قضت محكمة الاستئناف في دبي برفع قيمة الغرامة المالية بحق رجل أعمال هندي الشهير باسم «أبو صباح» المتهم في جرائم غسل أموال وتهم أخرى مع عصابة تضم أقاربه وأشخاصاً آخرين إلى 150 مليون درهم قيمة المال المستولي عليه بالتضامن مع جميع المتهمين، وأيدت الحكم المستأنف القاضي بسجنه 5 سنوات وتغريمه 500 ألف درهم وإبعاده عن الدولة عقب تنفيذ العقوبة، كما أيدت عقوبات أخرى متفاوتة للمتهمين الآخرين.

وكشفت حيثيات الحكم تفاصيل الجرائم التي ارتكبها المتهمون، ودور «أبو صباح» الذي قام بتمويل العمليات الإجرامية، وغسلها داخل شقة خصصت لهذا الغرض، وتلقى الأموال المتحصلة من جرائم ارتكبت في دولة أوروبية شملت الإتجار بالمخدرات والتهرب الضريبي والاحتيال، وأخفوها بعيداً عن الطريق الرسمي بالبنوك والمصارف بالدولة، بضخها في صورت «العملات الرقمية «بيتكوين».

وكانت محكمة الجنايات قضت بحبس أبو صباح ومتهمين آخرين من بينهم ابنه بالسجن 5 سنوات، وغرامة 500 ألف درهم والإبعاد عن الدولة، فضلاً عن مصادرة 150 مليون درهم متحصلة من الجرائم المرتكبة وأجهزة كمبيوتر وهواتف ومقتنيات أخرى بعد إدانتهم بارتكاب جريمة غسل الأموال من خلال جماعة إجرامية منظمة. وشملت قائمة المتهمين رجل الأعمال المعروف، بالإضافة إلى أفراد وشخصيات اعتبارية «شركات» واتهموا بتأسيس وتشغيل شبكة لغسل الأموال عبر شركات وهمية وتحويلات مصرفية مشبوهة، وجرى ضبطهم بعد تحقيقات موسعة شملت بيانات مالية وشراكات تجارية مع كيانات داخل وخارج الدولة.

ولم يصادف الحكم الابتدائي قبولاً من النيابة العامة، فطعنت عليه أمام محكمة الاستئناف، ونعت عليه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، عندما قضى بمصادرة الأموال التي يملكها المتهمون جميعاً بواقع 150 مليون درهم، فيما أن الثابت بالأوراق أن قيمة الأموال 180 مليون درهم، كما نعت على الحكم الابتدائي القضاء بمصادرة الأموال في حين كان الواجب على المحكمة أن تقضي بتغريم المتهمين بذلك المبلغ التضامن فيما بينهما بدلاً من القضاء بمصادرة الأموال.

وطلبت النيابة العامة إلغاء ترخيص الشركات المتهمة في القضية ومنعها من ممارسة نشاطها، وإلغاء تراخيصها وقيودها والتسجيل. بدوره طعن أبو صباح وأفراد عائلته المتهمين وبقية المدانين في الدعوى على الحكم الابتدائي، وقدم محاميه مذكرة دفع فيها بانتفاء أركان الجرائم المنسوبة إليه، المتمثلة في جناية غسل الأموال، وحيازتها في ظروف تحمل على الاعتقاد بعدم مشروعيتها، وبطلان الاعتراف المنسوب إليه، ودفوع أخرى نظرتها محكمة الاستئناف.

وبعد نظر طعون النيابة العامة وطعون المدانين في الحكم الابتدائي، أوضحت محكمة الاستئناف في حيثياتها بأن الحكم المستأنف قد أحاط بالواقعة بما تتوافر به الأركان القانونية، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة، مستمدة من اعتراف المتهم الأول «أبو صباح» وبقية المتهمين.

وانتهت إلى أنهم قصدوا الي الكسب غير المشروع فكونوا تشكيلاً عصابياً لغسل أموال متحصلة من جرائم الاتجار في المخدرات والتهرب الضريبي والاحتيال والتي تم ارتكابها خارج الدولة، بإحدى البلدان الأوروبية، وتعذر إيداع تلك الأموال في بنوكها أو مصارفها كونها من متحصلات جرائم، فتم الاتفاق بين جميع المتهمين على نقلها إلى الدولة، وغسلها من صفتها غير المشروعة، وقام أحد المتهمين باستئجار شقة ليتم فيها إدارة تلك الجرائم.

وكشفت تحقيقات النيابة العامة أن المتهم الأول الممول الرئيس للأموال بالفيندر سينج ساهني وشهرته «أبو صباح» بتوفير السيولة المالية وفق المتفق عليه لبدء العمل، فسحب عشرين مليون درهم من حسابات شركاته القائمة بالدولة، وأودعها بخزينة داخل تلك الشقة مقابل حصوله على نسبة 4% من تلك الأموال التي يتم غسلها، واتخذ المتهمونطريقاً خفياً وأخفوها بعيداً عن الطريق الرسمي بالبنوك والمصارف بالدولة، فوجدوا ضالتهم في العملات الرقمية «بيتكوين» ليتخذوها سبيلاً لنقل تلك الأموال غير المشروعة من تلك الدولة الأوربية إلى الإمارات، بطريقة غير مشروعة، فأنشأوا خمس محافظ رقمية باسم المتهم الأول على ان يشرف عليها ويديرها أبناؤه، وصهره.

وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أن الأموال التي عمل المتهمون على غسلها، متحصلة من جرائم إتجار في المواد المخدرة، والتهرب التضريبي، وفق ما قرره المتهمون، ورتبوا للحصول عليها بعملة تلك الدولة من عناصر مرتكبي تلك الجرائم هناك بنسبة 6% أقل من قيمتها الحقيقية. واستطاع المتهمون بأفعالهم غير المشروعة، غسل مبلغ 150 مليون درهم، وهو القدر التي تتيقن منه المحكمة وفق التقرير وشهادة المحلل المالي، وبعد التأكد من صحة المعلومات تم استصدار إذن بالقبض على المتهمين، واعترف بعضهم بالتهم المسندة إليهم.

وردت محكمة الاستئناف على طعون المتهمين تفصيلياً، مؤكدة اطمئنانها إلى أدلة الثبوت، وأن الواقعة قد وضحت في يقينها، كما لا تطمئن إلى إنكار المتهمين التي لا ترى فيه سوى وسيلة من وسائل الدفاع للإفلات من العقاب. وحول استئناف النيابة العامة بشأن المبلغ المصادر، وكونه 180 مليون درهم، ردت المحكمة بأن شهادة المحلل المالي وما ثبت من اعترافات المتهمين بتحقيقات النيابة العامة أن المبالغ التي جلبت من الخارج تعادل 150 مليون درهم وهو القدر الذي تطمئن إليه. واستجابت محكمة الاستئناف إلى طلب النيابة العامة بإضافة التضامن على المتهمين فيما بينهم بالنسبة للغرامة المقضي بها عليهم، لتكون 150 مليون درهم قيمة الأموال محل الجريمة.

وقضت محكمة الاستئناف في دبي حضورياً بالنسبة للمتهم الأول «أبو صباح» وعدد من المتهمين بإلغاء ما قضى به الحكم الابتدائي بمصادرة الأموال محل الجريمة، وقضت بتغريم المتهمين بالتضامن فيما بينهم قيمة الأموال محل الجريمة 150 مليون درهم، وبمصادرة الأوراق والهواتف والأجهزة الالكترونية المضبوطة، وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

شاركها.