حسناء جوخدار اخبار تركيا
في عالم يتسارع فيه كل شيء، تبقى بعض الأماكن كملاذات حقيقية للروح، حيث تبطئ الحياة وتُعاد الروح إلى بساطتها الأولى. “سيتا سلو” أو “المدن البطيئة” ليست مجرد فكرة، بل أسلوب حياة يقدّر الاستدامة، ويحترم التقاليد، ويحتفي بالتناغم مع الطبيعة. تركيا، بجمالها المتنوع وثقافتها الغنية، تضم عددًا من هذه المدن التي تُعدّ وجهات مثالية للباحثين عن الهدوء والتجدد.
من قلب الأناضول إلى سفوح البحر الأسود، تتوزع هذه المدن البطيئة كجواهر مخفية تنتظر من يكتشفها. مودورنو، بيرشمبي، وشافشات، ليست مجرد بلدات صغيرة، بل تجارب حياة متكاملة، حيث تمتزج العمارة التاريخية بالهواء النقي، وتلتقي الأصالة بجمال الطبيعة الخلابة. في هذا التقرير، نأخذك في جولة عبر هذه الوجهات التركية الفريدة، لتتعرف على سحرها وتفاصيلها التي تأسر القلب.
مودورنو (Mudurnu) أصالة تاريخية وهواء نقي
تقع مودورنو في قلب منطقة بولو بين إسطنبول وأنقرة، وتُعدّ من أبرز مدن “سيتا سلو” في تركيا. تم إعلان وسطها التاريخي منطقة محمية لما تحتويه من أكثر من 180 مبنى تاريخي ومنازل عثمانية تقليدية. أُدرجت ضمن شبكة المدن البطيئة في مارس 2018، لتصبح المدينة الخامسة عشر في تركيا التي تنال هذا اللقب.
السير في شوارعها الضيقة يشبه العودة بالزمن إلى الوراء، حيث تمتزج رائحة أشجار الصنوبر مع عبق التاريخ. تشتهر مودورنو بعدد من القصور التاريخية، مثل قصر أرموتشولار، قصر كيفانلار، قصر كازانلار، قصر ياريشكاشي، وقصر هاسي عبد الله، التي لا تزال حتى اليوم تُستخدم وتُحافظ عليها العائلات المالكة لها.
بيرشمبي (Perşembe) جمال الطبيعة على ارتفاع 1500 متر
تقع بيرشمبي في منطقة أيباستي، وتُعدّ من مدن “سيتا سلو” التركية التي تجمع بين البساطة وجمال الطبيعة. يبلغ ارتفاع الهضبة حوالي 1500 متر، ما يجعلها وجهة مثالية للهروب من حرارة الصيف والانغماس في الهواء العليل.
تُقام فيها مهرجانات مصارعة الزيت والمرتفعات التقليدية التي تعود إلى أكثر من ألف عام، كل عام في شهر يوليو. كما تُعدّ مكانًا رائعًا للنزهات، ورحلات السفاري، والتخييم، والطيران المظلي، ويضفي وجود بحيرة صغيرة لمسة هادئة تضاعف من جاذبية المكان.
شافشات (Şavşat) جنة خضراء في حضن الجبال
في أقصى شمال شرق تركيا، حيث تلامس الطبيعة حدود الخيال، تقع شافشات، إحدى أجمل مدن “سيتا سلو”. تحيط بها جبال كركال الشاهقة التي يبلغ ارتفاعها 3537 مترًا، وتُعرف بمناظرها الخضراء الخلابة وهدوئها الاستثنائي.
تُعدّ شافشات مثالًا حيًا على التناغم بين الإنسان والطبيعة. تتزين المدينة بجداول مياه ومسابح جبلية، وتتحول شتاءً إلى لوحة بيضاء مغطاة بالثلوج، ما يجعلها مثالية للزيارة في جميع الفصول. تقع على مقربة منها حديقة كاراغولصحراء الوطنية، التي تأسست عام 1994، وتُعدّ من أفضل المواقع لعشاق التخييم والكرفانات، بما توفره من مناظر طبيعية نقية وتجربة فريدة في أحضان الغابات والمرتفعات.