كاتب تركي: هل قادت إيران محاولة انقلاب ضد “الشرع”؟

اخبار تركيا
أشار تقرير للكاتب والصحفي التركي بولنت أوراك أوغلو، أن الرئيس السوري أحمد الشرع، تعرض لمحاولة انقلاب مسلحة قادتها فلول النظام البائد المدعومة من إيران، في مدينتي اللاذقية وطرطوس.
وذكر أوراك أوغلو في تقرير بصحيفة يني شفق أن الاشتباكاتاندلعت بعد هجمات شنتها هذه فلول النظام البائد على المدنيين وقوات الجيش السوري، مما دفع الحكومة إلى إرسال تعزيزات عسكرية لاحتواء التمرد، كما دخلت قوات تركية خاصة إلى المنطقة.
ووفقا للكاتب، تزامنت هذه التطورات مع تصريحات مستشار المرشد الإيراني، علي أكبر ولايتي، التي ألمح فيها إلى احتمالية تقسيم سوريا، مما أثار تساؤلات حول دور إيران في إشعال الفوضى.
وفيما يلي نص المقال:
تشهد سوريا تطورات متسارعة في ظل اشتباكات عنيفة اندلعت نتيجة إطلاق فلول النظام البائد، النار على المدنيين وقوات الجيش السوري في مدينتي طرطوس واللاذقية. وتأتي هذه التحركات في سياق محاولات فلول نظام بشار الأسد الساقط، المدعوم من إيران، لإشعال الفوضى مجددًا وتدمير سوريا. وردًّا على محاولة الانقلاب التي يقودها فلول النظام في هذه المناطق التي تتركز فيها هذه العناصر، أعلنت تركيا اتخاذ إجراءات فورية، حيث أفادت التقارير أن قوة من الفرقة الخاصة “حمزة” التابعة لوزارة الدفاع التركية تتحرك أيضًا نحو منطقة العمليات ضد فلول النظام المخلوع على الجبهة الساحلية.
وإثر ذلك، دخل رتل عسكري تابع للقوات المسلحة التركية من إدلب. كما أرسل الجيش السوري تعزيزات عسكرية إلى المنطقة للتعامل مع الأحداث التي خلفت قتلى وجرحى. ويظهر الجيش السوري عزما على تطهير المنطقة من الجماعات الإرهابية الموالية للأسد. وأكدت وسائل الإعلام السورية أن الجيش مصمم على القضاء على الجماعات الإرهابية الموالية للأسد، مشيرةً إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصرًا من فلول النظام خلال العمليات. ولا تزال القوات السورية تواصل عملياتها ضد عناصر النظام المخلوع في اللاذقية ودرعا، ممن رفضوا تسليم أسلحتهم خلال اليومين الماضيين.
اندلاع الأحداث عقب تصريحات ولايتي
جاءت هذه الأحداث في أعقاب تصريحات علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني آية الله خامنئي، حيث قال مؤخرًا: “من الصعب حاليًا التنبؤ بمستقبل سوريا، ولكن العلامات والمؤشرات تُظهر أن أسس التقسيم قد وُضعت في سوريا. وكل طائفة لديها مطالبها: الأكراد والعلويون وداعش وتحرير الشام، وغيرهم. وهناك احتمال اندلاع حرب أهلية في أي لحظة. بالإضافة إلى احتلال النظام الصهيوني لجزء من سوريا ووجود أمريكا هناك، كل هذه العوامل تزيد من احتمالية التقسيم. إيران لا تتدخل في شؤون أي دولة، ولكن إذا طلب الشعب السوري أو الحكومة الشرعية المساعدة، فسنقدمها كما فعلنا في الماضي.” واللافت للانتباه أن الأحداث اندلعت بعد هذه التصريحات مباشرة، فقد أعلن قائد إحدى الجماعات المسلحة التي نصبت كمائن لقوات الأمن، غياث دلا، والذي كان يقود قبل سقوط نظام الأسد ما يعرف بـ”قوات الغيث”، أعلن عن تشكيل مجلس عسكري يهدف إلى الإطاحة بالحكومة الحالية.
اسم غياث دلا يبرز كمحرض على محاولة الانقلاب ضد الرئيس السوري أحمد الشرع، وهو من جنرالات ماهر الأسد، ومن أبرز الموالين للمحور الإيراني داخل نظام الأسد المخلوع، وقد فر إلى مسقط رأسه اللاذقية
ويبرز اسم غياث دلا، أحد الجنرالات التابعين لقائد الفرقة الرابعة ماهر الأسد، كأحد المخططين للهجوم الذي أدى إلى اندلاع اشتباكات دامية في اللاذقية، والتي بدأت في 6 مارس/آذار بكمين نصبه عناصر النظام المخلوع لقوات الأمن، وأسفر عن مقتل 11 عنصرًا أمنيًا. وغياث دلا من أبرز القادة في “الفرقة الرابعة” التي كان يترأسها ماهر الأسد سابقا شقيق رئيس النظام المخلوع. وكان مسؤولًا عن العديد من المجازر المروعة التي ارتكبتها الفرقة، أبرزها المجازر التي طالت المدنيين في مناطق المعضمية وداريا عام 2012، حيث استخدمت الأسلحة الثقيلة ضد السكان العزل. كما قاد الحصار المفروض على الزبداني ومضايا، والذي أودى بحياة أكثر من 100 مدني بسبب الجوع. وكان له دور بارز أيضًا في حصار الغوطة الشرقية، الذي تسبب في مقتل أعداد كبيرة من المدنيين بسبب المجاعة والحرمان من الإمدادات الإنسانية. ولا تزال صور دلا مع الميليشيات المدعومة من إيران متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي التقطت خلال السنوات التي شهدت هجمات على قوات المعارضة والمدنيين. ويُذكر أن ماهر الأسد كان يعتبر من أقوى أركان النظام وأكثرهم قربًا من إيران خلال فترة حكم النظام المخلوع. وقد فر دلا إلى مسقط رأسه اللاذقية بعد سقوط النظام، وأنشأ هناك تنظيمًا سريًا من الجنود والميليشيات السابقين، وأعلن عنه باسم “المجلس العسكري”، ويهدف إلى طرد القوات الحكومية من اللاذقية وطرطوس. وفي 6 مارس/آذار، أعلن دلا في بيان منشور عن بدء تحركهم العسكري للإطاحة بالإدارة الحالية في سوريا.
الرئيس السوري أحمد الشرع في كلمة مصورة مخاطبا فلول النظام المخلوع: “بادروا بتسليم أسلحتكم فورا قبل فوات، الجميع سيحاسب”
وجه الرئيس السوري أحمد الشرع رسالة إلى فلول النظام السابق، مؤكداً أن بعض هذه العناصر سعت لاختبار “سوريا الجديدة” التي يجهلونها. وأكد قائلاً “لن نتسامح مع فلول الأسد الذين قاموا بارتكاب الجرائم ضدّ قوات جيشنا ومؤسسات الدولة، وبثوا الفوضى في المناطقِ الآمنة. فليس أمام هؤلاء سوى خيار واحد، وهو تسليم أنفسهم للقانون قبل فوات الأوان.”
ودعا الرئيس أحمد الشرع قوات الأمن إلى منع الانتهاكات ضد المدنيين. وقال مخاطبا القوات الأمنية التي تنفذ عمليات ضد فلول النظام المخلوع “أهنئ الجيش وقوات الأمن على تصميمهم على حماية المدنيين وضمان سلامتهم أثناء ملاحقة فلول النظام السابق، وسرعتهم في تنفيذ مهامهم، وأؤكد على ضرورة ألا تسمحوا لأي كان بالتصرف بشكل مفرط أو خارج الأطر القانونية، وعليكم العمل بجد لمنع ذلك. فما يميزنا عن عدونا هو التزامنا بمبادئنا وقيمنا. وإذا تنازلنا عن قيمنا وأخلاقنا، نصبح مثل عدونا.” وأضاف الشرع: “سنلاحق القوات التابعة للنظام المنهار، والذين ارتكبوا جرائم ضد الشعب، وكل من يسعى إلى تقويض الأمن والسلام الداخلي. سنقدمهم إلى العدالة، وسنستمر في نزع أسلحتهم ووضعها تحت سيطرة الدولة. وبإذن الله، كل من يهاجم المدنيين العزل سوف يحاسب. سوريا تسير قدمًا إلى الأمام، ولن نتراجع ولو خطوة واحدة.”
آخر المستجدات في اللاذقية وطرطوس
لا تزال الاشتباكات العنيفة مستمرة بين القوات الحكومية وفلول نظام الأسد في اللاذقية وطرطوس، الواقعتين على ساحل البحر الأبيض المتوسط واللتين كانتا تسميان “قلعة النظام” في خلال حكم الأسد المخلوع، وقد أسفرت هذه الاشتباكات عن مقتل مئات الأشخاص، بينهم مدنيون، وفقًا لتقارير محلية. وأكدت القوات الحكومية سيطرتها على اللاذقية وطرطوس وأنها تواصل عملياتها الأمنية لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. وأرسلت تعزيزات عسكرية إلى جبلة التابعة للاذقية، وبانياس التابعة لطرطوس، في حين أغلقت جميع الطرق المؤدية إلى المناطق الساحلية.