اخبار تركيا
تناول تقرير للكاتب والخبير التركيعبدالله مراد أوغلو، العلاقة المتشابكة بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في ظل محاولات ترامب الواضحة لإنقاذ نتنياهو من المحاكمة بتهم الفساد.
ويسلط التقرير الذي نشرته صحيفة يني شفق الضوء على الضغوط التي يمارسها ترامب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، حيث وصف نتنياهو بـ”البطل العظيم” ودعا صراحةً للعفو عنه، ملوّحًا بوقف المساعدات الأمريكية لإسرائيل في حال استمرّت محاكمته.
كما يناقش التقرير الدوافع السياسية خلف هذه التحركات، وارتباطها بالصراع مع إيران، ومحاولة كلٍّ من ترامب ونتنياهو استخدام الآخر لتحقيق مكاسب شخصية وسياسية.
الكاتب يتناول أيضًا موقع المحافظين الجدد من هذه المعادلة، وفشلهم في جرّ ترامب إلى حرب شاملة، بالإضافة إلى انعكاسات الهدنة الإيرانية الإسرائيلية على المشهد العام. وفيما يلي نص التقرير:
يواجه الرئيس الأمريكي ترامب، الذي يرفع شعار «أمريكا أولاً»، هَمًّا كبيرًا يتمثل في إنقاذ المجرم نتنياهو. فقد فُتحت ضد نتنياهو ثلاث قضايا منفصلة تتعلق بتهم الرشوة والاحتيال وإساءة استخدام المنصب، وهذه القضايا مستمرة منذ أربع سنوات بسبب أساليب نتنياهو القانونية في المماطلة. ولا يوجد ما لا يمكن لنتنياهو التضحية به لإنقاذ نفسه.
وفي منشورٍ على حسابه بمواقع التواصل الاجتماعي، لم يكتفِ ترامب بوصف نتنياهو، الذي قَتل آلاف الأطفال الفلسطينيين، بـ«البطل العظيم»، بل دعا أيضًا إلى العفو عنه في القضايا التي يُحاكم فيها. وكتب ترامب في منشوره: «كانت أمريكا هي التي أنقذت إسرائيل، والآن ستكون أمريكا هي التي ستنقذ بيبي نتنياهو. لا يمكن السماح لهذه الفضيحة القضائية بالاستمرار!».
وأشار ترامب إلى أن الولايات المتحدة تنفق مليارات الدولارات سنويًّا لحماية إسرائيل ودعمها، وهدّد ضمنيًّا بوقف هذه المساعدات إن لم يتم العفو عن نتنياهو. وهكذا ذكّر ترامب بأن إسرائيل لا يمكنها البقاء واقفةً دون أمريكا. وبربطه استمرار المساعدات الأمريكية بصدور العفو عن نتنياهو، فقد أمسك ترامب إسرائيل من أضعف نقاطها.
وكان من المقرر النظر في قضية نتنياهو هذا الأسبوع. ووفقًا لمعلوماتٍ نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، فقد طلب نتنياهو تدخل قادة الاستخبارات الإسرائيلية للتقدم إلى المحكمة بطلب تأجيل الجلسة لمدة أسبوعين، فيما قررت المحكمة تأجيلها أسبوعًا واحدًا فقط.
يعتمد استمرار نتنياهو في رئاسة الوزراء على أكثر الصهاينة تطرفًا في حكومته، ولهذا يتجنب إبرام اتفاق هدنة دائمة مع حماس أو صفقة تبادل أسرى. وقد يكون ترامب، بسعيه للعفو عنه، يحاول رفع الضغط عن نتنياهو. وفي هذا السياق، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن ترامب قد يطلب رسميًّا من الرئيس الإسرائيلي إصدار عفو عن نتنياهو.
ورغم أن نتنياهو دفع ترامب إلى قصف المنشآت النووية المدنية الإيرانية، إلا أنه لم يتمكن من تحقيق المزيد من المكاسب. إذ كان نتنياهو يتطلع إلى حرب شاملة مع إيران، غير أن ترامب، بسبب الخلافات داخل معسكره، أوصل رسالة مفادها أنه لن يمضي أبعد من ذلك، وهو ما أجهض خطة نتنياهو التي كانت ستدفع المنطقة إلى الفوضى.
وكان “المحافظون الجدد” والصقور المؤيدون لإسرائيل في الكونغرس الأمريكي ينتظرون من ترامب أن يدخل في حرب كبيرة مع إيران. إلا أن اقتصار تدخله العسكري على المنشآت النووية خيّب آمال هذه الأوساط. وفي مقالٍ نشره روجر ستون، أحد المقربين من ترامب، بتاريخ 28 يونيو، شدد على أن الهجوم المحدود الذي شنّه ترامب أطفأ آمال المحافظين الجدد.
واعتبر ستون أن هجوم ترامب المحدود على إيران دليلٌ على عدم رغبته في التورط بشكلٍ أوسع، مشيرًا إلى أن ترامب بإعلانه وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران أغلق باب الحرب مع إيران. ودعم ستون الجناح داخل معسكر ترامب الذي يعارض الحرب مع إيران، وأكد: «لقد أثبت الرئيس ترامب مرارًا أنه لن يشن حروبًا لتغيير الأنظمة، وأنه ليس من أنصار سياسات بوش، وأنه يستحق ثقة أنصاره الكاملة». وأضاف ستون أن خفض ترامب للتوتر مع إيران يُعد خسارة كبيرة للمحافظين الجدد الذين كانوا يريدون إضافة «حرب لا نهاية لها» جديدة، متابعًا:
«كانوا يظنون أنهم يستطيعون التلاعب بالرئيس ترامب لتنفيذ رغباتهم. لكن الرئيس ترامب ردّ بإغلاق الباب في وجوههم. هذه الإدارة ستظل دائمًا إدارة «أمريكا أولاً» ولن يكون للمحافظين الجدد القدرة على تغيير هذه الحقيقة».
كما أثيرت تفسيراتٌ تقول إن وقف إطلاق النار مع إيران يهدف إلى منح إسرائيل بعض الوقت. ووفقًا لهذه التقديرات، لم تتمكن القبة الحديدية الإسرائيلية من التصدي للصواريخ الإيرانية، وتعرضت إسرائيل لأضرارٍ جسيمة، ولهذا فإن الهدنة تمثل فرصةً ضرورية لإعادة تزويدها بالصواريخ التي أوشكت على النفاد.
ويبقى هاجس نتنياهو الأكبر هو السجن. ويبدو أن ترامب أدرك أن نتنياهو لن يتراجع إذا لم يُعفَ عنه، ولهذا فتح ملف «إيقاف المساعدات لإسرائيل» كورقة ضغطٍ كبرى. فلم يسبق لأيٍّ من أوباما أو بايدن أن لجأ لمثل هذه الورقة في مواجهة إسرائيل.
وفي المقابل، فإن نتنياهو يعرف جيدًا دوافع ترامب واحتياجاته المتعلقة بالمنطقة، ولهذا فإن كليهما بحاجةٍ ماسةٍ إلى الآخر. وتشير رسائل ترامب حول العفو وردود نتنياهو عليها إلى احتمال أنهما تناقشا بشأن هذا الأمر سرًّا.
واللافت أن قطاعًا كبيرًا من الإسرائيليين يريدون أيضًا الخلاص من نتنياهو. غير أن دعوة ترامب للعفو تُعتبر تدخلًا في القضاء الإسرائيلي. ومع تأجيل المحاكمة أسبوعًا إضافيًّا، يبقى السؤال: هل سيتمكن نتنياهو من إخراج «أرنبٍ آخر من قبعته» للأسبوع التالي؟ وهل سينجح ترامب في إخضاع القضاء الإسرائيلي؟