إسلام الغمري خاص اخبار تركيا

مقدمة

برصاصة واحدة على الهواء مباشرة اهتزت الولايات المتحدة كما لم يحدث من قبل. لم يكن ما جرى لتشارلي كيرك حادثة عابرة، بل علامة فارقة كشفت أن أمريكا لم تعد محصنة أمام رصاص الانقسام السياسي. وكأن التاريخ يكتب فصوله بالدم: من رصاصة ترامب التي جرحته وأبقت صورته أسطورة “الناجي”، إلى رصاصة كيرك التي أسقطته قتيلًا أمام أنصاره، لتعلن أن المشهد الأمريكي دخل مرحلة جديدة أكثر خطورة.

تشارلي كيرك… النجم الصاعد لليمين المتطرف

تشارلي كيرك لم يكن شخصية عادية. هو مؤسس منظمة Turning Point USA وأحد أبرز الأصوات اليمينية الشعبوية في أمريكا. خلال سنوات قليلة أصبح مقرّبًا من ترامب، ووجهًا محبوبًا لدى نتنياهو.

خطابه كان متشددًا وصادمًا. دعا إلى أن تكون أمريكا “للبيض المسيحيين” فقط، وهاجم قوانين المساواة. أما عن غزة وفلسطين فقد كان من أشد المبررين للعدوان، واعتبر أن قتل أطفالها “حق مشروع”.

كان يُنظر إليه باعتباره الوجه المستقبلي لليمين، وربما نائب رئيس محتمل إذا عاد الجمهوريون إلى البيت الأبيض. لكن نهايته جاءت أسرع مما توقع الجميع.

الاغتيال على الهواء… رصاصة تهز أمريكا

في جامعة Utah Valley بولاية يوتا، وأمام حشد من مؤيديه، وبينما كان يتحدث عن قضايا السلاح والسياسة، دوى صوت رصاصة واحدة. أصابته مباشرة في عنقه، فسقط غارقًا في دمائه أمام الكاميرات. المشهد بدا كأنه من فيلم سينمائي، لكنه كان واقعيًا وصادمًا.

المفارقة أن كيرك كان قبل دقائق يدافع عن “حق امتلاك السلاح” بوصفه “حقًا مقدسًا”، في بلد يختنق أصلًا بجرائم إطلاق النار الجماعي. فجاءت الرصاصة لتقول له: السلاح الذي بشّرت به صار طريقك إلى الموت.

المفارقة القاتلة… نبوءة تحققت على صاحبها

قبل أيام قليلة من مقتله، قال كيرك جملة لافتة:
“إذا أردنا أن تعود أمريكا عظيمة، فلا بد أن يموت بعض الناس… وهذا ثمن بسيط في سبيل العظمة.”

لم تمر أيام حتى صار هو نفسه أحد هؤلاء “البعض”. رصاصة ثمنها أقل من دولار واحد أنهت حياة رجل كان يبرر موت الآخرين. إنها مفارقة تكشف كيف ينقلب خطاب الكراهية على صاحبه.

من رصاصة ترامب إلى رصاصة كيرك… مسرح الدم الأمريكي

هذه لم تكن المرة الأولى التي يرى فيها الأمريكيون زعيمًا يُستهدف بالرصاص أمامهم. قبل شهور فقط، أصيب دونالد ترامب برصاصة في أذنه أثناء تجمع انتخابي، في مشهد هز العالم. يومها خرج بدمائه على وجهه ملوحًا لأنصاره، ليظهر بمظهر “الناجي من الموت”.

لكن ما جرى مع كيرك كان أكثر قسوة. الرصاصة لم تجرحه فقط، بل أسقطته قتيلًا في لحظة. هكذا صار المشهد سلسلة مترابطة: رصاصة ترامب كانت الإنذار، ورصاصة كيرك كانت الانفجار. وما بين الإنذار والانفجار يتشكل الآن مسرح دموي مفتوح قد يبتلع أمريكا كلها.

أمريكا في مواجهة نفسها

اغتيال شخصية مثل كيرك كشف أن المجتمع الأمريكي يعيش على حافة الهاوية. الانقسام لم يعد مجرد خطابات انتخابية، بل صار يُترجم بالرصاص أمام الحشود.

أمنيًا، الفشل كان واضحًا: كيف تمكن قناص من إصابته بهذه الدقة في وضح النهار رغم وجود قوات الأمن؟ سياسيًا، الحادثة ستزيد الاستقطاب، وقد تفتح الباب أمام اضطرابات أو موجة اغتيالات جديدة.

إنها لحظة ترى فيها أمريكا حقيقتها: دولة لم تعد منيعة كما كانت، بل قابلة للاهتزاز برصاصة واحدة.

البعد الدولي والإقليمي

على المستوى الدولي، كان المشهد ضربة لصورة أمريكا كرمز للاستقرار. دول العالم رأت كيف يمكن لرصاصة واحدة أن تهزّ أكبر قوة في العالم أمام الكاميرات.

أما في منطقتنا، فالمفارقة أشد وقعًا. الرجل الذي برر قتل أطفال غزة انتهى مقتولًا أمام أنصاره. كثيرون يرون في ذلك عدالة قدرية: الدم الذي شرعنه عاد إليه. وكأن التاريخ يرسل رسالة واضحة: التحريض على الإبادة لا ينتهي بانتصار، بل قد يرتدّ على صاحبه.

خاتمة

من رصاصة ترامب إلى رصاصة تشارلي كيرك دخلت أمريكا زمن الرصاص العلني. ما جرى ليس حادثة عابرة، بل علامة على أن الانقسام انفجر بالفعل، وأن الدم صار لغة الصراع السياسي.

قد ينجح النظام في لملمة الجراح مؤقتًا، لكن المؤكد أن الصورة اهتزت. رصاصة واحدة باتت كافية لكشف هشاشة الداخل الأمريكي أمام العالم كله. إنها ليست رصاصة في عنق كيرك وحده، بل في عنق أمة تقف على حافة المجهول.

عن الكاتب


شاركها.