اخبار تركيا

هل تم تسليم مفتاح الشرق الأوسط لتركيا؟

نهال بينغيسو قراجة خبر تورك ترجمة وتحرير اخبار تركيا

التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط تشير إلى زخم إعادة هيكلة ربما لم يشهده الإقليم منذ وقت طويل.

تصريحات حماس حول إمكانية تسليم إدارة غزة إلى لجنة محايدة، والإشارات التي أطلقها إدارة ترامب بتراجع دعمها لنتنياهو، وبدء عهد أحمد الشرع في سوريا، والميول الأمريكية نحو رفع العقوبات…

الخرائط نفسها، لكن مركز الثقل يتغير

هذه التطورات لم تعد معزولة، بل هي مترابطة وتتمحور حول تغيير المحور الاستراتيجي.

في هذا السياق الجديد، يتجاوز الموقف التركي التعريف الكلاسيكي للقوة الإقليمية ليتحول إلى دور موازن استراتيجي.

وهذا الدور لا يقتصر على الجانب العسكري فحسب، بل يشمل أيضًا الدبلوماسية واللوجستيات وصياغة الرواية.

أردوغان: لاعب قديم في مرحلة جديدة
يتشكل الموقع الحالي لرجب طيب أردوغان بما يتجاوز التعريف النمطي “للبراغماتي الاستراتيجي”.

الضغوط المتعددة المستويات التي مهدت لحل حزب العمال الكردستاني، والحكومة المدعومة تركياً في ليبيا التي حققت الاستقرار، والزيارة المخطط لها للبابا إلى أنقرة، وإشارة حماس إلى تركيا كوسيط مباشر… كلها أمور تظهر أن أردوغان يعيد تحديد موقعه كلاعب يوازن ليس فقط داخلياً بل خارجياً أيضاً.

فيدان وقالن: مهندسا القوة الصامتة
في هذه المرحلة من إعادة الهيكلة، يبرز اسمان: وزير الخارجية هاكان فيدان ورئيس جهاز المخابرات إبراهيم قالن.

هاكان فيدان يعتمد على شبكاته التي تتجاوز الدبلوماسية وخبرته الاستخباراتية لاتخاذ مواقف واقعية.

أما إبراهيم قالن فيبرز كلاعب فريد في تحقيق التوازن عبر الدبلوماسية الثقافية والمفاوضات باللغات الغربية وإدارة السمعة في العالم الإسلامي.

تركيا اليوم هي القوة الإقليمية الوحيدة التي يمكنها التحدث مع حماس وإسرائيل، واستضافة محادثات روسياأوكرانيا، والتوسط بين الهند وباكستان.

المتغير المفاجئ: التوتر الأمريكيالإسرائيلي
تحذيرات إدارة ترامب القاسية لنتنياهو لم تعد معلومات نقابية، بل ارتفعت إلى مستوى التصريحات الرسمية.

وفقاً لقناة 12 الإسرائيلية، فقد وجه المسؤولون الأمريكيون رسالة مباشرة إلى أسر المحتجزين:

“ثمن استمرار هذه الحرب لن يتحمله المحتجزون فحسب، بل إسرائيل بأكملها.”

هذا التصريح لا يخفف الضغط على غزة فحسب، بل يخلق مساحة تنفس لحكومة الشرع في سوريا.

لأن إسرائيل حاولت تفكيك سوريا من الداخل عبر تحريض المجتمع الدرزي على التمرد.

عهد الشرع القابل للبناء والمعتمد على الذات يمثل عملية تدعمها تركيا في مجالي الأمن والدبلوماسية.

وهذا يحول دور أنقرة من مجرد موازن إلى مركز لتحقيق الاستقرار.

سوريا: بصيص أمل في ظل الشرع والعقوبات
ناقشت إدارة ترامب علناً تطبيع العلاقات مع الزعيم السوري الجديد أحمد الشرع.

ووفقاً لرويترز: “قدمت واشنطن شروطاً لفتح الباب لتخفيف العقوبات، مع إعطاء الأولوية للشركات الغربية بدلاً من الصين في إعادة الإعمار.”

هذا السيناريو يحطم توازنات عهد الأسد الكلاسيكية، ويطرح نموذج “التكنوقراطي السني العربي المعتمد”.

وقد غيرت تركيا موقعها في هذا السيناريو، من محور الحلفاء المفروضين إلى فاعل في “إعادة الإعمار الخاضعة للرقابة”.

الخلاصة: هل تركيا هي البلد المحوري أم مجرد جليسة أطفال بدوام جزئي؟
قد يكون الوقت مبكراً للإجابة بوضوح على هذا السؤال.

لكن التطورات الحالية تظهر أن تركيا دخلت مرحلة لا تشارك فيها فحسب، بل تحدد الأدوار.

في مسعى ترامب لإنشاء خط شرق أوسطي جديد بين غزة وسوريا والسعودية، وفي تحييد تأثير نتنياهو في السياسة الخارجية، وفي بروز إمكانية جديدة للتسوية الفلسطينية… نرى تركيا على طاولة اللعب بهدوء لكن بحركات استراتيجية.

هذا ليس صدفة، بل نتيجة لمكاسب استراتيجية متعددة المستويات.

ونعم، ربما تم تسليم مفتاح الشرق الأوسط إلى تركيا.

لكن السؤال هو: ماذا ستفعل بهذا المفتاح؟ هل ستستخدمه لفتح الأبواب أم لقفل التطلعات؟ لنأمل أن يكون الخيار هو الأول.

المصادر:
قناة 12 الإخبارية، إسرائيل

رويترز، 13 مايو 2025

تصريحات مايكل أريزانتي على تويتر

تحليلات دبلوماسية من جيروزاليم بوست وآكسيوس

موقع سربستية الإلكتروني، 13 مايو 2025

عن الكاتب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *