اخبار تركيا
شهدت الأوساط الإعلامية في تركيا مؤخرا، انتشار مزاعم بوجود خلافات بين تيار وزير الخارجية هاكان فيدان، وآخر مقرّب من الرئيس رجب طيب أردوغان، حول ملفات عدة أبرزها مرحلة ما بعد أردوغان في قيادة الحزب والدولة.
وفي هذا الإطار، سلّط مقال للكاتب والباحث التركي إسماعيل ياشا، الضوء على الأمر.
وأشار “ياشا” في مقاله على موقع “عربي 21” إلى خروج أصوات عديدة في صفوف الإعلاميين المعارضين للحكومة التركية في الأيام الأخيرة، لتدعي بأن هناك صراعا داخليا في حزبالعدالة والتنميةيخوضه أفراد من أسرة رئيس الجمهورية رجب طيبأردوغان، كنجله بلال أردوغان، ضد وزير الخارجية هاكانفيدان، ليحول دون تولي هذا الأخيررئاسةالحزب ودون ترشحه لرئاسة الجمهورية بعد انتهاء فترة أردوغان الأخيرة.
وأضاف أن تلك الأصوات تستغل قضية اعتقال رئيس تحرير قناة “خبر تورك”، مهمت عاكف أرصوي، لتدعي بأن هذه القضية تهدف إلى ضرب سمعة فيدان، من خلال استهداف أرصوي المقرب منه.
وفيما يلي تتمة المقال:
هناك ظاهرة يمكن رؤيتها في كل بلد، وهي أن أشخاصا يدعون بأنهم مقربون من زعيم أو مسؤول أو أحد المشاهير، ويلتقطون معه بعض الصور، ثم يستغلون هذا الادعاء في إظهار أنفسهم كأشخاص ذوي أهمية ومكانة، وقد يحصلون من خلال ذلك على بعض المصالح والامتيازات. ويبدو أن علاقة أرصوي مع فيدان كانت من هذا النوع، بدليل أن وزير الخارجية أعرب عن انزعاجه من ربط اسمه بأرصوي، وسبق أن حذر هذا الأخير من أن يدعي بأنه مقرب منه، كما نقل ذلك أكثر من مصدر.
السيناريوهات التي تتحدث عن صراع بين فيدان والمقربين من أردوغان، مبنية بالدرجة الأولى على أماني المروجين لها، والأطراف الخائفة من تولي حكمتركيابعد أردوغان؛ شخصيةٌ قوية ذات خبرة واسعة في مجال الاستخبارات والسياسة الخارجية، وتهدف إلى الإيقاع بين رئيس الجمهورية ووزير الخارجية. ويقولون أحيانا إن بلال أردوغان يستعد ليرث مناصب أبيه، وأحيانا أخرى إن زوج ابنة الرئيس الأولى برات ألبيراق، أو زوج ابنته الثانية سلجوق بيرقدار، هو الذي يسعى إلى التنافس مع فيدان، على الرغم من عدم وجود أي مؤشر يشير إلى هذا النوع من التنافس.
بلال أردوغان يشرف على مشاريع تعليمية تهدف إلى تربية الشباب والأجيال الناشئة على التمسك بالقيم الدينية والأخلاقية الفاضلة، كما أن سلجوق بيرقدار مشغول بتطوير الطائرات المسيرة وغيرها من التكنولوجيا الدفاعية لتعزيز قدرات الجيش التركي، بالإضافة إلى تنظيم مهرجانات “تكنوفيست” للطيران والفضاء لتشجيع الشباب على اكتشاف مواهبهم وعرض ابتكاراتهم التكنولوجية. وليس هناك ما يدل على أن أحدهما يرغب في دخول المعترك السياسي. وأما برات ألبيراق فسبق أن دخل البرلمان وتولى حقيبتي الطاقة والمالية، إلا أنه بعيد عن الأنظار منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، ومن المستبعد للغاية أن يتولى رئاسة حزب العدالة والتنمية أو أن يترشح لرئاسة الجمهورية بعد أردوغان، نظرا لعدم تمتعه بصفات ومواهب تؤهله لمثل تلك المناصب والزعامة.
الانتخابات الرئاسية ستجرى في أيار/ مايو 2028، إلا أنه قد يتم تقديم موعد إجرائها لأشهر ليتمكن رئيس الجمهورية من الترشح لفترة رئاسية أخرى. وإن تم ذلك فيعني أن أردوغان سيبقى على رأس حزب العدالة والتنمية وهو مرشح تحالف الجمهور للانتخابات الرئاسية، وهذا ما يريده رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي. وبالتالي، سيبقى أي حديث عن صراع داخلي في حزب العدالة والتنمية بلا معنى، وإن لم يتم تقديم موعد الانتخابات فمن المؤكد أن فيدان أقوى مرشح حاليا لخلافة أردوغان.
الانتقال إلى ما بعد أردوغان قد يؤدي إلى تفكك حزب العدالة والتنمية إن لم يتم بسلاسة ونجاح. وتسعى أقلام المعارضة إلى زرع الفتنة والتفرقة في صفوف حزب العدالة والتنمية وتقسيمهم إلى “أردوغانيين” و”فيدانيين” وغيرهما، على غرار ما يشهده حزب الشعب الجمهوري المعارض، وتراهن على اندلاع صراع بين تلك المجموعات ليكون مصير حزب العدالة والتنمية بعد أردوغان كمصير حزب الوطن الأم بعد تورغوت أوزال ومصير حزب الطريق القويم بعد سليمان دميريل.
المتعاطفون مع الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني هم أيضا يستهدفون فيدان، إلا أن سبب هذا الاستهداف يعود إلى انزعاجهم من موقف أنقرة من قوات سوريا الديمقراطية “قسد”. وبدلا من انتقاد الحكومة التي يرأسها أردوغان، يوجهون سهامهم إلى فيدان، بسبب خوفهم من أردوغان، كما فعل النائب عن مدينة ديار بكر، مهمت غالب أنصاري أوغلو، المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية، حين انتقد وزير الخارجية واتهمه بإلقاء تصريحات تتعارض مع رغبة رئيس الجمهورية، في إشارة إلى تحذير فيدان قيادة “قسد” من المماطلة وعدم الالتزام باتفاق العاشر من آذار/ مارس، وأضاف أن رئيس الجمهورية هو الذي يرسم سياسة الحكومة في النظام الرئاسي المعمول به في تركيا، وأن من يتعارض مع رغبة الرئيس إما يستقيل وإما يقال، إلا أنه سرعان ما تراجع عن تلك التصريحات وزعم أنه لم يكن يقصد وزير الخارجية. كما أن المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عمر تشليك، نفى وجود أي خلاف داخل الحزب الحاكم أو الحكومة حول الموقف من “قسد”، مؤكدا أن تصريحات فيدان تعكس موقف أردوغان.
