي يحدث، هناك صعود الصين وهناك روسيا في أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وربما يضعف دور أميركا. كيف تتصورون النظام الإقليمي الجديد؟ والأهم كيف ترون النظام الدولي الجديد خلال السنوات المقبلة؟

في ظل الظروف الحالية، تُداس القيم والمعايير العالمية التي يدّعي الغرب أنه يدافع عنها بشدة، مثل حقوق الإنسان وسيادة القانون والديمقراطية، على يد الغربيين أنفسهم، الذين يرفضون تطبيق المعايير نفسها، عندما يتعلق الأمر باحتلال إسرائيل لفلسطين وعدوانها على الفلسطينيين.

وفي غزة، ظهر فشل النظام الدولي تجاه المعاناة الهائلة التي تجري هناك. ويختلف موقف الفاعلين الغربيين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، من الحرب في غزة عن مواقفهم منالحرب الروسيةالأوكرانية.

هذا النفاق يقلل من مصداقيتهم وقوة إقناعهم. وللأسف، فإن هذا التمييز قد يدفع بعض الدول إلى الانجذاب نحو الأنظمة السلطوية، سواء في الصين أو غيرها، لمواجهة هذا الانحياز الواضح من الغرب.

إن الصراع الحالي بينالولايات المتحدة والصين، لا سيما حول القضايا الاقتصادية ومجالات النفوذ، سيقود بلا شك إلى حقبة جديدة من الاستقطاب في العالم على مدار السنوات العشر القادمة، مما سيحمل تحديات كبيرة للشرق الأوسط وما وراءه.

لذلك، ينبغي للعالم الغربي أن يراجع سلوكه وممارساته وأن يعود إلى اتباع سياسات عادلة وتشاركية وشفافة مبنية على الحوار والصدق، وتحترم متطلبات القانون الدولي والمبادئ العالمية، وعندها يمكنهم أن يستعيدوا الثقة التي فقدوها وأن يسترجعوا ثقة شعوب العالم العربي والمنطقة الأوسع، من آسيا إلى أميركا اللاتينية.

هذا الفهم يمكن أن يجعل من العالم الغربي ومؤسساته مصدر إلهام مرة أخرى، فإن لم يفعلوا، فستستمر خيبة الأمل فيهم.

فإذا قام الغرب بهذه النقلة، فستسهم، بالتضافر مع ازدياد الوعي، في تشجيع الكثير من الدول، سواء في الغرب أم الشرق، إلى التركيز على الداخل وإعادة التفكير في سياساتها الاجتماعية والاقتصادية وتطبيق نهج قائم على الحوكمة الرشيدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *