اخبار الإمارات

أطباء يحذرون من «تكميم المعدة» و«التجويع» لمواجهة سمنة الأطفال

حذر أطباء ومتخصصون من تزايد معدلات السمنة بين الأطفال في الدولة، وأكدوا أن المشكلة لم تعد تتعلق بمجرد «الشكل» أو أنها حالة عابرة ترتبط بنمط الحياة، بل أصبحت من أبرز التحديات الصحية المزمنة التي تستدعي تدخلاً طبياً وتغذوياً مبكراً، لكنهم رفضوا اللجوء إلى حلول غير آمنة، مثل جراحات «تكميم المعدة» أو «الحِميات القاسية»، لما لها من مضاعفات صحية خطرة تهدد صحتهم النفسية والجسدية، ونصحوا بضرورة تعديل نمط الحياة لدى الصغار، وتعزيز التغذية السليمة، وممارسة النشاط البدني.

وقالو لـ«الإمارات اليوم» إن السمنة لدى الأطفال تؤدي إلى أمراض مزمنة، مثل السكري، وارتفاع ضغط الدم، فضلاً عن مشكلات نفسية كالتنمر وقلة الثقة بالنفس واضطرابات الأكل، وهو ما يستدعي تكاتفاً مجتمعياً واسعاً.

ولفتوا إلى أن نحو 40% من الأطفال في الدولة يعانون زيادة الوزن، كما أن نسبة السمنة بين الفئة العمرية من 13 إلى 17 عاماً بلغت نحو 16.6%، منها 21.1% بين الأولاد، و12.3% بين البنات، وذلك وفقاً لآخر الإحصاءات الرسمية المعلنة، وأكدوا أنه إذا لم تُتخذ إجراءات جدية، فمن المتوقع أن يعاني نحو 680 ألف طفل على مستوى الدولة السمنة بحلول عام 2035، مقارنة بـ470 ألفاً في عام 2020، ما سيؤدي إلى إصابة أكثر من 66 ألف طفل بارتفاع ضغط الدم، و24 ألفاً بارتفاع سكر الدم، ونحو 70 ألفاً بانخفاض الكوليسترول الجيد.

ودعوا إلى ضرورة إعادة النظر في أهداف التعليم بالمدارس، وتخفيف الضغط الأكاديمي، وتخصيص وقت كافٍ للنشاط البدني، إلى جانب تقييد الإعلانات الموجهة للأطفال التي تروّج لأطعمة غير صحية، وسنّ تشريعات تنظم بيع وتسويق الوجبات السريعة والمشروبات المحلاة، كما شددوا على أهمية دور الأسرة والمجتمع والمدرسة في بناء بيئة داعمة، تسهم في ترسيخ نمط حياة صحي وتغذية متوازنة منذ الصغر.

مرض مزمن

وتفصيلاً، أكد استشاري جراحة السمنة ورئيس الجمعية العالمية لجراحة السمنة فرع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الدكتور علي خماس، أن السمنة عند الأطفال أصبحت تمثل تحدياً صحياً خطراً، مشيراً إلى أن السمنة ليست مجرد شكل، بل مرض مزمن يتطلب تدخلاً طبياً وتغذوياً لعلاجه، مع أهمية مراجعة المختصين في هذا المجال.

وأضاف أن من أخطر تداعيات السمنة لدى الأطفال تأثيرها المباشر على النمو، فضلاً عن ازدياد مخاطر الإصابة بمرض السكري، وارتفاع الدهون، ومشكلات في ضغط الدم، مشيراً إلى نتائج دراسات أظهرت أن الأطفال الذين يعانون السمنة يتعرضون لضغوط نفسية حادة، قد تفوق في بعض الأحيان معاناة مرضى السرطان، بسبب التنمر المتكرر وعدم تقبّل الذات.

الذكور أكثر عرضة للسمنة

وأشار إلى أنه بحسب نتائج المسح الوطني 2017 2018، بلغت نسبة السمنة بين الفئة العمرية من 13 إلى 17 عاماً نحو 16.6%، منها 21.1% بين الأولاد، و12.3% بين البنات، ما يعكس أن الذكور أكثر عرضة للسمنة في هذه الفئة، كما أظهرت الإحصاءات أن نحو 40% من الأطفال في الدولة يعانون زيادة الوزن.

وأضاف أنه إذا لم تُتخذ إجراءات جدية، فمن المتوقع أن يعاني نحو 680 ألف طفل على مستوى الدولة السمنة بحلول عام 2035، مقارنة بـ470 ألفاً في عام 2020، وهذا سيؤدي إلى إصابة أكثر من 66 ألف طفل بارتفاع ضغط الدم، و24 ألفاً بارتفاع سكر الدم، ونحو 70 ألفاً بانخفاض الكوليسترول الجيد.

الأجهزة الإلكترونية

وأرجع أسباب السمنة بشكل رئيس إلى العوامل التغذوية البيئية، وضعف الثقافة الغذائية لدى الأسر، حيث لا يتمكن الأهل من ضبط نمط حياة أطفالهم، بسبب الانشغال أو نقص التوعية، ما يؤدي إلى غياب الأنشطة البدنية وممارسة الرياضة، كما أن الاعتماد المفرط على الأجهزة الإلكترونية والوجبات السريعة أسهم في تفاقم المشكلة.

وأشاد بجهود إدارات المدارس في توفير وجبات صحية، لكنه أشار إلى غياب حصص الرياضة عن الجداول اليومية، معتبراً أن طول اليوم الدراسي وضغط الواجبات المنزلية يجعلان من الصعب على الطفل تخصيص وقت للنشاط البدني، موضحاً أن «الطفل يخرج من البيت باكراً، ويعود بعد الرابعة مساءً منهكاً، ثم يقضي ساعات في أداء الواجبات، دون أن يجد وقتاً للرياضة أو اللعب، كما أن الأهل يشاركونهم هذا الضغط حتى نهاية اليوم، ما يحرم الأطفال من أبسط حقوقهم في الحركة والنشاط».

ممارسة الرياضة

واقترح إعادة النظر في الأهداف التعليمية والمناهج الدراسية، بحيث تراعي احتياجات الطفل الجسدية والنفسية، وتخصّص وقتاً كافياً لممارسة الرياضة، مؤكداً أن الطفل بحاجة إلى نشاط بدني يومي للحفاظ على لياقته وصحته، كما دعا إلى دراسة أثر الضغط الأكاديمي الكبير على الأطفال، الذي وصفه بغير الطبيعي، مطالباً بزيادة الحصص الرياضية داخل المدارس، وتعزيز التوعية بمخاطر الأطعمة غير الصحية، مشيراً إلى أن الدول التي نجحت في الحد من السمنة عند الأطفال فعلت ذلك عبر برامج مدرسية شاملة، بالتعاون مع أطباء مختصين في التغذية والسمنة، من خلال عيادات متابعة للأطفال المصابين، بعد أن تتولى المدرسة مسؤولية الإحالة الطبية عند الحاجة.

وأوضحت استشارية طب الأطفال، الدكتورة عبير الخلفاوي، أن الزيادة المفاجئة أو غير المعتادة في الوزن، خصوصاً في ظل وجود تاريخ عائلي للسمنة أو الأمراض المزمنة، يجب أن تدفع الأهل لاستشارة الطبيب فوراً، مشيرة إلى أن الاكتشاف المبكر والتدخل المبكر يسهمان بشكل كبير في الوقاية والعلاج.

تعديل نمط الحياة

وفي ما يتعلق بأساليب العلاج، شددت على أن أفضل الطرق للتعامل مع السمنة عند الأطفال يتمثل في تعديل نمط الحياة، من خلال تحسين النظام الغذائي، وتقليل استهلاك السكريات والدهون، وزيادة النشاط البدني. وأكدت أن نجاح العلاج يرتبط بمدى مشاركة الأسرة بالكامل في تبني نمط حياة صحي.

وحذرت من اتباع الحميات القاسية لتنزيل الوزن للأطفال، لما لها من آثار سلبية على صحة ونمو الطفل النمو، وأوضحت أن الحل الأمثل هو نظام غذائي متوازن تحت إشراف طبي. وأضافت أن للمدارس والمجتمع دوراً محورياً في الوقاية من السمنة، ولفتت إلى أهمية توفير بيئة غذائية صحية داخل المدارس، وتعزيز النشاط البدني اليومي، وتقديم برامج توعوية مستمرة للأطفال وأولياء الأمور، كما دعت إلى توفير مساحات آمنة للعب وممارسة الرياضة، وتقنين الإعلانات الموجهة للأطفال التي تروّج لأطعمة غير صحية.

وأشارت إلى أن الأطباء يواجهون تحديات عدة في التعامل مع السمنة عند الأطفال، منها ضعف وعي الأهل، والعوامل النفسية، مثل انخفاض تقدير الذات، وصعوبة التزام الطفل بالخطة العلاجية، وقلة الدعم المجتمعي، وأكدت أن بعض أولياء الأمور يرفضون الاعتراف بوجود مشكلة، ما يؤدي إلى تأخر التدخل العلاجي.

التدخلات الجراحيةوفي ما يتعلق بالتدخلات الجراحية، حذّرت من عمليات «تكميم المعدة» للأطفال في حالات السمنة المفرطة، وأوضحت أن تلك العمليات تُعد خياراً أخيراً بعد فشل كل المحاولات العلاجية الأخرى، ويجب ألا تُجرى قبل عمر 14 إلى 16 عاماً، كما أكدت ضرورة أن يكون الطفل في مرحلة متقدمة من النمو الجسدي والنفسي لفهم تبعات الجراحة، ولفتت إلى الآثار السلبية الصحية للجراحة من خلال امتصاص بعض الفيتامينات والمعادن، ما يستوجب متابعة طبية دقيقة ومستمرة من فريق طبي متكامل، وأشارت إلى أن العملية قد تساعد على تحسين الصحة العامة في بعض الحالات، إذا تمت وفق الشروط الصحيحة، وتحت إشراف مختص.

وأكدت أخصائية التغذية السريرية واضطرابات الأكل، لينا دوماني، أن السمنة لدى الأطفال ناتجة عن تداخل عوامل عدة، أبرزها الاستعداد الجيني، إذا كان أحد الوالدين أو كلاهما يعاني منها، كما تلعب العوامل البيئية دوراً محورياً أيضاً، خصوصاً قلة النشاط البدني، وزيادة الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية، ما يقلل من فرص الحركة واللعب في الهواء الطلق.

الوجبات السريعة

وأضافت أن سهولة وصول الأطفال إلى الوجبات السريعة والأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية يومياً، تجعلهم أقل ميلاً لتناول الخيارات الصحية كالفواكه والخضراوات، وأكدت أهمية ترسيخ العادات الغذائية الصحية لدى الطفل من خلال تقديم أطعمة مغذية بأسلوب ممتع وجاذب، وتشجيعهم على عدم تفويت الوجبات الأساسية التي تحتوي على جميع المجموعات الغذائية الخمس «الكربوهيدرات، والبروتينات، ومنتجات الألبان، والفواكه والخضراوات، والدهون الصحية والسكريات».

وشددت على أهمية ممارسة الأطفال للرياضة لمدة لا تقل عن 30 دقيقة يومياً، لما لها من أثر إيجابي على الصحة البدنية والنفسية، كما حذّرت من الآثار الصحية والنفسية التي قد تترتب على بدانة الأطفال، التي تشمل مقاومة الأنسولين، ومرض السكري، وزيادة الوزن، إلى جانب احتمالية تعرضهم للتنمر من قبل أصدقائهم، الأمر الذي ينعكس سلباً على ثقتهم بأنفسهم، وقد يؤدي إلى اضطرابات في الأكل أو اللجوء إلى تناول الطعام في الخفاء.

. 16.6 % نسبة السمنة بين الفئة العمرية من 13 إلى 17 عاماً، بحسب نتائج المسح الوطني 2017 2018.

. 40 % من الأطفال في الدولة يعانون زيادة الوزن، بحسب الإحصاءات المعلنة.

. تفضيل الوجبات السريعة ذات السعرات الحرارية العالية على الوجبات الأساسية اليومية من أسباب المشكلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *