اخبار تركيا

هل هناك تركيّتان مختلفتان؟

نصوحي غونغور خبر تورك ترجمة وتحرير اخبار تركيا

لن نبالغ إذا قلنا إنّ الحيرة لا تسود فقط في تركيا، بل في العديد من أنحاء العالم. كما أنّ الأحداث التي ظهرت في عهد ترامب الثاني كانت مركز هذه الفوضى. علاوةً على ذلك، نلاحظ نفس الأمر في النظرات الموجهة إلى بلدنا من الخارج.

على سبيل المثال، صحيفة “نيويورك تايمز” التي “تدخلت” في الإجراءات القضائية الجارية في تركيا من خلال نشر مقال لأهم شخصية في القضية، رفعت سقف التحريض إلى مستوى أكثر استفزازًا قبل يومين.

في المقال المنشور بتوقيع هيئة التحرير، يُزعم أن “الشعب التركي يقاوم الاستبداد”، وأن “هذه الشجاعة تستحق أكثر من الصمت”. يستمر المقال بمدح أكرم إمام أوغلو، وبأسلوب عدائي تجاه الرئيس رجب طيب أردوغان. بصراحة، لم أجد أفكارهم القائمة على تعريف “التقدمي والعلماني” مقابل “المحافظ والمتدين” تستحق النقاش.

القضية الأساسية مختلفة

يكفي أن أذكر نقطة واحدة لتوضيح الهدف الحقيقي لهذه الصحيفة.

هذا ما قيل عن إمام أوغلو: “أدان حماس بسبب الهجمات الإرهابية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ومنذ ذلك الحين ينتقد إسرائيل بسبب هجماتها على غزة”.

أمّا ما قيل عن الرئيس أردوغان فهو: “في المقابل، أشاد أردوغان بحماس كمنظمة تحرر، ودعا إلى تدمير إسرائيل”.

دعونا نسلط الضوء أيضًا على هذه الجمل التي تعكس (!) المستوى التحليلي للمقال الموجه ضد تركيا بتوقيع هيئة التحرير: “تمتلك أوروبا أوراق ضغط ضد أردوغان: فألمانيا هي أكبر شريك تجاري لتركيا، وبعض دول أوروبا الغربية الأخرى ليست بعيدة جدًا”. هل يُعقل حقًا أن يُقرأ الواقع بهذه الطريقة؟

لفهم هذا الأمر بشكل أفضل، أودّ لفت الانتباه إلى تحليل آخر.

“أوروبا بحاجة إلى تركيا”

لنلقِ الآن نظرة سريعة على التحليل المنشور قبل يومين في مجلة “الإيكونوميست” البريطانية تحت عنوان “البداية غير المتحمسة لأوروبا مع تركيا”. دعني أوضح من البداية: هذا ليس مقالًا تمجيدًا. بل يعكس إلى حد ما الأسلوب الهادئ للبلد الذي كُتب فيه.

يُسلط المقال الضوء على تقدم تركيا في صناعة الدفاع، وطائراتها المسيرة، وقدراتها على إنتاج الذخيرة. كما يُظهر مواقف إيجابية تجاه الشراكات الجديدة التي ستقيمها مع أوروبا. وفي الوقت نفسه، يتحدث عن بعض السلبيات المتعلقة باقتصادنا.

يُعتبر قول الرئيس أردوغان “لقد أصبح واضحًا مرة أخرى أنه لا يمكن تصور الأمن الأوروبي بدون تركيا” مبالغًا فيه بعض الشيء. لكنه يعقبه مباشرة هذا التقييم:

“ومع ذلك، فإن ما قاله أردوغان ليس بعيدًا تمامًا عن الواقع. ففيما يتعلق بالتعاون الأمني، وإعادة التسلح، وقضية أوكرانيا، تحتاج أوروبا إلى دعم تركيا أكثر من أي وقت مضى. عندما يتعلق الأمر بالدفاع، تحقق تركيا عوائد عالية مقابل ما تنفقه”.

بينما يُثني المقال على المرحلة التي وصلنا إليها في صناعة الدفاع، يُشير إلى أن تركيا ستحصل على حصة أكبر في السوق الأوروبية في المستقبل القريب.

هل هناك تركيّتان مختلفتان؟

ماذا تخبرنا هذه التقييمات؟ هل هناك حقًا تركيّتان مختلفتان؟

إذا سألتني، فالإجابة قطعًا: لا. ولكن إذا كان هناك ما يفسر هذا، فيمكن وصفه كالتالي: إنّ الموقف الجديد الذي حققته تركيا في منطقتها والعالم، والمزايا التي يوفرها، يُحاول البعض إغراقه في الأجندة الداخلية.

التحريض غير المباشر لصحيفة “نيويورك تايمز” تمامًا بمعرفتها لما تعنيه تركيا التي تخلصت من التهديد الإرهابي. قد تكون هناك تأخيرات أو مشاكل. لكن من الواضح جدًا أن هدف “تركيا بلا إرهاب” لا يرضي بعض مراكز القوى في العالم.

أثناء مناقشة الأجندة، لفتت انتباهي تقييمان خارجيان مختلفان لتركيا. أحدهما يحاول القيام بتحركات عملية من خلال زعزعة توازناتنا الداخلية، بينما يعكس الآخر مقاربة تستند إلى عقلانية المنطقة والوقائع العالمية.

عن الكاتب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *