شهد العالم في السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في وتيرة حرائق الغابات، ما أسفر عن خسائر بشرية واقتصادية جسيمة. ففي وسط تشيلي، اجتاحت النيران أراضيها العام الماضي، وأدت إلى مصرع 133 شخصاً. أما في ولاية كاليفورنيا الأميركية، فقد تسببت حرائق عام 2018 في تدمير أكثر من 18 ألف منزل، وبلغت قيمة الخسائر الاقتصادية الناتجة عنها ما يقارب 16 مليار دولار.
ولا تقتصر الكارثة على هذين البلدين فحسب، حيث عانت دول مثل البرتغال واليونان والجزائر وأستراليا من تداعيات هذه الكوارث، التي باتت تمثل تهديداً متزايداً للبشر والاقتصاد في الوقت نفسه.
ومع تزايد التغطيات الإخبارية حول هذه الأحداث، وارتفاع أعداد الضحايا، وتنامي قيمة الخسائر التي تقدر بالمليارات، يتضح أن العالم يشهد تفاقماً في درجات الحرارة، وهو ما يغذّي ظاهرة التغير المناخي، التي توفر بدورها البيئة المثالية لاشتعال مثل هذه الحرائق وتوسّع نطاقها.
ارتفاع ملحوظ
وللمرة الأولى، يؤكد العلماء بشكل قاطع أن عدد حرائق الغابات التي تتسبب في «كوارث اجتماعية» مثل الأضرار الاقتصادية الجسيمة وارتفاع عدد الوفيات قد ارتفع بشكل ملحوظ حول العالم، وذلك بالتزامن مع زيادة الاحتباس الحراري.
وقال الباحث الأسترالي في مركز مكافحة الحرائق بجامعة تسمانيا، الدكتور كالوم كانينغهام، الذي قاد دراسة حديثة نُشرت في مجلة «Journal Science»: «نشهد تحولاً جذرياً في الطريقة التي تؤثر بها الحرائق البرية في المجتمعات»، مصيفاً: «لقد أدى تغير المناخ إلى خلق بيئة ملائمة لهذه الحرائق».
واستندت الدراسة في نتائجها إلى تحليل أكثر من 200 حريق خلال الفترة من عام 1980 إلى عام 2023، باستخدام بيانات من قاعدة معلومات تحتفظ بها شركة إعادة التأمين العالمية «ميونيخ ري». وأظهرت النتائج أن 43% من هذه الحرائق وقعت خلال السنوات الـ10الماضية فقط، وهي نسبة كبيرة تكشف عن تصاعد حاد في وتيرة هذه الكوارث.
أمّا بالنسبة للحرائق التي بلغت خسائرها مليار دولار أو أكثر، فقد حدث نصفها في العقد الأخير وحده. وعند دراسة الفترة الممتدة على مدى 44 عاماً، وُجد أن عدد الحرائق التي أدت إلى وفاة 10 أشخاص أو أكثر قد تضاعف ثلاث مرات، بينما لم يرتفع عدد سكان العالم سوى بمعدل 1.8 مرة فقط خلال الفترة نفسها.
وترتبط هذه الظاهرة بعوامل بيئية أساسية، أبرزها ارتفاع درجات الحرارة، وجفاف المناخ، وزيادة كثافة النباتات القابلة للاشتعال، وكلها عناصر شهدت تفاقماً واضحاً بين عامي 1980 و2023.
الظروف المناخية
وأظهرت دراسات عدة، أن الظروف المناخية التي تسهم في اندلاع حرائق الغابات قد أصبحت أكثر تطرفاً، وتتفاقم بوتيرة متسارعة بفعل الاحتباس الحراري. ومع ذلك، فإن آخر دراسة شاملة تناولت الخسائر الاقتصادية والوفيات الناتجة عن حرائق الغابات على مستوى العالم، تعود إلى عام 2016، ولم تسلط الضوء حينها على أي أنماط جديدة متعلقة بالطقس.
وفي هذا الإطار، قال الدكتور كانينغهام: «كنا نبحث عن دراسة تؤكد أن الوضع يزداد سوءاً. شعرنا بذلك على نحو حدسي، لكن لم يكن هناك دليل علمي كافٍ يدعم هذا الإحساس». وأضاف: «استغل المشككون في التغير المناخي هذه الفجوة البحثية لنفي تفاقم الأوضاع، لذا نأمل أن تُسهم الدراسة الجديدة في دحض هذا الاعتقاد، فالأمور بالفعل تتدهور».
وأكد: «من الواضح، وبما لا يدع مجالاً للشك، أن تغير المناخ يلعب دوراً رئيساً في حرائق الغابات. نحن لا نتحدث فقط عن حرائق أكبر حجماً، بل عن حرائق تنشب في ظل ظروف مناخية قاسية للغاية، ما يجعل السيطرة عليها أكثر صعوبة».
وأشار كانينغهام إلى أن نتائج الدراسة تؤكد ضرورة التحرك السريع لتقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، إضافة إلى تحسين إدارة الغابات، لاسيما تلك القريبة من المناطق السكنية. كما شدّد على أهمية دور الأفراد، من خلال اتخاذ إجراءات احترازية مثل تنظيف الأسطح من أوراق الأشجار، ومنع تسرب الجمرات إلى داخل المنازل.
يُشار إلى أن هناك عوامل إضافية غير محددة بدقة، قد تسهم في تفاقم هذه الظاهرة، مثل تزايد أعداد السكان المقيمين بالقرب من الغابات، واتجاه المجتمعات إلى الابتعاد عن المناطق الزراعية. عن: «الغارديان»
• للمرة الأولى يؤكد العلماء بشكل قاطع أن عدد حرائق الغابات التي تتسبب في «كوارث اجتماعية» ارتفع بشكل ملحوظ، بالتزامن مع زيادة الاحتباس الحراري.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news