فوز ترامب وانهيار “الطاولات”.. انكشاف “محور الإرهاب”
إبراهيم قاراغول يني شفق
قد رحل الفريق الذي أسس “الطاولة السداسية” وسعى لمنع تركيا من تحقيق قفزتها التاريخية الكبيرة. أما الطاولة التي جمعت الأحزاب السياسية مع المنظمات الإرهابية في تركيا، بترتيب من الولايات المتحدة، فقد انهارت. ورحل أيضًا بايدن الذي صرّح قبل انتخابه بأنه “سيدعم المعارضة لإسقاط أردوغان” وعمل لتحقيق ذلك. أما الإرهابي غولن، الذي كان يُعتبر الورقة الأقوى بجانب تنظيم بي كي كي الإرهابي، فقد توفي.
ما مصير خطة “نقل الحرب إلى الحدود التركية”؟ لقد تغيرت الإدارة الأمريكية التي دعمت الجرائم الإسرائيلية، وساندت هجماتها في غزة ولبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن، وساهمت في تعزيز قوة تل أبيب العسكرية. أما أولئك الذين خططوا لنقل الحرب إلى الحدود التركية بالتنسيق مع إسرائيل والبنتاغون الخاضع لنفوذها، بهدف تقليص دور تركيا باستخدام تنظيم بي كي كي الإرهابي وعناصرهم الداخلية، فلم يعودوا موجودين الآن.
هل سيتغير شيء بعد مرحلة ترامب؟ بالطبع، سيستمر النظام الأمريكي الراسخ في سياساته دون تغيير كبير. وستظل سياسات الشرق الأوسط على حالها، وسيستمر الدعم المطلق لإسرائيل. ومع ذلك، من المتوقع أن تحدث تحولات جوهرية في السياسات الداخلية للولايات المتحدة، وكذلك في سياساتها على مستوى العالم.
تركيا تتحرك: بدء التدخلات ضد تحالف بي كي كي الإرهابي حزب الـ DEM حزب الشعب الجمهوري.
مع اقتراب الانتخابات، لاحظت تركيا بوادر فوز ترامب وتصرفت بناءً على ذلك. جاءت تصريحات دولت بهتشلي مشددة على المستقبل المشترك مع الأكراد، مع توضيح قاطع للفصل بين المجتمع والإرهاب، في خطوة تعكس استعداد تركيا للمرحلة المقبلة.
وفي مواجهة التهديدات الإقليمية بالحرب، اتخذت تركيا تدابير استثنائية لتعزيز التماسك الداخلي وإضعاف ما يُعرف بـ”الجبهة الداخلية المضادة”.
وبدأت تركيا في تنفيذ ترتيبات داخلية غير مسبوقة لمواجهة الأطراف الساعية لنقل الحرب إلى حدودها، وشنت تدخلات ضد التحالف الداخلي بين تنظيم بي كي كي الإرهابي، وحزب DEM، وحزب الشعب الجمهوري. وكانت تعيينات القائمين بأعمال رؤساء البلديات أولى هذه الخطوات. ورغم أننا لا نعلم حتى الآن كامل الإجراءات، فإنه من المرجح أن نشهد موجة عمليات مكثفة على الساحة السورية قريبًا.
هل يقوم تحالف تنظيم بي كي كي/واي بي جي الإرهابي حزب DEM حزب الشعب الجمهوري بالتخطيط لـ “حرب أهلية”؟
بات من الواضح تمامًا أن إسرائيل والولايات المتحدة (البنتاغون) تعملان على مهاجمة تركيا عبر تنظيم بي كي كي/واي بي جي الإرهابي، مع السعي لاستثمار بيئة صراع منسق بالتعاون مع أطراف داخلية.
وفي الوقت الذي تحاول فيه تركيا نزع سلاح الاستغلال العرقي من أيدي تنظيم بي كي كي/واي بي جي الإرهابي وحزب DEM، الذين أصبحوا أدوات حرب بيد إسرائيل، جاء الرد عبر هجوم عنيف من قبل هذا التنظيم الإرهابي.
الهجوم على شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية كشف بوضوح من يقف وراء تنظيم بي كي كي الإرهابي وشركائه في الداخل، وأكد أنهم لا يستطيعون التخلي عن السلاح حتى لو أرادوا؛ فلا قرارات يمكن اتخاذها دون موافقة الولايات المتحدة وإسرائيل. هذا الأمر عزز قناعة الرأي العام بأن الشراكة السياسية مع الإرهاب في الداخل تم إعدادها كأداة هجوم ضد تركيا بيد إسرائيل والولايات المتحدة.
كما ظهرت أمور أخرى زادت من ترسيخ هذه القناعة؛ إذ تحرك حزب الشعب الجمهوري بالتنسيق مع حزب DEM وبدأ بإثارة الفوضى في الشوارع، مشعلًا شبكاته التنظيمية في البلديات والمؤسسات نحو هذا الاتجاه.
لم يكن الأمر ًا فقط بتعيين القائمين بأعمال رؤساء البلديات؛ بل كانت هناك توجيهات واضحة لشن ضربات من الداخل. وهذا هو ما يجري الآن بالتحديد؛ إذ يتعاون حزب الشعب الجمهوري وحزب DEM، مستندين إلى دعم تنظيم بي كي كي/واي بي جي الإرهابي وإسرائيل، لضرب استقرار تركيا من الداخل.
انكشاف تام لمن استندوا إلى إسرائيل وتنظيم بي كي كي الإرهابي
لقد انهارت الطاولة التي كانوا يعتمدون عليها؛ فلا الطاولة السداسية ولا طاولة بايدن موجودة بعد الآن. لم يعد خلفهم الآن سوى التنظيم الإرهابي وإسرائيل، وهو ما كانت تركيا تسعى لكشفه، وقد تحقق هذا الهدف.
لقد انفضح أمرهم جميعًا، ولم يعد بإمكانهم إخفاء الخداع الذي مارسوه على الشعب خلال الانتخابات. ظهر بوضوح أن هدفهم ليس السلام ولا الأخوة، ولا يطمحون لبناء تركيا موحدة، فهم لا يحملون أي فكرة عن تركيا مشتركة. نهاية عهد الأكاذيب قد حانت.
اتضح تمامًا الفرق بين من يسعون إلى تعزيز مكانة تركيا ومن يريدون إضعافها. انفصل من يستندون إلى الإرهاب عن أولئك الذين يستندون إلى تركيا وشعبها.
لم يعد بإمكانهم التستر على كونهم أداة جبهة داخلية موجهة للتآمر ضد تركيا.
“حاضنة الإرهاب”، بؤرة الإرهاب: تحالف يمثل “جبهة داخلية”
لقد فضحوا أنفسهم بأيديهم، وكشفوا عن مخططهم الخطير، الذي استخدموا فيه الإرهاب والمنظمات الإرهابية، وأولئك الساعين لتقويض مكانة تركيا، بتمويه سياسي. لقد ظهرت هذه الحقيقة بكل وضوح.
وهكذا، تبيّن أن التحالف في اختيار المرشحين قبل الانتخابات لم يكن بين حزب الشعب الجمهوري وحزب DEM فقط، بل اتضح أنه تحالف بين حزب الشعب الجمهوري وتنظيم بي كي كي الإرهابي.
ثبت أن حزب الشعب الجمهوري أصبح “حاضنة للإرهاب” و”بؤرته الأساسية”، حيث صاغت كوادر الإرهاب كوادر الحزب وأعادت تشكيلها. لقد خُدع الرأي العام التركي تحت مسمى “المعارضة” بأوهام تحالف مع الإرهاب ومؤامرات للحرب على تركيا. بهذا، تحول حزب الشعب الجمهوري إلى قضية أمن داخلي وأمن قومي.
داية عهد “التدخل المشروع” بدلاً من “الدفاع المشروع”!
قبل الانتخابات الرئاسية، واصل من جمعوا الأحزاب السياسية مع التنظيمات الإرهابية على طاولة واحدة مخططاتهم لتقويض تركيا عبر الإرهاب. وقد استخدم العقل المدبر لتنظيم بي كي كي الإرهابي حزب الشعب الجمهوري كأداة لتنفيذ هذه الأجندة.
بعد تجاوز حزب DEM، يواجه حزب الشعب الجمهوري الآن تحديًا حقيقيًا في اتخاذ موقف واضح ضد الإرهاب. العلاقة بين كوادر القيادة في حزب الشعب الجمهوري والعقل المدبر لتنظيم بي كي كي الإرهابي باتت جلية، وتستلزم التدخل. المعركة التي تخوضها تركيا ضد الإرهاب وعملياتها في سوريا تجد مبررها في هذا التحالف الداخلي.
لقد رفضوا يد تركيا الممدودة. لذا، من الآن فصاعدًا، لن يكون هناك “دفاع مشروع” فحسب، بل “تدخل مشروع”. هذه الساحة ستصبح جبهة في صراع تركيا الجديد من أجل الوجود. المخطط الخفي والمشروع الخطير لحزب الشعب الجمهوري وصل إلى مرحلة لا يمكن التستر عليها بالسياسة.
بعثيون أتراك، بعثيون أكراد، وتنظيمات احتلال داخلي.
ينتظرون الآن التوجهات الجديدة في الولايات المتحدة؛ هل سيتم دعمهم؟ وهل سيحصلون على دعم داخلي مماثل؟ هل سيستمر محور حزب الشعب الجمهوريحزب DEMتنظيم بي كي كي الإرهابي في تلقي الدعم؟ هذه هي التساؤلات التي سيسعون للحصول على إجاباتها، إلا أن دعم الاتحاد الأوروبي وحده لن يكون كافيًا، حيث لم يعد الاتحاد الأوروبي يتمتع بالقوة اللازمة لذلك.
بصراحة، دخل البعثيون الأتراك والأكراد في مرحلة صعبة. ونعلم أنه بمجرد انتهاء خط تنظيم بي كي كيحزب DEM عند الأكراد، وخط حزب الشعب الجمهوري عند الأتراك، لن تبقى هناك مشكلات قائمة.
وبصيغة أدق، لن يكون هناك سلام في تركيا أو في المنطقة ما لم يتم القضاء على البعثية التركية والبعثية الكردية. فالتياران يمثلان أداة لتحقيق الأحلام الاستعمارية والتوسعية للولايات المتحدة وأوروبا تجاه تركيا والمنطقة.
أنصارهم باتوا دون داعم، ولكن لننتظر أولاً الحسابات الداخلية في الولايات المتحدة.
جميع خطط تقسيم الخرائط تعتمد على تحالف هاتين الفئتين من “الاحتلاليين الداخليين”.
من أجل مستقبل تركيا والمنطقة، يجب تطهير هذه العناصر الأجنبية من أراضينا. فالوجود الوطني لتركيا ووحدة خريطة المنطقة يعتمدان بالكامل على هذا “التطهير”، وقد حان الوقت لذلك. إنه الوقت المناسب لنزع هذا السلاح من أيديهم.
سنرى ما سيحدث بعد مرحلة ترامب… حتى الآن، خسر النظام الأمريكي الراسخ، وتنظيم بي كي كي الإرهابي، وقيادات حزب الشعب الجمهوري. ولكن لنتابع أولاً الحسابات الداخلية في الولايات المتحدة