قال الباحث المتخصص في تاريخ كوريا الشمالية، والمحاضر في «جامعة سيؤول»، فيودور تيرتيتسكي، إن «إرث كيم إيل سونغ (مؤسس كوريا الشمالية وحكمه البلاد منذ تأسيسها عام 1948 حتى وفاته عام 1994)، اعتمد على الإرهاب وتكميم الأفواه في حكم كوريا الشمالية». وأضاف مؤلف كتاب «دكتاتور عرضي: حياة الرئيس كيم إيل سونغ»، في مقابلة مع صحيفة «الدبلومات»، إنه بعد 30 عاماً من وفاة سونغ، لاتزال كوريا الشمالية تكن له الولاء الخالص.
■ هل يمكن أن تحدد الركائز الأساسية التي قام عليها إرث كيم إيل سونغ؟
■■ أجادل في كتابي «دكتاتور عرضي: حياة الرئيس كيم إيل سنونغ» بأن نظام كيم إيل سونغ كان مستنداً إلى ست ركائز هي: النظرة المقدسة إلى الزعيم، والسيطرة، والسرية، والنظام الهرمي، والاستغلال، والرعب. ويلقى أفراد السلالة الثلاثة: كيم إيل سونغ، وكيم جونغ إيل، وكيم جونغ أون، التبجيل من الشعب، بصورة يومية، حيث تعرض كل أسرة صورهم الإلزامية على الجدران، وتدرج اقتباسات من أقوالهم في كل نص. وتكاد الدولة تمنع مواطنيها من الوصول إلى وسائل الإعلام الأجنبية، ويقال إن شيئاً عادياً كالوصول إلى الإنترنت لايزال مسموحاً به فقط بموافقة شخصية من كيم جونغ أون.
■ ما رأيك في كيفية تشكيل كيم إيل سونغ للثقافة السياسية لكوريا الشمالية والهوية الوطنية؟
■■ عمل كيم إيل سونغ على ضمان ألا تبقى أي هوية وطنية بمعزل عن الخضوع المطلق للزعيم. وأصبحت الأيديولوجية الشيوعية والفخر الوطني، على حد سواء، خاضعة لطائفة متجذرة. واتضح هذا جلياً في ديسمبر 2023 ويناير 2024، عندما أعلن كيم جونغ أون، أن توحيد كوريا، الذي كان يعتبر هدفاً مقدساً، لم يعد ذا جدوى. وقد تقبل الشعب والنخبة، اللذان تم إرغامهما على الطاعة منذ زمن طويل، التغيير دون أي مقاومة.
■ اشرح لنا كيف تمكن كيم إيل سونغ من بناء نظام قيادة البلاد لضمان احتفاظ عائلته بالسلطة والنفوذ الكاملين لثلاثة أجيال متتالية؟
■■ تطلب ذلك جهوداً جبارة، ففي خمسينات القرن الماضي قام كيم إيل سونغ، ومن خلال مناورات ذكية للغاية، بتطهير النخبة من العناصر غير الموالية، وضمن استقلاله السياسي عن الاتحاد السوفييتي، ومن خلال إرساء نظام قمعي استثنائي، وضمن أن تصبح كلمته قانوناً، وأن أي عصيان سيُقابل بأشد العقوبات، وكانت هذه هي النقطة التي بدأ عندها إعداد ابنه كيم جونغ لتولي زمام الأمور.
وإضافة إلى ذلك، فقد سمح لخليفته بإنشاء قاعدة قوة مستقلة، وكان أمام كيم جونغ 20 عاماً للتحضير لصعوده. وأدى ذلك إلى تطبيع ما كان مستحيلاً سابقاً، وهو «الخلافة الأسرية». وبحلول الوقت الذي اختار فيه كيم جونغ إيل، ابنه عام 2009، كان ذلك متوقعاً داخل كوريا الشمالية وخارجها.
■ حلل تأثير كيم إيل سونغ على السياسة الخارجية الحالية لكوريا الشمالية في عهد كيم جونغ أون.
■■ على الرغم من أن كيم جونغ إيل هو من حول كوريا الشمالية إلى قوة نووية فإن الحلم النووي بدأ في عهد كيم إيل سونغ، وربما بسبب خوفه من اقتراح الجنرال الأميركي دوغلاس ماك آرثر نشر أسلحة نووية خلال الحرب الكورية. وخلال حكم كيم إيل سونغ، بدأت كوريا الشمالية بنشاط في السعي وراء برنامج نووي، ما وضع الأساس لما سيصبح ركيزة أساسية لعقيدتها الاستراتيجية، والمشروع النووي الذي لايزال يسبب قلقاً دولياً.
■ قارن بين إرث كيم إيل سونغ وإرث ماو تسي تونغ الصيني وجوزيف ستالين.
■■ لقد تم القضاء على إرث ستالين وماو إلى حد كبير على يد خلفائهما في غضون ثلاث سنوات من وفاتهما، وكانت دولتاهما قد بدأتا بالتحول، وبحلول عام 1956 أدان الاتحاد السوفييتي تجاوزات ستالين في المؤتمر الـ20 للحزب، وبدأ عمليات الإفراج الجماعي عن السجناء، وخفف الرقابة. وبعد ثلاث سنوات من وفاته قام خليفة ماو، وهو دينغ شياو بينغ، بتطهير البلاد من المتشددين الماويين، وأعلن أن 30% من سياسات ماو كانت خاطئة، ووضع الصين على طريق الإصلاح والانفتاح. وذلك بخلاف كيم إيل سونغ، فبعد وفاته بـ30 عاماً لاتزال كوريا الشمالية تكن له ولاءً خالصاً.عن «الدبلومات»
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news