شعبان عبدالرحمن خاص اخبار تركيا
هذه تجربة فريدة لحياة واحدة من الأقليات الإسلامية التي تعيش في تايوان بين أغلبية من الديانات الإخري، دون التنكيل بأبنائها أوالانتقاص من حقوقهم .. فصارت نموذجا فريدا .
وقد جاء اسم ” تايوان ” نسبة لأكبر جزرها التي تتكون أراضيها من جزيرة تايوان وعدد آخر من الجزر الصغيرة المجاورة ..وتسمى “تايوان ” أيضا ب ” جمهورية الصين .. ” .. وهي غير جمهورية “الصين الشعبية القريبة منها “..
وصلها الإسلام في القرن السابع عشر الميلادي عندما انتقل عدد من العائلات المسلمة من مقاطعة ” فوجيان “الساحلية جنوبي الصينالشعبية برفقة القائد كوسينغيا في حملة على تايوان لإخراج الهولنديين من جنوب مدينة تاينان عام 1661م وأنشأ مملكة تونغنينغ في تايوان ،و يعتقد أن هؤلاء هم أول المستوطنين المسلمين في الجزيرة. لكن أحفادهم أندمجوا في المجتمع التايواني وتبنوا العادات والأديان المحلية . ووفقًا للأستاذ ” ليان يا تانج” في كتابه “تاريخ تايوان” الصادر عام 1918 م ، كان هناك عدد قليل من المسلمين في الجزيرة معظمهم من مقاطعات أخرى في البر الرئيسي أو البر الصيني الخاضع للصين الشعبية منذ 1 أكتوبر 1949م ،ولم يكن هناك انتشار للإسلام في ذلك الوقت ، كما لم تكُن هناك مساجد، فقد تم القضاء نهائيا على آثار أول هجرة للمسلمين إلى تايوان خلال الحكم الاستعماري الياباني لتايوان( 1895م 1945م) حيث منعت الحكومة اليابانية التايوانيين من ممارسة الإسلام باعتباره في عرف الحكومة اليابانية دينا أجنبيا محظور مما اضطر السكان المسلمين المحليين إلى ممارسة دينهم سراً . وغني عن البيان فقد حظرت اليابان في ذلك الوقت جميع الأديان التي تعتبرها أجنيية ، ولهذا كان اخر امام مسلم يصل إلى تايوان من البر الرئيسي للصين الشعبية عام 1922م . وبعد تسليم تايوان من اليابان إلى جمهورية الصينالشعبية في أكتوبر 1945، استُأنِف تقليد إرسال الأئمة من البر الرئيسي للصين مرة أخرى في عام 1948م ، لكن بعد اعلان ماو تسي تونغ رئيس الحزب الشيوعي الصيني في 1 أكتوبر 1949م لم يتم إرسال أئمة بل تمت القطيعة الإسلام تماما .
أصول مسلمي تايوان
ينحدرُ المسلمون التايوانيون في الغالب من المسلمين الصينيين ( الشعبية ) وهم من أهل السنة والجماعة وينتمي معظمهم إلى المذهب الحنفي. ولا يواجهون عمليا أي اختلافات مذهبية التي تنحصر في الفروع ولا يوجد صراع مذهبي يُذكرهناك.
يتمتع المسلمون في تايوان بحرية كاملة، مثل باقي أتباع الديانات الأخرى حيث تتميز تايوان بضمان حرية الاعتقاد الديني وتحرص الحكومة علي ذلك ، ولهذا يتمتع المسلمون بحقوق المواطنية كاملة وهو ما جعل منهم نوابا في المجالس التشريعية ووزراء ، وذلك بعكس الصين الشعبية وتركستان الشرقية التي يعيش المسلمون فيها تحت ظروف بالغة القسوة من سجن وقتل وتهجير ومحاولات مستمرة لخلعهم من الإسلام .
المسلمون في تايوان اليوم
وتعد غالبية المسلمين التايوانيين اليوم من الذين اعتنقوا الإسلام حديثًا،ومعظمهم من النساء، اللاتي تزوجْنَ من مسلمي الصين الشعبية ، ويوجد اليوم حوالي 60.000 مسلم تايواني بنسبة حوالي 0.3% من التعداد الكلي للسكان البالغ 23.4 مليون نسمة ،
وهناك حوالي 150.000 عامل إندونيسي مسلم يعملون بالمدن الصناعية ، ومسلمون آخرون وفدوا من ماليزيا وبروناي والفلبين وباكستان والهند وسريلانكا وتايلاند والفلبين، بالإضافة إلى جنسيات أخرى من أكثر من 30 دولة، وقد ساهم هذا العدد الكبير الذي يساوي أربعة أضعاف تعداد سكانها الأصليين، في ارتفاع التعداد الكلي للمسلمين لما يقرب من 250 ألف مسلم .
وينتمي المسلمون التايوانيون إلى عرقيات متعددة، فحوالي 90% منهم تنتمي إلى مجموعة “هوا” العرقية ذلك بالإضافة إلى الأتراك والأويغور والكازاخ، إلى جانب عدد آخر من الصينيين . (ترجع الأصول الثقافية للهان الصينيين إلى هواشا، وهو الاتحاد الأولي للقبائل الزراعية التي عاشت على طول النهر الأصفر قديما).
وينمو الإسلام في تايوان ببطء بسبب انخفاض نسبة المواليد السنوية ، فتايوان من الجمهوريات القلائل في العالم التي تعاني من انخفاض في نسبة المواليد السنوية ، إذ يبلغ عدد سكانها وفقا للبيانات الرسمية حتى نهاية عام 2024م حوالي 23.4 مليون نسمة، بانخفاض قدره 20222م نسمة مقارنة بنهاية عام 2023م ويعد هذا الانخفاض في السكان هو الانخفاض السنوي التاسع على التوالي منذ عام 2016م وهو أدنى رقم منذ بدء تسجيل عدد المواليد .
وينحدر قرابة 85% من سكانها من أصول “هان”، ويعتنق معظمهم مزيجًا من البوذية والطاوية مع رؤية كونية كونفوشية عادة، ويسمى هذا المزيج الدين الشعبي الصيني.
هجرات المسلمين إلى تايوان
وقد استقبلت تايوان أربع موجات هجرة من مسلمي دول الجوار بسبب الأوضاع الإقتصادية الصعبة في بلادهم ، وحظي المهاجرون باستقبال جيد . و قدرت “الرابطة الإسلامية الصينية ” عدد المسلمين الذين وصلوا إليها من موجة الهجرة الأولى بحوالي 20,000 شخص ، وقد واندمجوا في المجتمع الذي تعامل معهم بإيجابية ، والتحقوا بمؤسساته التي فتحت أبوابها لهم حتى مؤسسة الجيش ومنهم من أصبحوا جنرالات ، ولكن للأسف ضعفت صلتهم بالإسلام في الأرض الجديدة ، فعلى الرغم من جهود “الرابطة الإسلامية الصينية ” أكبر منظمة إسلامية في تايوان لإحياء الإسلام بينهم إلا أن معظمهم توقف عن ممارسة الشعائر الإسلامية في حياتهم اليومية.
الموجة الثانية
وصلت الموجة الثانية من المهاجرين المسلمين من الصين الشعبية إلى تايوان خلال الحرب الأهلية الصينية التي اندلعت في منتصف القرن العشرين ، إذ فر حوالي 20.000 أسرة عام 1949م تحت قيادة الجنرال باي تشونغسي والذي ترأس الرابطة الإسلامية الصينية عند تأسيسها داخل تايوان وذلك بعد انتقالها من أراضي الصين الشعبية إلى تايوان، وقد ضمت هذه الهجرة جنودا وموظفين حكوميين، جاءوا المناطق الجنوبية والغربية من الصين الشعبية التي كان الإسلام فيها قويًا.
وقد أسس أول المستوطنين المسلمين القادمين من الصين الشعبية أول مسجد في تايوان عام 1947، وهو مسجد تايبيه الكبير ويرمز هذا المسجد إلى اللفتة الوديّة من حكومة تايوان نحو الإسلام والمسلمين ، ويعد مركز معظم الأنشطة والاحتفالات الكبرى للمسلمين ويدار من قبل “الرابطة الإسلامية الصينية ” ، وقد تم بناء مسجد العاصمة الثالث بالتعاون مع الحكومة التركية ، وقد أسهم السماح ببناء هذه المساجد في تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين تايوان وأصدقائها من الدول الإسلامية ، وتطورت الأنشطة الدبلوماسية بين الطرفين بشكل كبير وزاد التبادل التجاري بشكل ملحوظ.
وقد أدت هذه الموجة الثانية من هجرة المسلمين إلى إنشاء مساجد أخرى في البلاد، مثل مسجد كاوهسيونغ في عام 1949 في كاوهسيونغ، ومسجد تايبيه الثقافي الذي انشاؤه في عام 1950 في تايبيه إضافة الي مسجد تايبيه الكبير ، وعام 1951م تم انشاء مسجد تاي شانغ في مدينة تاي شانغ. وبمرور السنين تزايد بناء المساجدد حتى وصل إلى أحد عشر مسجدا، ثلاثة منها موجودة في العاصمة ” تايبيه ” . ومع مرور الوقت يتم بناء مساجد جديدة كلما دعت الحاجة خاصة أن الدولة تسمح بحرية بناء المساجد في إطار سماحها بحرية الأديان دون تدخل أتباع أي دين في شئون الدين الآخر .وإلى جانب المساجد هناك العديد من غرف الصلاة الصغيرة والتي توجد عادةً في المطارات ومحطات القطار وغيرها.
وخلال خمسينيات القرن العشرين، كان الاتصال بين المسلمين والصينيين الهان ( أكبر محموعة عرقية في الصين الشعبية ) محدودًا بسبب الاختلافات في العادات ، وكان المسلمون يعتمدون بشكل كبيرعلى بعضهم من خلال الجالية الإسلامية ( الأمة).
وبحلول ستينيات القرن العشرين، وعندما أدرك المسلمون أن العودة إلى الصين الشعبية ستكون غير محتملة وليس هناك حاجة ملحة إليها ، أصبح الاتصال بالصينيين الهان أكثر .
الموجة الثالثة
وقد حدثت عام 1953م بناء علي قرار أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بإدانة تدخل جمهورية الصين الشعبية في بورما وحثها جميع الدول على احترام سيادة بورما وسلامتها الإقليمية.
وكان من نتائجه أن اتفاق تايوان وتايلاند وبورما علي إجلاء جميع القوات غير النظامية من بورما إلى تايوان ، وقام الطيران المدني بنقل 5883 جنديًا و1040 مدنيا وتسمي هذه الموجة الثالثة من هجرة المسلمين من الصين الشعبية إلى تايوان.
كانت غالبية هذه القوات مسلمة ولم يكن لديها مكان للعبادة في موطنها الجديد ( تايوان )، لذلك بدأوا عام 1964م في بناء مسجد لونغانغ في مدينة زونغلي ، والذي اكتمل بناؤه بعد ثلاث سنوات (عام 1967م ) ، وعاشت حوالي 200 عائلة مسلمة في هذه المنطقة ومعظمها ينتمي إلى عشائر عائلة واحدة.
خلال تلك الفترات، شغل عدد قليل من القادة المسلمين مقاعد في مجلس اليوان التشريعي الوطني . وكان هناك مسلمون يعملون ضباطًا في القوات المسلحة ، ووصل بعضهم لرتبة الفريق مثل ما تشينغ شيانغ الذي أصبح أحد كبار مستشاري الرئيس كما شغل المسلمون مناصب مهمة في السلك الدبلوماسي، مثل سفير جمهورية تايوان لدى الكويت وانغ شي مينج.
الموجة الرابعة
منذ ثمانينات القرن العشرين، هاجر إلى تايوان آلاف المسلمين من ميانمار ( بورما ) وتايلاند التي تحكمها حكومة بوذية متطرفة ضد المسلمين وذلك بحثًا عن حياة أفضل.. والمهاجرون المسلمون الجدد هم من نسل الجنود الوطنيين الذين فروا من الصين الشعبية عندما استولى الشيوعيون على الحكم هناك ،.ويمثل هؤلاء الهجرة الرابعة من المسلمين ،وقد استقر العديد منهم في مدينة تايبيه الجديدة، وذهب بعضهم إلى منطقة دايوان بمدينة تاويون .
تايوان والأقلية المسلمة
تعد تجربة “تايوان” في التعامل مع الاقلية المسلمة التي تعيش على أرضها ومع باقي الأقليات تجربة فريدة ..فهي من البلدان القلائل التي تكفل حقوق المواطنة والعيش الآمن للأقليات ومنها الأقلية المسلمة ،بل تبادر الحكومة بتحفيزا ت دائمة للمسلمين على المشاركة بحرية في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ،وأتاحت لهم الفرصة كاملة لتأسيس جمعيات ومؤسسات رسمية تمثلهم وترعى مصالحهم مثل “الرابطة الإسلامية الصينية” وأصبح منهم أعضاء في البرلمان ،وباتوا يمتلكون مؤسسات اجتماعية وتعليمية واقتصادية ويتمتعون بحرية العبادة وممارسة النشاط الإسلامي في مساجدهم وثقافيا .
التعليم: و نظرا لعدم وجود أي تعليم إسلامي أو ديني رسمي في تايوان ، يقتصر التعليم الديني على الدروس الدينية في المساجد وعلى الدورات الصيفية التي تنظمها بعض الجمعيات الاسلامية وأبرزها الرابطة الإسلامية الصينية في عطلات نهاية الأسبوع ويتم في هذه الدورات أيضا تعليم اللغة العربية والقرآن الكريم والحديث الشريف والشريعة بناء على طلب من الوالدين.
وقد سمحت الحكومة لقسم اللغة والثقافة العربية داخل جامعة تشينغتشي الوطنية بالاستقلالية، أُسوةً بأقسام اللغات والثقافات الشرقية .، بالجامعة ،ويمتلك القسم اتصالات مع جامعات عربية مثل جامعة الكويت والجامعة الأردنية وجامعة الملك سعود.، وقد أتاحت جامعة تشينغتشي الوطنية الفرصة للطلاب الوافدين لدراسة علوم السياسة والاقتصاد .
وتقوم الرابطة الإسلامية الصينية بإرسال طلاب مسلمين تايوانيين إلى الخارج لتلقي تعليم إسلامي رسمي، و تنفذ خطة «لتعليم المعلمين العلمانيين» بعض العلوم الاسلامية ، وينظم مكتب التعليم في حكومة مدينة تايبيه دورات إسلامية لمعلمي وطلاب المدارس الابتدائية والثانوية خلال العطلة الصيفية .
وتقوم الرابطة الإسلامية الصينية وغيرها من المؤسسات قدر استطاعتهم بنشاط واسع لدعم الجهود الرامية للحفاظ علي العقيدة الإسلامية بإرسال طلاب مسلمين تايوانيين إلى الخارج لتلقي تعليم إسلامي ، وتم وضع خطة «لتعليم المعلمين العلمانيين» العلوم الإسلامية ،وينظم مكتب التعليم في حكومة مدينة تايبيه دورات إسلامية لطلاب المراحل الابتدائية والثانوية خلال العطلة الصيفية للمعلمين، وتقدم هذه الدورات معلومات إسلامية صحيحة ووفيرة لمعلمي المدارس العامة وذلك للحد من ظاهرة القوالب النمطية الإسلامية .
مجتمعات الطلاب المسلمين الجامعية
تضم جامعة تشونغ هوا في مدينة سين شو ناديًا للطلاب المسلمين يسمى “جمعية الإسلام والثقافة”، وقد تأسس هذا النادي في 6 يناير 2010م ويهدف إلى جمع الطلاب المسلمين في جامعة تشونغ هوا وتقديم الإسلام والثقافة الإسلامية للأصدقاء التايوانيين في الحرم الجامعي .
كما تضم جامعة تشنغ كونغ الوطنية في تاينان ناديًا للطلاب المسلمين يسمى” اتحاد الطلاب المسلمين الدولي ” الذي تأسس في 15 نوفمبر 2012 م بهدف تقديم معلومات عن الإسلام والحياة اليومية للمسلمين.
ويوجد في الجامعة الوطنية تشياو تونغ في مدينة سين شو نادي للطلاب المسلمين يسمى “نادي الطلاب المسلمين.” وقد تم ُنشأاؤه لتمكين الطلاب المسلمين من ثقافات متنوعة عبرالالتقاء وتبادل الأفكار والقيام بأنشطة مختلفة ، ويقوم النادي بتعليم اللغة العربية والدراسات الإسلامية أسبوعيا.
أما جامعة تايوان الوطنية للعلوم والتكنولوجيا في العاصمة “تايبيه” فتضم ناديًا للطلاب المسلمين يسمى “جمعية الطلاب المسلمين الدولية” وقد تأسس النادي في 22 مايو 2012م ، و قبل إنشاء هذا النادي، نظم طلاب الجامعة المسلمون المعرض الدولي للثقافة الإسلامية في نوفمبر 2011 م والذي يهتم بالعلوم والتكنولوجيا الإسلامية، والأحداث الإسلامية ، والتاريخ الإسلامي في تايوان، والمرأة في الإسلام وحياة المسلم اليومية ويعمل على زيادة التفاهم بين الثقافات المختلفة لتحقيق السلام والوئام، وقد استمر النادي في عقد هذا الحدث سنويًا.
تجربة الطعام الحلال
ولحرص المسلمين في تايوان علي تناول الطاعم الحلال ، أولت الحكومة أهمية لتنفيذ مشروع كبير لإعداد هذا الطعام الطعام الحلال بكل أنواعه بدقة وتقديمه تحت إشراف متخصصين ، وتدخل الحكومة علي هذه الخدمة تحسينات مستمرة ، كما أنشأت مطاعم خاصة ومعروفة لتقديمه ،حتى في داخل الجامعات .
ودعما لهذه التجربة وترويجا لها ، نظمت تايوان أول معرض للطعام الحلال عام 2013م في قاعة تايبيه للمعارض بالعاصمة التي يعيش فيها 40% من المسلمين وذلك تحت عنوان “معرض تايوان الدولي للحلال 2013 م “.
وهناك نوعان من الشهادات الحلال توضح نوع المطعم أو المنفذ الذي يقدمه وتبعيته :
1 “شهادة حلال” للمطاعم التي يمتلكها مسلمون .
2 وشهادة حلال للمطاعم التي يمتلكها غير المسلمين.
وقد أنشأت بعض الجامعات، مثل جامعة تايوان الوطنية للعلوم والتكنولوجيا وجامعة يوانبي للتكنولوجيا الطبية، كافتيريا في حرمها الجامعي لتقديم الأطعمة الحلال لطلابها.
و ساعد الوجود المتزايد للعمال الإندونيسيين المسلمين في تايوان على إنشاء المزيد من هذه المطاعم التي تقدم أيضا المأكولات الإندونيسية .
وفي ثكنات الجيش يتم تسليم المسلمين الذين يخدمون في القوات المسلحة أوانيَ يطبخون فيها لأنفسه طعامهم .
صوم رمضان ..وعيد الفطر
ويحظى احتفال المسلمين بشهر رمضان وبعيد الفطر المبارك باهتمام كبير من السلطات الرسمية ووسائل الإعلام المحلية وقد فتحت حكومة مدينة تايبيه مكانين رئيسيين لاحتفال المسلمين بالعيد، أحدهما في حديقة “دان فورست “التي جاء اختيارها بسبب وقوعها بجوار مسجد تايبيه الكبير حيث يتم أداء صلاة العيد .
ويحرص المسئولون الكبار على مشاركة المسلمين الاحتفال بعيدهم كما يحرص عمدة العاصمة ” تايبيه ” علي الحضور إلى مسجد تايبيه وتوجيه كلمة لمسلمي البلاد والمسلمين الوافدين للعمالة في تايوان من الدول المجاورة والتي يشكل الاندونيسيون بينهم عدد كبير يتراوح بين 20,000 36,000 عامل اندونيسي ، يساهمون بقسط كبير في عمليات البناء وتسيير الحياة اليومية في البلاد ، كما يساهم بعضهم في الأعمال المنزلية في المدينة مما ساعد في تحويل العاصمة إلى مدينة أفضل التي يحث عمدتها التايوانيين على حسن معاملة العمال الأجانب واعتبارهم جزءا من عائلاتهم.
الدورالاجتماعي للمساجد
وتحرص المساجد في تايوان حيث يعيش 40% من المسلمين على المساهمة في حل مشاكل المسلمين الاجتماعية والاقتصادية ،وتحتوى المساجد على صناديق لجمع التبرعات والزكاة لهذا الغرض ومن خلالها يهتم المسلمون القريبون من المساجد بمساعدة العمال الأجانب المحتجزين في مراكز الاحتجاز لقضاء احتياجاتهم وإنجاز أوراقهم الخاصة باستخراج تأشيرة العمل، كما يزور بعض المسلمين التايوانيين المسنين والمرضى والفقراء وتقديم يد العون لهم . . وغني عن البيان ويشهد مسجد تايبيه الكبير معظم حفلات الزفاف الإسلامية التايوانية .
موسم الحج
كان أول وفد أرسلته تايوان لأداء فريضة الحج عام 1925، وبعد انتهاء الحرب الأهلية الصينية عام 1949م واصلت تايوان تسهيل سفر الحجيج لأداء الفريضة التي يحرص المسلمون علي أدائها كثيرا حتي باتت نسبة من أدى الفريضة بين 4050% .وتحرص تايوان علي ارسال وفد رسمي من المسلمين للحج تحت إشراف الرئاسة وتقدم لهم الرعاية خلال الرحلة كما تنظم حفل استقبال لهم عند عودتهم ، وغالبا ما يتحدث الرئيس إلىهم مرحبا بهم ، ففي حفل الاستقبال الذي تم العام الماضي ( يوليو 2024م ) أعرب الرئيس الجديد لاي تشينغ دي خلال استقباله لبعثة الحج عن أمله في أن يستفيد المسلمون في جميع أنحاء العالم من تجربة تعامل تايوان مع المسلمين ، مؤكدا أن الإسلام أثرى التنوع الثقافي في تايوان على الرغم من كونه دين أقلية في البلاد .
تحديات كبيرة
على الرغم من حقيقة أن تايوان مجتمع يتمتع بحرية الأديان والتسامح الشديد ،ويحظى الإسلام والمسلمون في تايوان باحترام لمشاعرهم ، مازال يُنظر للإسلام بشكل عام على أنه غريب عن الثقافة الصينية التقليدية من قبل عموم الشعب التايواني ، ويجد المسلمون في بيئة العمل ورتم الحياة السريع صعوبة في ممارسة أركان الإسلام الخمسة، وخاصة الصلاة ، إذ لا يستطيع العديد منهم حضور صلاة الجمعة في المساجد، لأن عطلة نهاية الأسبوع تقع يومي السبت والأحد ، وهذا يعني أن الكثير من المسلمين لا يستطيعون حضور خطبة وصلاة الجمعة كواحدة من أهم شعائر الإسلام، هذا إضافة الى إشكالية جديدة تتمثل في أن العديد من الأجيال الشابة تفضل قضاء وقت فراغهم المحدود في الحانات والنوادي الليلية والمقاهي بسبب قناعة سائدة لديهم مفادها أن الالتزام بالدين لا يحقق ربحا لأن مقياس النجاح في الثقافة الصينية يُعرّف بالثراء والمكانة، وذلك مرجعه إلى ضعف المعرفة بمعالم الاسلام ولذلك فإن معدل اعتناق الإسلام يعد منخفضا نسبيًا لأن معظم المسلمين التايوانيين ليسوا نشطاء في الدعوة لدينهم مثلما يفعل أتباع الأديان الأخرى، ومن المهم الإشارة إلى أن اعتناق بعض التايوانيين للإسلام يرجع إما لزواجهم من مسلمات ،أو لتأثر بعضهم ببعض القيادات المسلمة أو بسبب القراءة عن الإسلام .ويقدر مسجد تايبيه الكبير معدل اعتناق التايوانيين السنوي للإسلام بمئة شخص بينما يقدره مسجد تايبيه الثقافي بخمسين شخصًا .
مقابر المسلمين
ويواجه المسلمون صعوبات كبيرة في العثورعلى مكان لدفن موتاهم وفقًا للشريعة الإسلامية لأن الحصول على الأرض المخصصة للدفن في تايوان مكلف للغاية ولذلك يسمح بالدفن في البحر إذا تعذر الوصول إلى الأرض في غضون 72 ساعة وهي مدة طويلة لأن الهدي الإسلامي يوصي بالإسراع في دفن الميت وذلك خلاف اجراءات دفن الموتي التايوانيين التي غالبا ما تستغرق تستغرق أسابيع أو شهورًا بعد وفاة الشخص.
المنظمات الإسلامية في تايوان:
1 الأسرة المسلمة الإندونيسية وهي المنظمة الجامعة التي تقود جميع الجمعيات الإسلامية الإندونيسية في تايوان، وقد تم افتتاحها في الثاني من ديسمبر 2007 م في مسجد تايبيه .
2مكتب الرابطة الإسلامية الصينية في مسجد تايبيه الكبير.
3 الرابطة الإسلامية الصينيةأو جمعية المسلمين والتي تأسست في عام 1938 في الصين الشعبية ثم انتقلت إلى تايوان وتدير مسجد تايبيه الكبير.
4 الجمعية الإسلامية لتايوان: تأسست في 10 يناير 2016م ويقع مقرها في مدينة هوالين.
5 رابطة الشباب المسلم الصيني والتي تأسست في ثلاثينات القرن العشرين وتدير مسجد تايبيه الثقافي.
6 المؤسسة الإسلامية الثقافية والتعليمية الصينية: وهي أول مؤسسة ثقافية للتعليم الإسلامي ، وقد تأسست عام 1976م ويقع مقرها في مسجد تايبيه الكبير.
7 جمعية مسلمي تايوان: تأسست في 24 أبريل 2016م ويقع مقرها في مسجد التقوى.
8 جمعية تايوان لتنمية سلامة الحلال: تأسست في السابع من مايو 2011 م في تايبيه كهيئة تمنح شهادة الحلال للمنتجات الغذائية التايوانية ويقع مقرها في مسجد تايبيه الثقافي.
9 نهضة العلماء: الفرع الرئيسي لمنظمة نهضة العلماء وتم انشاؤه عام 2007م ولديها فروع محلية في العديد من المدن .
10 رابطة الشباب النسائية في الجامعة والتي تأسست عام 2013 م.
ولاشك أن الدور الذي تقوبه هذه المنظمات يحل كثيرا من المشاكل التي تواجه المسلمين كما أن اهتمام رئيس الدولة والحكومة بالتواصل مع المسلمين في المناسبات الإسلامية الكبري وتشجيعهم علي التمسك بدينهم ، وتأكيدهم على أن دين أي أقلية في تايوان محترم ويتمتع بحماية كاملة بموجب القانون، كما أن اهتمام الحكومة بتحقيق السلام والعدالة ومساعدة الضعفاء والفقراء وتعزيز الاستقرار الاجتماعي والعمل الجاد ، كل ذلك يحقق الوئام الديني ويشعر الجميع بالاطمئنان في العيش في وطن آمن .