اخبار تركيا

مقال: لمَ القلق الإسرائيلي من “ثنائية” الإدارة السورية وتركيا؟

اخبار تركيا

سلط مقال لـ فائق بولوت، الكاتب والصحافي الاستقصائي التركي، الضوء على دوافع القلق الإسرائيلي من الوجود التركي المتزايد في سوريا عقب سقوط نظام البعث في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وقال الكاتب في مقاله بموقع “اندنبندت عربية” إن تركيا لا تزال “تحتفظ بدور اللاعب الإقليمي والقوة الإقليمية القادرة على التحرك، لكن أيضاً لم تحقق كل ما تريد”.

وفيما يلي نص المقال:

في 20 يناير (كانون الثاني) الجاري جرى التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل و”حماس”، وعند مشاهدة فيديوهات التبادل يلاحظ أن عدد عناصر الحركة الذي كان سابقاً يقدر بنحو 40 ألف مسلح ربما قد انخفض إلى ما بين خمسة إلى 10 آلاف، والسبب في ذلك الاشتباكات والقصف والحرب التي استمرت 15 شهراً.

وعلى رغم كل ما حدث في غزة، ظهرت وحدات شرطة “حماس” غير المسلحة في الشوارع والطرقات بعد وقف إطلاق النار. وتحدث الناطق الرسمي باسم “كتائب عز الدين القسام” عن “ملحمة المقاومة والنضال”. كذلك ظهر بعض مسلحي “حماس” بالزي الرسمي والأعلام وعُصب الرأس، وكل هذا يدل على أن التنظيم الأيديولوجي لم ينته.

في الأصل، ككل التنظيمات الأيديولوجية التي تقاتل من أجل قضية ما، فإن “حماس” و”حزب الله” لم يتم استنفاذهما أو القضاء عليهما على رغم كل ما تلقاهما من ضربات قوية، ومع أن إعادة تجديد تسليحهم يستغرق وقتاً طويلاً إلا أنه من الممكن أن يشاركوا في المرحلة العسكرية والسياسية مرة أخرى عندما تتهيأ الظروف والأجواء المناسبة، أو عندما تسنح الفرصة.

الصوت الذي يتحدث حول عدم القدرة على القضاء على “حماس” خرج أيضاً من إسرائيل نفسها، على سبيل المثال قبل أشهر من الآن قال الجنرال المتقاعد يسرائيل زئيف، الذي سبق أن قاد عمليات في الجيش، إن “إسرائيل ابتعدت من أهداف الحرب في غزة، وقد يكون الجيش العالق في مستنقع القطاع منهكاً، ويجب عليه الخروج من هذا المستنقع على رغم أن ذلك يفيد حماس”. وبعد قرب الإعلان عن وقف إطلاق النار كرر الجنرال تصريحاته ذاتها، وأضاف أن “ما حدث مع الجيش الأميركي في فيتنام تكرر معالجيش الإسرائيليفي غزة”.

نتنياهو والشرق الأوسط الجديد

منذ بدء حرب غزة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوضوح نيته بتنظيم شرق أوسط جديد. وبحسب وجهة النظر الإسرائيلية فإن الشرق الأوسط الجديد يتضمن القضاء على جميع التهديدات الفعلية أو المحتملة، وحتى الخيالية التي قد تهدد الأمن القومي الإسرائيلي.

منذ أكثر من عام، دخل نظامالشرق الأوسطفي عملية تغيير وتحول جذري، وهناك ثلاثة جوانب مهمة للتغيير، أو بمعنى آخر ثلاثة جهات معنية بالتغيير، وهي أولاً رباعية “حماس” و”حزب الله” وإيران وسوريا، والثاني كل من الولايات المتحدة وروسيا، والثالث إسرائيل وتركيا.

هذه الجهات المتنافسة انقسمت بين بعضها بعضاً، وانتهت المنافسة بخسارة مدوية لإيران وحلفائها فخسرت جغرافياً وعسكرياً وسياسياً، أما الولايات المتحدة فقد انتصرت مع حلفائها على رغم أنها لم تهيمن على المنطقة بشكل كامل بعد، والهدف الأهم الذي حققته هو تعطيل الدور الروسي في الشرق الأوسط، وفي ما يخص تركيا فهي لا تزال تحتفظ بدور اللاعب الإقليمي والقوة الإقليمية القادرة على التحرك، لكن أيضاً لم تحقق كل ما تريد.

أما إسرائيل التي تنفذ هجوماً تلو الآخر ضد أعدائها باتت اليوم دولة مرشحة للمشاركة القوية في بناء الشرق الأوسط الجديد، وأهم ما أسهم في ذلك هو وقوف الدول الغربية خلفها.

في بداية عمله سيلتقي فريق الرئيس الأميركي دونالد ترمب بنحو 400 ضابط وسياسي إسرائيلي، من بينهم ثلاثة جنرالات رفيعي المستوى، سيناقشون تحديد استراتيجية جديدة في الشرق الأوسط، وستشمل هذه المناقشات دعم تحسين العلاقات الإسرائيلية مع الدول العربية، كما سيكون توقيع معاهدة سلام مع السعودية هدفاً مهماً لإدارة ترمب، وهناك حديث حول أن مشروع السلام المقبل في المنطقة ربما يشمل إيران أيضاً.

قصة الخريطة الكاذبة

إن الحكومة الائتلافية الإسرائيلية الحالية، تمثل أكثر الحكومات تطرفاً وتهوراً، وقائمة على ثقة مفرطة بقدرتها على تعطيل النظام الإقليمي الموجود وإقامة نظام جديد، وهي أيضاً تبدي استعدادها للدخول في أي حرب. ولعل أحد الأمثلة على تطرف هذه الحكومة هو التعميم الذي أرسله وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، أحد الشركاء المتطرفين في حكومة نتنياهو، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، إلى مديرية شؤون الإعمار والاستيطان ومديرية الإدارة المدنية بأن لهما صلاحية اتخاذ القرارات المتعلقة بالأراضي الفلسطينية المحتلة.

هنا يجب الإشارة إلى أن هاتين المديريتين تعملان تحت إشراف وزارة الدفاع وليس وزارة المالية، وبحسب هذا التعميم، ينبغي للمديريتين المذكورتين البدء في استثمارات في البنية التحتية التي يمكن أن تضمن السيادة الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية، تلا ذلك انتشار أخبار في الإعلام الإسرائيلي بأن نتنياهو سيضع خطة لضم الضفة الغربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *